يبدو قلقا مهموما
قال اللواء بعد تردد طويل : لقد فكرت كثيرا فيما حدث امس. الحقيقه اننى قضيت الليل بطوله افكر ..فى
البدايه صدمنى بشده تصرف ساره ولكن بعد تفكير ادركت ان تصرفها عادى بالنسبه لتقاليد المجتمع الذى
عاشت فيه..
قال اللواء عندما وجد عالمات استفهام كثيره تظهر على وجه على : سأدخل فى الموضوع مباشرة ودون
مقدمات
أشعل سيجاره وقال بتوتر اكبر : انا اعرض عليك الزواج من ابنتى ساره
اندفع على يقول بدهشه : سيادة اللواء انا ال ....
قاطعه اللواء قائال : قبل ان ترفض اريدك ان تسمعنى ..هناك اكثر من سبب دفعنى لمخالفة كل التقاليد
التى تربيت عليها من صغرى وجعلنى أعرض عليك هذا األمرأولها اننى معجب بك كثيرا واعتبرك رجل
يتمناه اى انسان زوجا إلبنته .كما ان والدك رحمه اهلل كان من افضل اصدقائى ..وانت تشبهه تماما فى
اخالقه وتصرفاته ..حتى فى اسلوب كالمه
السبب الثانى هو ساره نفسها .طبيعة نشأتها وتفكيرها مختلفه تماما عنا ..وهذا ما يشعرنى بقلق كبير
عليها وعلى مستقبلها فماذا يمنع ان رفضت عرضها ان تكرر عرضها هذا مع اى رجل آخر؟ وعندها لن
اضمن ان يكون بمثل صفاتك وأخالقك...أرجوك فكر ثانية ...ربما..
قال على بأدب : سيادة اللواء عفوا ..ال أستطيع ان اقبل شرف نسبك ..فاألمر محسوم تماما بالنسبة لى .
أنا واآلنسه ساره ضدين ال يمكن ان نتفق ..فليس بيننا اى شئ مشترك على العكس فنحن نقيضين فى كل
شئ..
اهتزت السيجاره فى يد اللواء ابراهيم ..وظهر عليه الهم الشديد وقال وهو يمسح وجهه باحراج : يبدو
..يبدو . اننى ابحث عن انسان ألحمله نتيجة أخطائى ..ان شعورى بالذنب تجاهها ال يفارقنى لحظه ..فأنا
السبب فى تغيير مسار حياتها ..لقد ارتكبت فى حقها أخطاء فادحه
ساره كانت فتاه ككل الفتيات رقيقه هادئه وديعه..كانت تشبه امها الى حد بعيد وعندما ماتت امها انقلب
كل شئ فى حياتى كانت ساره فى الثانية عشر وكانت ظروف عملى قاسيه جدا وتضطرنى للغياب عن
المنزل لفترات طويله ولم يكن باستطاعتى رعاية طفلتين وكذلك كنت رافضا لفكرة الزواج ثانية ولم يكن
بوسعى اإلستقاله من عملى . فعملى هو كل حياتى فاضطررت إلدخالها واختها الى مدرسه داخليه ووقع
اختيارى على المدرسة األمريكيه للتكنولوجيا وعلوم المستقبل
ايامها كانت من افضل المدارس فى الشرق األوسط
واستمرت فى المدرسه حتى حصلت على الثانوية العامه وكجزء من برنامج التبادل الثقافى بين البلدين
وحسب سياسة المدرسه ولوائحها ونتيجه لتفوقها نالت ساره منحه ثالثة اشهر للسفر الى امريكا لتدرس
الكمبيوتر وتتعرف على امريكا
الخطأ الفادح الذى ارتكبته فى حقها هو اننى وافقت على سفرها وحدها فى هذه السن وسمحت لها بالعيش
وسط ناس أغراب يختلفون عنا فى عاداتهم وأخالقهم .. ولكنى كنت سعيدا بها وبتفوقها
وفى نهاية الثالثة اشهر فوجئت بأنها فازت بالمركز األول على طالبات المنحه وكانت الجائزه عباره عن
منحه اخرى للدراسه فى احدى الجامعات األمريكيه لمدة اربع سنوات
كان على يتابع كالم اللواء باهتمام كبير وبدهشه وعجب أكبر لكنه بقى صامتا لم يعلق
أكمل اللواء بتأثر كبير وندم وكأنه يريد ان يطهر نفسه :
كان اإلغراء اكبر من ان يقاوم.اى انسان يتمنى ان يتعلم اوالده فى دوله متحضره كأمريكا خاصة عندما
يكون من أصول ريفيه مثلى ولم ينجب اال البنات فهو يحاول دائما ان يثبت لنفسه ولآلخرين انه افضل من
من انجب الذكور
وعام بعد عام كانت الفجوه التى بيننا وبينها تتسع و تزداد عمقا حتى بدت وكأننى ال أعرفها..كلما أتت فى
أجازه كنا نشعر وكأنها غريبه عنا..وبعد تخرجها عملت هناك فى المركز وكانت تتنقل بين فرع المركز
هنا وهناك...أظن انه لوال أن المركز له فرع هنا ما كنا رأيناها ابدا فلقد تغيرت افكارها وتصرفاتها
وازدادت عصبيتها بشكل غريب