علي بن ابي طالب رضي الله عنه وحبه للشيخين

215 3 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين

أما بعد

أن الله جلا ذكره قد بين لنا الدين وكمله ولم يترك لنا شيئاً فيه صغيراً او كبيراً الا وقد وضح وكمل ولم يأتي هذا الدين ألينا الا بتوفيق الله ثم بفضل أمة سخرها المولى سبحانه لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم فنقلوه لنا بأمانة ودقة وتمحيص اذ لو كان في هذه الأمة شيئاً من حب الدنيا وحب التسلط وغيره من الأمور المشينة لحرفوا في دين الله وجعلوا هذا الدين العظيم يوافق هواهم ، فحاشاهم رضي الله عنهم أجمعين - كانوا أشبه بالمصطفى صلوات ربي وسلامه عليه في كل أفعاله لا يتكلمون بحضرة نبيهم صلى الله عليه وسلم الا بأدب واستأذن طائعين لأمر الله ورسوله فكانوا قوة بوجه العدو ورحمة للضعفاء فقد أدبهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بأدب الاسلام فنسأل الله ان يجزيهم عنا خير الجزاء ويحشرنا معهم يوم الدين .

فبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم حدث اضطراب بين الصحابة لا حباً في الدنيا ولكن حتى لا تتفرق كلمة المسلمين وذلك في من يتولى هذا الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفوا جميعاً على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وراضاه صاحب رسول الله في الهجرة وأول من امن به من الرجال وصدق به ولذلك سمي بالصديق فقد رأى كبار الصحابة أحقية أبي بكر في تولي أمر المسلمين لأنه الأقرب والأفضل فبايعوا جميعاً بالخلافة لأبي بكر وبعد أبي بكر كان عمر الفاروق رضي الله عنه . فلم يختلف عليهم أحدا الا قليل ثم سرعان ما اتفق الجميع على خلافتهم الراشدة وكان علي رضي الله عنه وأرضاه من اوائل من بايع محباً وناصحاً ومشيراً ووزيراً لهم وقائداً في الجيوش الاسلام لا يريد بذلك سوى وجه الله لا لدنيا او غيرها من ملذات زائلة زائفة فرضي الله عنك يا أمير المؤمنين أبا الحسنين .

فقد أتى أمير المؤمنين علي بن ابن طالب ـ رضي الله عنه ـ سويد بن غفلة ، وكان من خاصته وكبار أصحابه ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر بغير الذي هما من الأمة له أهل ، ويرون أنك تضمر لهما على مثل ما أعلنوا ، فقال : أعوذ بالله أعوذ بالله مرتين ، أن أضمر لهما إلا الذي أتمنى المضي عليه ، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل ، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه ـ رحمة الله عليهما ـ ثم نهض دامع العينين يبكي ، قابضاً على لحيته ، وهي بيضاء ، حتى اجتمع الناس . ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة ، ثم قال : ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عليه متنزه ، ومما قالوا برئ ، وعلى ما قالوا معاقب ، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لا يحبهما إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء ، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء يأمران وينهيان ، ويقضيان ويعاقبان فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لا يرى مثل رأيهما رأياً ، ولا يحب كحبهما أحداً ، مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض ، ومضيا والمؤمنين عنهما راضون ، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على صلاة المؤمنين فصلى بهم تلك الأيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قبض الله نبيه عليه السلام واختار له ما عنده ، مضى مفقودا صلى الله عليه وسلم ، ولاه المؤمنين ذلك ، وفوضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان ، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين ، أنا أول من سن له ذلك من بني عبد المطلب وهو لذلك كاره ، يود لو أن بعضنا كفاه ، فكان والله خير من بقي رأفة ، وأرحمه رحمة ، وأيبسه ورعاً ، وأقدمه سلماً وإسلاما ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة ، وبإبراهيم عفواً ووقارا ، فسار فينا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قبضه الله على ذلك ، ثم ولى الأمر بعده عمر ، واستأمر في ذلك المسلمين ، فمنهم من رضي منهم ومنهم من كره ، فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه ، وأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم ، يتبع أثرهما كاتباع الفصيل أثر أمه ، وكان والله رفيقاً رحيماً لضعفاء المسلمين ، وبالمؤمنين عوناً وناصراً على الظالمين ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ضرب الله بالحق على لسانه ، وجعل الصدق من شانه ، حتى إن كنا لنظن أن ملكاً ينطق على لسانه ، أعز الله بإسلامه الإسلام وجعل هجرته للدين قواماً ، ألقى الله له في قلوب المؤمنين المحبة وفي قلوب المشركين المنافقين الرهبة ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل فظاً غليظاً على الأعداء ، وبنوح حنقاً مغتاضاً على الكفار ، والضراء على طاعة الله آثر عنده من السراء على معصية الله فمن لكم بمثلهما ـ رحمة الله عليهما ـ ورزقنا المضي على سبيلهما ، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا بالحب لهما ن واتباع آثارهما ، فمن أحبني فليحبهما ن ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا اشد العقوبة ، فمن أوتيت به بعد هذا اليوم فإن عليه ما على المفتري ، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، ثم الله أعلم بالخير أين هو ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم 1 ".

هذه هي العلاقة التي كانت تربط الشيخين بعلي فارس الفرسان الكرار رضي الله عنه وأرضاه فقد كان محباً لهم صادقاً المشورة لله ولرسوله وللأئمة المسلمين . وكان رضي الله عنه محباً لجميع الصحابة حتى ممن اختلف معهم .

نسأل الله ان يرضي عن صحابة رسول صلى الله عليه وسلم فقد كانوا نعم الأمة التي اختارها الله سبحانه لرسوله اسرجة للعلم اضاءة دجى الظلام . واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .

1- تثبيت دلائل النبوة للهمذاني ج 2 ص 546 - 548

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Dec 28, 2009 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

علي بن ابي طالب رضي الله عنه وحبه للشيخينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن