مَن أنا؟
أنا مَن يُفتن بالجمال، لستُ شخصاً مشهوراً، لستُ بتلك الوسامة، لستُ ذا ذكاءٍ خارق، أنا فقط شخص عادي، يحب الجمال، جميعنا نُحب الجمال، ولكن الجمال الذي أُحبهُ أنا ليس ذاك الجمال الذي يفتن جميع البشر، ولكنه يفتن النابه منهم، لا أقول ذلك لأبين مدي نباهتي، بل علي النقيض، أنا شخصاً عادي، لا يميزه عن غيره شئ، ربما تُميزني تلك النبرة العالية بصوتي، ولكني أراها عادية، كل من عرفني أخبرني بكم هي مميزة، لكنني لا أري ذلك التميز، يروني متواضعاً وأري نفسي عادياً يخلو من التواضع. وقد فُتنتُ بها، هي فقط.. تلك الفتاة ليست عادية، قد تبدو عادية بالنسبة للبعض ووقحة للبعض الآخر، ولكني أري بها ما لا يراهُ الناس، أري الجوهر الكامن بداخلها، تلك الشخصية الرقيقة المخفية داخل تلك البلورة والتي تعطيها رونقاً خاصاً من نوعهِ، تلك حبيبتي، هي من تُضفي ليومي البهجة، هي تلك الفتاة البسيطة المظهر، ومقارنةً بي هي تبدو قصيرة، هذا المفضل لدي.. بيضاء كبياض الثلج، شعرها الاسود القصير المنسدل، عيناها الكبيرتان وكأنهما قطعتان من القمر، تلك الملامح الدقيقة وكأن رساماً بارعاً أخذ يرسمها بلوحته الفنية التي قد تكون أخذت من الوقتِ عشرة أيامِ لرسم الملامح وحدها، هي حقاً لوحة من الجمال، ولكنهم لا يرون سوي نظارتها الطبية وشعرها المبعثر، شخصيتهاً الوقحة تارة والتائهة تارة آخري. بالنسبةِ لي أرها الحياة. هي الآن تجلس أمامي بالمحاضرة، ممسكة بقلمها لترسم أشكالاً غريبة بورقتها الفارغة أمامها، وبجانبها صديقتها التي تعبث بهاتفها، كنتُ أحدق بها بلا وعي حتي سمعت اسمي يعج المكان، تراجعتُ للخلف بفزع، ونظرتُ حولي حتي أدركت أنهُ كان الاستاذ الجامعي من كان ينادي بإسمي، وقفتُ إحتراماً لهُ حينما أردف هو بذلك السؤال المُعتاد، أعتقد لا أحد منا لم يُسأل هذا السؤال، ما كان هذا السؤال إلا "أممكن أن تُعيد لي ما كُنتُ أقولهُ منذُ حين؟ " أشرت بإصبعي السبابة نحو منتصف صدري متسائلاً هل هو أنا! حينها أشحتُ بنظري بعيداً ثم أعدت نظري لهُ وأنزلتُ رأسي بخيبة أمل حينها رأيتها تنظر لي بمعالم ساكنة حتي جعلت قلبي يكاد يخرج من مكانه، دقات قلبي تتصارع مع صدري لتجعلني ارتجف، فقدت القدرة علي الكلام، تباً حقاً لما انا، أفقتُ من شرودي مجدداً علي نكزة صديقي مين سوك بجانبي لأنتبه علي الاستاذ وهو يُحدثني "أتمني أن تستمع لي في المرة القادمة وإلا طردك من المحاضرة. " أومأت بالإيجاب ليتحدثاً مشيراً بيديه "اجلس" ففعلتُ. عدة دقائق حتي أنتهت المحاضرة لأري صديقتها تستدير لتوجه نظرها لي بإهتمام "أظن أنه عليك أن تذهب لتعتذر منهُ" كنت علي وشك الإجابة حتي وجدتها تلتفت نحوي ثم نحو صديقتها لتردف بصوتها الناعم الذي يقتلع قلبي من مكانهُ "هو لم يخطئ بشئ. " أبدو مبالغاً بمشاعري بعض الشئ ولكن هذا أنا، وما عسايَّ أن أفعل، أنا حقاً لم أخطئ بشئ إن فكرنا ملياً ولكن لمَ تخبرني أن أعتذر؟ أخليتُ حلقي لأنظر لعينا صديقتها مباشرة "هي محقة أنا لم أُخطئ بشئ، فقط شردتُ، ومن منّا لا يشرد أحيانا؟ "
لا تنظري ليّ، لا تنظريّ لي جانج ماري، لا أتحمل أرجوكِ."حسناً أظن أنني كنتُ مُخطئة حينما أردتُ مساعدتك، إلي اللقاء أيها الحالم" همت لتقف وحينها جذبتُ معصمها ناحيتي بقوة حتي كادت أن تفقد توازنها"حالم! " تعجبت، حَاولتْ إفلات قبضتي ولكني كنتٌ أقوي منها، هيهات، أنتِ تتعاملين مع كيم جونج داي أيتها الوقحة. "أترك يداي " نظرت بعيناي، كادت عيناها أن تشعُ شراراً.
