أينما ذهبتِ هناك من سيبحث عنكِ

154 15 7
                                    

في صباح ذلك اليوم انتظرت مجيئها طويلا ، دخلت الصف مسرورا فقط من أجل أن ألقاها هي كنت أنتظرها لحظة بعد لحظة و ثانية بعد ثانية و جزءا بعد كل جزء ولكنها في ذلك اليوم .... لم تأتِ !! أنا لم يسبق لي وأن زرت أحد أساتذتي في منازلهم أو حتى سألت عنهم مهما كانوا ولكن غياب الآنسة مها جعل غيابا روحيا في داخلي كنت مصرا جدا على السؤال عن منزلها والذهاب لزيارتها فأول ما فكرت به هو أن غيابها قد كان بسبب مرضها لا غير إلا أنني عجزت عن الحركة والسير في خطتي لما دخل مدير المدرسة يقول : '' السلام عليكم طلابي الأعزاء ، أنا فعلا آسف حقا بسبب انتظاركم لهذا اليوم .. أردت اخباركم بأننا سنجد لكم معلم موسيقى سريعا وهذا وعد مني تعبيرا عن أسفي على ذلك '' وقفت بدهشة وقلت بصوت خائف مرتفع : '' ولكن .. لكن أين ذهبت المعلمة مها يا أستاذ ؟ '' كانت عيون الطلاب من حولي مركزة علي ولا أخفي أبدا أنها أكثر ما يخيفني كانوا ينظرون إلي بشكل غريب وأسئلتهم واضحة على وجوههم (( ماذا تفعل ؟ ماذا تريد ؟ كيف تقوم بهذا ؟ )) هذه الأسئلة ببساطة لا تخيفني والجواب عنها سهل بسهولة نطقي لاسمي ولكن الصعب هو أن أسأل نفسي (لما فعلتُ هذا ؟) هل يعقل أن هذه المرأة التي رفضت طلبي اليها بالأمس ما تزال تزور خواطري أما تزال تطرق أبواب عقلي ؟ أفي الأمر مذلة أم أن الزواج حرام؟ ...

قال المدير :'' آه نعم نسيت أن أخبركم أن المعلمة مها قد سافرت بعيدا ولا يمكنها العودة ثانية لمدرستنا هذا لأن شهر عملها هنا قد انقضى وهي ترجو منكم أن تسامحوها وأن تجتهدوا في دراستكم كما أنها أخبرتني أن أقول لكم إنها اسفة إن أذت أحدكم بلا قصد منها فهي لم تكن تقصد ذلك ولم تكن تريد ذلك إلا أنها فعلت ذلك من أجل أحدهم '' ما قاله المدير لنا عن الآنسة مها جعلني اصمت أياما وليال وساعات وثوان هل المعلمة مها ذهبت ولن تعود أبدا ؟ ! شعرت أن رسالتها الأخيرة كانت موجهة إلي دون غيري رغم أنها لم تذكر اسمي ولم تلمح لشخص واحد بيننا إلا أن الرسالة موجهة إلي ! لا أعرف لما أشعر بهذا ولا أعلم لما انهرت بالكامل الآن ربما لأن من كان يحفزني وكان يحقق أحلامي بلا شعور منه قد مات الآن ، هل انقضى عهده في حياتي يا ترى ؟...

...................................بعد مرور 4 سنوات .............................

لن أنس تلك الليلة أبدا الليلة التي جاءني فيها تلميذي المميز وائل يطلب مني شيئا ، قال لي حينما انتهى الدرس : '' آنسة مها أريد مقابلتك عند النافورة القريبة من الحي إن لم يكن لديك مانع فانا أرجو حضورك '' لم أكن أعرف لمَ قد يطلبني أحد تلاميذي بهذا الشكل وعند النافورة أيضا تساءلت لما هذا المكان بالذات فإن كان يريد الحديث فليتحدث لأن الصف وذلك المكان غير مختلفين كثيرا فكلاهما تجد فيهما أناسا وآذانا صاغية كثيرة ومع ذلك لم أرفض ابدا ملاقاته ولكن وقتها كانت أختي ندى مريضة ففضلت أخذها للمشفى ثم الذهاب لمقابلة وائل إلا أن حرارتها ارتفعت بشدة فاضطررت للبقاء معها طويلا وهذا ما أخرني عن الموعد المحدد بحيث وصلت إليه في تمام الساعة العاشرة مساءً فكان في اعتقادي أنه لن ينتظرن أكثر من ساعة ويغادر إلا أنني وجدته فعلا في انتظاري !! ..

بيني وبينكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن