ربما يوما ما .

574 9 0
                                    

لقد كان منحط و متعب ، استسلمت أعضاءه لقسط من الراحة، فهو اعتاد التعب و روتين الاجتماعات و الصفقات الجديدة، ربما نسي أنه قبل أن يكون رجل أعمال ، فهو في الأصل مثل أيها الناس اي يجب أن يتذوق طعم الحياة الذي لم يذقه يوما  ، نعم فقد كانت تصل به وحدته إلا أن يحسد البسطاء الذين يدركون معنى العيش ، انشغاله الدائم خرب كل العلاقات بحياته، لا صداقات و لا مشاعر ، ربما صديقه العمل أصبح يعزله عن فراغه و يخفيه بفخامة ممتلكاته ، إلا أنه افتقر روحه .

لكن لم يحصل أن سمح له غروره بالتفرغ لأحد ما ، أو يظهر ضعفه ، في الشركة هو السلطان الذي يتمنى اي موظف   مقامه ، غناه الفكري والثقافي يحذره من الاختلاط ، لذا فهو يرد على حد السؤال و لا يحادث الغرباء  ، خفيف كظل يحضر ليسمع ضجة العالم ثم ينصرف ، يبصر الناس من حوله يتصارعون فيما بينهم، و هو وحيد لا يملك سوى ذكريات بداية تحقيق نجاحه ، و المجهودات التي حققت له طموحاته ، لكنه لم يغلق كتاب أحلامه بعد .

مرت شهور عدة ، لم يتغير شيء ما عدا التواريخ طبعا ، على نفس الحال هو : عمل ثم عمل ، الجديد في الأمر أنه استعاد دور الأبوة الذي تخلى عنه قبل ستة أشهر اي قبل رحيل زوجته ، لم يكن لفراقهما ذكرى لا شجار و لا كلام جارح ، فقد عاد للبيت متأخرا، فإذا به فارغ من ضجيج صغاره : ليث و رانيا اختفيا أيضا، لم يتبقى منهم إلا رائحة براءة سلبت منه يوم أهمل قيمتها  . على مائدة العشاء الفاخرة ورقة فقيرة ، عارية أمام واقع خسارته لعائلته، حملها بعد ما ان تردد كثيرا ثم فتحها و نبضات قلبه تبكي بدموع جفت في سبيل كرامته : فالرجل لا يبكي أليس كذلك ؟

زوجي العزيز،

اتوقع انك لاحظت اخيرا غيابي ، أو أنك مشغول كالعادة ، قررت تركك لترتاح لأعمالك، سانتظر عودتك كأب و زوج، ما عدت ذاك الرجل الذي أحببته ، وعدتني أن لا يفرقنا شيء و فعلا افترقنا للاشيء و صدقت انك رجل وعود ، ساحتفظ بذكرياتنا الجميلة معا في حين أن تكون قد ذقت طعم خسارة كبيرة جدا لا تظاهي الأموال انها العائلة تذكر انك لم تكن ما انت عليه اليوم .
                                  نورا .

ظلمة طيف . حيث تعيش القصص. اكتشف الآن