(من خلف النافذة)..
في كل ليلة وتحديداً بعد منتصف الليل,أشاهدة من خلف
نافذتي أراقب عاداته وطقوس الوحده التي كان يعاني منها,
كنت أتعجب حين يأتي كل ليلة ويحمل الكثير من الكتب,لا أعلم هل هي روايات؟أو انه أستاذً يمنح طلابه دروسً خصوصية,أو انه يستخدم قراءة الكتب المنوعة للهروب من أمر ما يعاني منه!
الذي كنت أعلمه حقاً انه تجاوز الثلاثون من عمره دون تكوين أسرة أو أصدقاء أو حتي حبيبة ترافقه وتأنس لياليه أو حتي أحدا من أقربائه يأتي لزيارته
وحدتهُ أصابتني بالوحده,ومن خلف نافذتي المقابلة لنافذته, أراه هائماً مع الكُتب,يرتوي الكثير من كؤوس الخمر,ولم يكتفي بهذه العادات فحسب! كنت أري فيه كل أوجاع الوحده وتفاصيلها!كل الحروف الخارجة عن النص ومعانيها!رأيت فيه رجلاً رفضه العالم,كما رفضت اللغة العربية بعض قواعدها ومصطلحاتها ورموز ترقيمها,
تمنيت لو كان بأمكاني أن أدعوه علي فنجان قهوة وحديث يدور بيننا يكشف لي سر وحدته وأنعزاله
تمنيت لو كان بأمكاني أن أدخل بين تفاصيله,
ولكن صديقاتي وكل بنات الحي وحتي أسرتي ترفض هذا!لأنه أعزب وأنا في سن العشرين وكان هذا لهم مخالف لأمور العادات والتقاليد
يتهرب منه كل البشر وكل سكان الحي!مثل ما تهرب هو منهم وقرر العزلة
أصبحت عادتي كل ليلة أن أراقبه في صمت من خلف النافذة , لقد كان دقيق جداً في مواعدة الوحده!
يأتي إلي منزله في نفس الوقت من كل ليلة ويفعل الأشياء نفسها في نفس الوقت ايضاً !
كان وفياً جداً لأوجاعه وعزلته ووفياً ايضاً لقراءة نفس الكتب ووفياً ايضاً لكأس الخمر
والعجيب أنه وفياً لأخلاقة في الأبتعاد عن ملاحقة النساء بشهواتهِ ! قرر الأرتباط بنفسه وبعزلته وبخذلانه
وفي يوم قرر الموت أحتضانه لينتهي من أوجاعه ووحدته بسكتة قلبية.
أنت تقرأ
من خلف النافذة
Short Storyالوحدة تصنع بداخلنا شخصية معاكسة لذاتنا,شخصية امتلأت بغبار العثرات وسموم البشر