وبدأت التجربة.. وهناك.. اكتشفت أشياء كثيرة.. اكتشفت أن هناك أشياء كثيرة في الحياة أهم من الحب المادي البسيط الذي نجمع في بوتقته كل معاني الحياة.. هناك الحب الأعظم.. حب الحليم الرحيم.. الله.. الذي خلقني ووهبني النعم الكثيرة.. وهبني العقل والسمع والبصر وسخر لي السماء والأرض وكل شيء..
الله الذي اختارني من بين الملايين لأكون مسلمة.. جعلني أسير.. وأتكلم وأسمع وأفهم.. منحني آلاف الآلاف من النعم العظيمة.. واختارني للابتلاء حتى يمحو ذنبي.. نعم.. حين خلقني بجمال بسيط كان يريد ابتلائي فهل أصبر أم سأكون من الكافرين بنعمه..
يا الله.. يا مولاي وسيدي.. أحمدك.. كم أحبك يا الله.. منحتني هذه الحياة.. فيئست منها وكأني أتذمر من هذه الهبة العظيمة.. أمضيت وقتي في الحزن والتذمر ولم أفكر في التوجه إليك سبحانك..
وبدأت أذوق طعم السعادة التي لم أذقها في حياتي.. وشعرت بالرضا عن نفسي.. بل بدأت أحبها وأحترمها.. وشيئاً فشيئاً بدأت ثقتي بنفسي تزداد حتى استطعت أن ألقي كلمة على الطالبات في المصلى عدة مرات.. كنت أشعر أنهن لا ينظرن إلى أسناني أو عينيَّ الجاحظتين بقدر ما ينظرن إلى الكلمات التي تخرج من قلبي..
أصبح جدولي مليئاً بالأنشطة.. وأصبحت أواظب على حفظ أجزاء من القرآن مع جماعة المصلى.. أصبح لدي صديقات يضحكن ويمزحن معي دون أن أشعر بأي نقص عنهن.. لأن ما يجمع بيننا لم يكن علاقة دنيوية بسيطة تعتمد على المادة والمظهر والشكل.. العلاقة بيننا كانت أسمى من ذلك.. كانت علاقة أرواح.. علاقة حب في الله.. حبٌ لأجل الروح التي حلقت وسمت في فضاء الحمد والشكر لله..
أصبحت أنظر لكل شيء بحب وجمال، حتى انعكس ذلك على حديثي وملابسي واهتمامي بنفسي التي أصبحت أحبها..