"قُلت أتركها" رفعت حاجباي بتحدٍ "وماذا إذا لم أفعل؟ "
"آه.. أنت تتحداني! ، دعني أُخبرك أن هذا التحدي غير عادل بالمرة، أنتَ تُظهر قوتكَ علي فتاة تفتقر لتك القوة! كم أنك غبي ولا تستطيع التعامل مع الفتيات" فقط حسناً أعتقد أنني وضعتُ نفسي بموقف لا أُحسد عليه. أفلتُ معصمها حينما وضبت هي شعرها المبعثر بعدما شددت يدها علي حَفة تنورتها القصيرة لتجعلني أشعر بالذنب ناحيتها، حسناً لقد تماديت. "أنا آسف" أقسم أنها تكاد تبكي الآن، فقط لِما أُضع دائماً بمواقف لا أُحسد عليها! همت للذهاب تاركة ماري من ورائها تنظر لي بعتابٍ، كل ما أريدهُ الآن هو أن تنشق الأرض وتبتلعني، نظرتُ بعينيها حينما إرتزعت قبضتها لتجعلني أنتبه لها "أعتقد أنك تعلم كونك لم تكن مخطئاً ولكنك تماديت كيم جونج داي، أنا حقاً نادمة لأني دافعتُ عنك."
"حسناً أعترف أنني مخطئاً ولكن أريدها أن تسامحني، ما عسايّٰ أن أفعل؟ أرجوكِ ساعديني. "
"آسفة ولكن أظن أن من أخطأ يتحمل عواقبه." قالت بعدما همت ذاهبة هي الأخري لأظل أحدق ببقعتها الفارغة. "يالهُ من يومِ سئ." ترددت تلك الجملة بمحياي لأدرك مدي أنني لستُ عادياً، أنا أسوء من ذاكَ العادي الذي أظنهُ بي. ثلاثة أيام مراَ مرورِ الكِرام وانا بمنزلي لم أتزحزح خارجهُ ولو لدقيقةً واحًدة، أود أن أعتذر لها ولكني ليست لدي الجرائة الكافية للأعتذار أمام صديقة الفتاة التي أُحبها، قررت التحليّ بالشجاعة اليوم، هممتُ بإرتداء ملابسي بعد أن أخذتُ حماماً دافئاً لأتقدم نحو الأسفل لأتناول فطوري مع هؤلاء الأشخاص الذين أعتبرتهم أخوتي، أجل فأنا لستُ من سيؤول وإنما من بوسان، جامعتي هي جامعة سيؤل لذا أسكن مع هؤلاء الشُّبان مُنذ سنتان، لنعد لموضوعنا الآن، وطأت أناملي تلك الجامعة، أعتقدت أنني خائف ولكن ها أنا الآن أقف داخل الحرم الجامعي دون إرتباك، حيناً أعتقد أنني بالغت قليلاً بردة فعلي، أو أكثر من القليل، من يهبأ، جرتني قدماي نحو قاعة دراستي لآذهب لمقعدي بِكلِ ثقة لآراها تدخل مع صديقتها حالما جلستُ، سأتشجع، تحركت نحوهما "آنا آسف يونجي" أردفت وقد ألتصق حاجباها ببعضهما "ألازلت تتذكر! حسناً هذا لم يكن شيئاً، لا عليكَ"
"أحقاً! لكن أعتقد أنيّ قد أسأت لكِ"
"أترفض قبولي أسفك؟ "
"لا ليس هكذا، ولكنكِ حقاً لطيفة"
آه، يال غبائي، أأقول ذَلك أمام صديقة حبيبتي! لحظة ولكن لما ماري تبدو غاضبة؟
"شكراً لكَ"
حككتُ رأسي قليلاً "آه عفواً"
"حسناً إذاً سَنذهب لِنجلس"
"أجل تفضلا"
ذهبت لأجلس خلفهما حينما لاحظت أن ماري تبدو حقاً غاضبة.
أستأذنت يونجي من ماري أظن لتذهب لمكانٍ ما، لم أكن منتبهاً لما تقوله، فقط أنظر لماري، أفكر لما غاضبة، حالما ذهبت أعطيتُ نفسي بعض عِبارات التشجيع ووضعت إحدي يداي فوق كَتِفها النحيل لتستدير إليّ، أخليتُ حلقي لأتنفس الصاعداء وأتشجع لأتحدث أخبراً بينما علامات الأبهام قد غزت وجهها "عذراً ولكن لا تبدين بخير، ماذا بكِ؟" إرتفعت شفتاها لأعلي حينما قررت الأجابة هلي سؤالي المتطفل هذا لأتفاجئ بسؤالها ليّ "هل تحمل المشاعر ليونجي؟ "
"ماذا! "
"فقط أجب عليّ سؤالي"
حينها حقاً أردتُ الأعتراف، أردتُ لكن أظن أن شفتاي لم تَرد، كانت عكسي تماماً، لا تُريد النطق بالعكس، حينها حتي لا تسئ ظني أكتفيت فقط بقول "حسناً هذا ليس صحيحاً بالمرة، لا أكن لها المشاعر حقاً." تَنَفست الصاعداء لتردف بإرياحية "هذا مريح"
تعجبتْ "مريح؟" لأراها ترتبك " آه أقصد أنها تُواعد بالفعل ل..ذا هذا مريح" هل حقاً تقصد ذلك، لستُ غبياً "لأصدقكِ القول أنا أكن المشاعر لشخصٍ آخر" فقط أردتُ أن أتأكد من ظنوني وشكوكي، عادت ملامح الغضب تغدو وجهها من جديد لأتأكد حينها، هل تُحبني حقاً! كدتُ أسألها حتي وجدت يونجي تستأذن من ماري لتبتعد قليلاً حتي تستطيع العودة لمكان جلوسها، لما حظي دائماً هكذا! حسناً ربما ليس من المقدر لي المعرفة هذا اليوم، ربما يوماً آخر بعد. عدتُ لغرفتي بمنزلي ولم أستطع أن أُخلي تلك الافكار عنيّ، هل تحبني كما أحبها؟ منذُ متيَ وهي تُكنّ ليَّ المشاعر! آه فقط جونج داي حاول أن توقف ذَلك الوسواس القهري عن العمل قليلاً، فقط لتذهب للنوم.يوم، يومان، ثلاث، أربع.. حقاً لا أعلم ولكنّ متي سأراها بدون يونجي لأستطيع أنّ أتأكد من مشاعرها؟ حسناً أهو اليوم؟ أعتقد ذلك حقاً، فهي الآن وحيدة، إنها فرصتي الوحيدة لأتحقق من الأمر، لأصدققكم القول أنا في طريقي إليها الآن، خطوات متثاقلة، خطوة للأمام وأخري إليّ الخلف، تشجع جونج داي، اليوم هو يومك، هي شاردة، أبعدت نظري عنها لأري أنها تنظر خارج النافذة، إنها تُثلج، هذا أول يوم تهبط بهِ الثلوج -First snow- ، إنهُ الأول من ديسمبر، اليوم هو يومي، لن أتحقق من مشاعرها فقط، ولكن سوف أجعلها تتحقق من مشاعري هيَ الأخري، ها أنا الآن أمامها أُخلي حلقي ثانيةً لأتحدث "جانج ماري.. " إلتفتت إليّ رافعةً كلتا حاجباها للأعل في إنتظار ما سأقولهُ "أستأذنك، هل يمكن أن تأتي معي قليلاً؟ "
"ماذا هُناك؟ "
"ستعرفين حالما تأتي" قُلتُ مبتسماً لأراها تتعجب قليلاً، سأفاجئكِ أيتها الحمقاء ماري. "حسناً" همت بالوقوف لأمسك معصمها وأجرّها خلفي بِسعادة. "إهدأ قليلاً هذا مؤلم جونج داي" لم أهتم، لا أريد تفويت الفرصة حقاً. توقفت لتتوقف هي الأخري خلفي، تركتُ معصمها لأنظر للمكان، نحن بالساحة الأمامية للحرم الجامعي، أجل وسط الثلوج، فقط أود أن يكون الأمر رومانسياً قليلاً. لا يُهم كم أنّ المكان بارد.
"ماذا هُناك أيُها المعتوه، ولما هذا المك.. "
قاطعتها حينما وضعت إحدي أصابع يدي اليُمني فوق شفتاها لتتوقف عن التفوه بالتفاهات، هذا دوري الآن..
"جانج ماري.. هل تُحبينني؟ "
تفرقت شفتاها لتصعق، حاولت الرجوع ولكنيّ منعها حينما قد إحتضنها من الخلف بينما أحطتُ يداي حول كتفاها، أستطيع معرفة أنها قد تسمرت بمكانها الآن، أبعدتُ يداي عنها لأديرها إليّ وأضع كِلتا يداي فوق كَتِفاها النحيلان.
"أُحبك أيتُها الحمقاء"
لم أشعر حينها إلا بشفتها فوق شفتاي لأصعق بشدة وأظل بمكاني مذهولاً لبعض الوقت حتي إبتعدت لتعانقني لأبادلها العِناق بينما أردف بجانب أُذنها بصوتِ خافت يداعب بشرتها الحليبية "أعشقكِ" لتبادر هي بتشديد ذلك العِناق حول جسدي، أكاد أبكي من فرط مشاعري الآن، أصبحنا نتواعد رسمياً الآن..
بالفعل كان هذا يومي..
الأول من ديسمبر.