1.

588 20 10
                                    

بَدأتْ دموعها تتسرب مِن مُقلتيها. تُرتّبُ ملابِسها بٍعشوائيةٍ في حقيبةِ السَّفرِ وقلبُها يعتصرُ ألماً، تشعُرُ أنَّ كلَّ ما حَلِمتْ بتحقيقهِ يوماً يتطايرُ من بينِ يديها.

هي تائهةٌ وتعرفُ ذلك، وتعرفُ أنَّ لا أحدَ يُسانِدُها أو يُحسُّ بِما تُحس. يعتقدونَ أنّها تجهلُ ما حولها، يعتقدونَ أنّها عمياء عنْ ما يجري، رُبّما قد لا تَكونُ تَعرفُ الكثيرَ لكنّها تعلمَ أكثرَ ممّا يعلمُ أحدهم.

الحرب. كانَتْ هي الكلمةُ الّتي دوّى صدى سماعِها في روحها. الحربُ كانت ما بعثرَ كلَّ حلمٍ في كيانِها. الحربُ بالنِّسبةِ لها هيَ القُبحُ والبشاعةُ والألم والتيه.

انتهتْ مِن ترتيبِ حَقيبتِها، وشهقاتُها تتعالى لتملأَ الفراغَ الَّذي حلَّتْ بهِ غُرفتُها الصغيرة. لَقدْ أطلقَتِ العنانَ لدمعِها لأنها تعلمُ أنَّ لا أحدَ سيفهم، ولا أحدَ سيكتَرِث.

الحرب. يدورُ هذا المُفردُ في ذِهنها طولَ الوقتْ. يقول البعضُ أنّهمْ يُقاتِلونَ مِن أجلِ الوطنْ، هي تقولُ أنَّ مَنْ يحبُّ الوطنَ يدعهُ يحيا في سَلام. يقولونَ أنَّهمْ يقاتِلونَ دِفاعاً عنْ أنفِسِهم وعمّن يحبون، لكنّها تعتَقدُ أنَّ مَنْ يقتُلُ البريءَ ممّن هُم أضعفُ منهُ ليحيا، فهو لا يستحقُّ الحياة. يقولونَ أنّهم يُقاتلونَ دِفاعاً عن العقيدة، لكن أيُّ عقيدةٍ تسمحُ بقتلِ المستضعفينَ ليدافِعُوا عنْها؟

هيَ تَعرفُ أنَّ كثيراً منهم يختبئونَ خلفَ هذهِ المفرداتِ لكيْ يرضوا غريزتَهُمِ الدّموية، يُظهِرونَ تفاصيلاً تدعو للسّلامِ والرّحمةِ بينَما ينتهِكونَ الإنسانيةَ خلفَ تلكَ التفاصيل. هي تعرفُ كل ذلك، لذلك فهي تعرف أكثر منهم.
* * *
الفكرة عائدة لي ولا أسمح بأخذها او اقتباسها.
القصة للمشاركة في مسابقة الفئات.
heylatoya

غُربة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن