شظايا روح

964 47 47
                                    

فضلاً اضغطوا على النجمة في الأسفل؛ إذا أعجبتكم القصة تقديراً لجهدي وشكراً❤
 
..............
جلست سارة على كرسيها خلف مكتبها، وضعت حاسبها المحمول أمام عينيها، اللتين تشاهدين باهتمام بالغ تلك الظاهرة غير الاعتيادية للبركان الذي ثار البارحة في إحدى الجزر اليابانية المقابلة لسواحل العاصمة طوكيو حيث تقيم،

صُوِّرت لحظات انفجار البركان بحرفية عالية من قبل بعض زملائها الشغوفين بتصوير هذه الظواهر.
ولم يكن شغفها أقل منهم فها هي ذي تعيد مشاهدة لحظات الانفجار مراراً وتكراراً،
ً

كان هنالك شيئ ٌ فريد،شيئ عميق في لحظة انبثاق الحمم الأولى،شيئ متصل بدواخلها مرتبط فيها بمتانة يكاد يكون قطعة منها!

هي التي لطالما كانت شغوفة بهذه الظاهرة،
مذ وعت الدنيا من حولها ومافيها
امتلكت هذا الولع بكل الظواهر الطبيعية،وإن كانت البراكين أكثر مايثير حفيظتها ويشدها، كان هذا أيضاً أحد الأسباب في أنها اختارت أن تتخصص في علم جيولوجيا الأرض.

أما دراستها لهذا العلم خارج بلدها رغم وجود فروع كهذه في كلياته العديدة، فكانت قصة مختلفة تماماً عن شغفها بالبراكين.
لنقل أنها كانت النقيض، أو القصة المضادة لهذا الوله العميق.

ولهذا السبب بالتحديد فالقصتان متصلتان اتصال الجنين برحم أمه، فلولا نشأتها في تلك البلاد لما ولد هذا العشق للانفجار! ففي بلدها حيث كل شيئ محرم وكل شيئ محظور على النساء، فإن وجود أنثى على شاكله كارثة طبيعية كالبراكين لأمرٌ جلل،هذا البركان حديث الولاده -الانفجار-.
حيث أنها تؤمن بحقيقة أننا لا نولد حقاً إلا حين نتفجر ونحرر مايعتملنا من تشظٍ ورماد،

هذا البركان عاد بها إلى أيامها الأولى في هذه الدنيا حين كانت منطقة ضعف هشة تماماً كبداية أي بركان. عاد بها إلى صورة قديمة في ذاكرتها تعود لعائلتها المحافظة، والدها المتشدد، وأمها الحمل الوديع الخاضع لجبروته، و لجبروت تلك المدينة، التي اعتادت أن تسميها وطن.

لطالما كانت سارة طفلة فضولية متمردة لها نصيب وافر من الذكاء، الأمر الذي جعلها تعاني كونها ولدت في بيئة ضحلة لاتعترف بأي حق من حقوق المرأة
ع

دى التعليم بما أنه أمرٌ لا طائلَ من محاربته في قرننا هذا.

من بين إخوتها الخمسة كانت الأكثر تمرداً وهذا ماجعلها محط أنظار، وربما موضوع يتناقله كل من ليس له شغل شاغل سوى الثرثرة الفارغة

وبهذا أعني الأكثرية الساحقة من سكان تلك البلدة البعيدة الآن كل البعد عنها.

تذكرت أولى أيام مراهقتها؛ كم كانت تسأل وما أقل الأجوبة التي لاقتها من أفواه من يحيطونها، أحياناً لقلة معرفتهم وأحياناً أخرى لظنهم أن فتاة في سنها لا يجب أن تعرف غير مايردونها أن تعرفه، ولطالما وبختها أمها على تصرفاتها الصبيانية.

شظاياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن