امسك هاتفي والقلق يتلاعب باعصابي ،ترتجف قدماي العرق يتصبب من راسي ، رموش عيني تغلق وتفتح اسرع من الضوء، وسؤال يعلنق خلايا عقليمتى ستأتي؟!
مر الوقت المحدد لوصولها،ارخيت يدي مستسلمة، وبدأت عنكبوت اليأس تبني خيوطها محتجزة فراشات أمالي، ولكن برق رجت كفي، ابتسامة شقت طريقها إلى ثغري، وتلك الخيوط انمحت من امام مملكة حلمي ، وصلت تلك الرسالة، قرأتها بصوت عالي وألحآن النصر تتناغم مع صوتي:
"لقد تم قبولك في جامعة لندن الدولية، في السابع من سبتمبر ستكون رحلتك بحلول الساعة السابعة صباحاً "وتلك اخر احرف اقولها وبعدها صرخت بقوة وكأني اسد قد توج الان، جاءت والدتي واختي وهما قلقتان والاستفسارات تتمسك بوجهيهما
" ماذا حدث؟"
كان ذلك السؤال منطلقاً من ثغر والدي، قلت والاحرف ترقص فرحاً بين شفتاي:
"لقد تم قبولي،ابي ، لقد تم "
عانقته من شدة الفرحة وبدات شلالات دموعي بالانهمار، ولاول مرة منذ طفولتي ابي يربت على ظهري وقد بادلني العناق ، في تلك اللحظة لا اعلم ما هي المشاعر التي قبعت بداخلي، فرح ،نجاح،حنين،حب، شوق،حزن
ابتعدت عنه لتستقبلني والدتي بالاحضان الدافئة ،غمرتها بيدي وهي تقبل وجهي وتبكي ، فتلك الفرحة كالمطر وقد سقت حقلاً من النبات التي يأست من قدوم الغيث
بعد ذلك الاحتفال ،دخلت غرفتي فتحت هاتفي لارى كماً من الرسائل ،امسكت الهاتف ، اتصلت عليه والفرحة تتملكني ، ولكن اصبحت مكالمة لم يرد عليها ،انزلت هاتفي وشاهدته متصل الان، قلت في سري :
"يبدو انه منزعج"
حاولت ارضاءه ،رغم ان فرحتي بالقبول اختفت قليلاً ولكن لا بأس فهو اهم مني ، لم اقل له! اتعلمون لما؟ لانه هناك في تلك الجامعة ، انا صررت على دخولها رغم اني اضعت سنة كاملة من عمري ولكن لا يهم طالما انني ساكون برفقته
اليوم هو السابع من سبتمبر ،انا في مطار لندن ،ها قد وصلت إلى المدينة التي هو بها، لم أقل له لذلك لا احد يستقبلني، وضعت جهاز تعقب مكان الشخص ،ركبت أحد التكسيات وبدأت اصف له المكان ،اوصلني للجامعة ولكن قلت له ان ينتظر مقابل مبلغ من المال، دخلت الجامعة وامسكت هاتفي طلبت رقمه هو لن يكون بالمحاضرة فهو يكره ان ياخذ دروسا في الصباح ،ولكن يحب الذهاب إليها باكراً ،وانا انتظر رده ،رد علي وقال:
" اهلا دارين لماذا تتصلين الان ؟"
استغربت قليلا من سؤاله ولكن قلت له بسعادة:
"هناك مفاجئة لك"
قال بإنزعاج:
" ليس الان، صديقي ينادي علي،وداعا"
اغلق الهاتف دون انتظاري حتى كلمة وداعا مني ، اردت ان اعود ادراجي ولكن صوت احداهم وهو يخترق طبلة اذني:
" لم يتقدم لكِ شخصٌ افضل مني لذلك انا اعتذر من قلبي ،لا تضيعي تلك الفرة من بين يديكِ"
ذلك الصوت مصدره خلف الشجيرات القريبة ،
لم ارد الذهاب ولكن دفعني الفضول من الذي يملك نفس نبرة صوته، اقتربت وليت جسدي لم يذهب إلى هناك ، فهذا ما اكرهه بنفسي فضولي المميت، اجل لانه قتلني آن ذاك، انه هو عيسى ، سقط ما بيدي من صدمتي ،كأني عجوز تنظر إلى بيتها وذكرياتها تهدم امام عينيها،ادار وجهه لتصدم مقلتاه بيقال بصدمة كالجليد واكثر:
"دارين؟!!! كيف؟!متى؟ "
لم تخرج من فمه أي جملة مفيدة او متكاملة، حملت ما اوقعه تفاجئي وهرولت إلى سيارة التكسي التي كانت تنظرني ،دخلت بها بسرعة،واتجه بي إلى سكن الطالبات، كجسد جرد من روحه،من تلك التي تحدث إليها؟! هل هو يخونني؟ ألم يقل انه يعشقني؟ هل اذنبت بحقه؟ ااه ،راسي مليئ بالاسئلة التي تفتقر إلى جواب ؛ لا ادري هل انا المخطئة ام هو؟
سحبني من ذهولي وخيبة أملي قطرات المطر تلامس النافذة، باردة ولها طعم من حنين،وتعبق برائحة الذكريات ، لم اتمالك نفسي، ليتفجر نهر دموعي الهادئ،حاولت ايقافه بمسح عيناي بيدي ولكن لا فائدة ،فكما يبدو ان انطار ذكريات تمد تلك الدموع الدافئة ، ولكنها حارقة لي ، وصلت لذلك المسكن ، يبدو انها بداية سيئة،دخلت إلى موظفة الاستقبال، قلت لها الاسم والحجز ،قدمت لي المفتاح ورحلت انا إلى غرفتي الجديدة، ولكني لن افرح بها ،ولن تكون بها لذة او اي طعم من السعادة، كلها سلبت مني، بكلماته فقط وموقفه، لم اعتقد انه سيلحق بي، اخر ما شاهدته وانا بالسيارة، لهاثه المتقطع وهو ينادي:
"دارين! انتظري،دارين"
أنت تقرأ
ذكريات ومطر
Mystery / Thrillerوحين سقوط تلك القطرات ،تعبق بذكريات ما إن تلامس حبتها جسدك سيدخل إليك الحنين ، وما إن تستنشق تلك الرائحة يزرع في قلبك مفتاح للصندوق الذي طالما حاولت اغلاقه ، ولكن ماذا لو كانت تلك الذكريات تتناول كل شيء ، فهل ستتجرأ على الوقوف تحت المطر ام ستتجنبه !