رميت جسدي على ذلك السرير، الافكار تتضارب وصوت المطر يضفي إلى الجو بعض القلق والحيرة، اغمضت عينيّ لتتدفق الذكريات إلي، أمسكت تلك الدموع التي وقفت على باب جفناي تطلب الخروج، حاولت ان اجعل النوم ملكاً لمقلتاي ولكن هاتفي بدأ بالرنين ، دخلت تلك العاصفة إلى قلبي بقوة ، نبضاتي كأمواج تتشاجر مع بعضها وتقول (إنه هو) ، تناولت هاتفي ونظرت للاسم، ظهرت صورته قد أسميته " حياتي" ، ابتسامة انسكار تعلقت على ثغري الكئيب ، هل أكلمه ! أم مااذا؟ ، ظل صوت الهاتف يصدح بغرفتي كثيراً ، بعد ثلاث مكالمات فائتة تنفست تنفس الصعداء، ضغطت اصابعي على كلمة (الرد) ، لم انطق او احرك شفتاي. قال وكأن ردي عليه أعاد الحياة له:
" ااه ، اخيرا رددتي دارين، ارجوكِ لا تغلقي، دعيني اوضح لكِ "
كل ما رد عليه تنفسي ، اكمل كلامه :
" تلك الفتاة كانت حبيبتي السابقة ، ارادت العودة إلي رغم تقدم احدهم لها حاولت ابعادها كثيراً ولكن لم يجدي معها اي طريقة ، قررت اخيراً محوها من حياتي كلها، فأنتَ كل شيء بالنسبة لي ، انا احبكِ جداً ارجوكِ لا تتركِ قلبي وحيداً والان بعد ان رأيتك امامي ، لم اصدق ذلك ، اعتقد انني احلم الان ، ولكن هذا لا يهم طالما انني سأراكِ بجانبي كل يوم "
لا أعلم ماذا اقول؟ لقد اخطأت الظن به ، انه ليس كما اعتقدت، لم ادري بماذا انطق ولكن شهقاتي المكتومة خرجت وتلك الدموع ايضاً ، قلت بين غصتي التي سترحل عني بعد كلماته :
" وانا أحبكَ جدا، اعتذر انني لم اتاكد من قبل وهربت منك، ولكني عندما سمعت كلماتك معها احسست وكأن شيئاً يدق قلبي بقوة ، لقد آلمني بشدة لن أسلمك لأحد ابداً "
صحيح انني لم اره ولكني شعرت بإبتسامته السعيدة ، قال لي بحب :
" حسنا، حلوتي ، الان ، اذهبي للراحة وغداً اراكِ بالجامعة، لا تنسي فأمامك طريقاً صعبا وشاقاً "
ضحكتٌ بخفة وقلت بفرح :
" لن أقلق من شيء طالما انت بجانبي "
قال بهدوء :
" وداعا، أحبكِ"
رددت عليه :
" وانا أحبك أكثر "
أغلقت الهاتف وتنفست بإرتياح ، ضحكت على سذاجتي ، قلت بضحكة بلهاء :
" يا لي من حمقاء"
تذكرت المطر ، وهرولت بسرعة إلى السطح أتجمل بتلك القطرات الطاهرة ، لم تكن باردة بل لطيفة تلامس وجنتاي الطرية ، فككت شعري ذو الخصلات السوداء كالليل لأترك الهواء يتلاعب به
....الراوية....
بعد الانتهاء من موعد المطر ذاك ، نزلت دارين على الدرجات صادفت بعض الفتيات الاجنبيات ، نظرن لها بتعجب وذهول ، بياضها الناصع ، وخصلات شعرها السوداء الطويلة ،عينيها الكبيرة ورموشها الطويلة، رشيقة بقامة ملفتة ، رغم انهن فتيات إلا انها جعلت من عيناهن تلاحقنها ، دخلت لغرفتها استحمت وعادت إلى سريرها
أنت تقرأ
ذكريات ومطر
Misterio / Suspensoوحين سقوط تلك القطرات ،تعبق بذكريات ما إن تلامس حبتها جسدك سيدخل إليك الحنين ، وما إن تستنشق تلك الرائحة يزرع في قلبك مفتاح للصندوق الذي طالما حاولت اغلاقه ، ولكن ماذا لو كانت تلك الذكريات تتناول كل شيء ، فهل ستتجرأ على الوقوف تحت المطر ام ستتجنبه !