الفصل الرابع

2.3K 73 3
                                    



طوال فترة المساء رجوت اختي الصغرى ان تشاركني النوم في غرفتي ولكنها ابت الا ان تبقى في الغرفة اللتي تتشاركها مع اختاي الاصغر سناً منها ، واما اخواي الذكور فينامان في ركن الصالة.


غرفتي في السابق لم تكن سوى حجرة صغيرة تتراص بها الاغراض المختلفة من مؤن واغطية واشياء اخرى مختلفة ، لكن مع اصراري والحاحي المستمر قمت بالاستيلاء عليها وتحويلها إلى غرفة خاصة بي بحكم انني البكر ويجب ان احافظ على خصوصيتي واحظى ببعض الراحة فأنا على كل حال تخليت عن دراستي الجامعية من اجلهم .

اذاً تحول المخزن الصغير إلى ملاذي والان الى مصدر رعب يحيطني ، ملاذي الذي لم اقبل بان تطئه قدم احد غيري ، اراني الان اتوسل ليدخلوه بل ويناموا داخله .


بعد جهد وتوسلات كثيرة قبلت اختي ان تنام معي في الغرفة مع شروط كثيرة .

دخلنا الغرفة ومن فوري تمددت على السرير اما اختي ففرشت الارض ونامت ، يا الهي اختي غطت بالنوم من فورها اما انا فعدت لاحدق بالسقف ، ما الذي سأفعله الان لقد دعوتها لغرفتي حتى لا احس بالسكون والوحدة ولكنها نامت الان وانا اشعر بالخوف كلما تذكرت ما حدث معي سابقاً في ذاك اليوم.


اجبرت نفسي ان اغير تفكيري وان ابدأ بحلم يقظة يضم شيء اخر تماماً، لربما فرصة من وراء البحار لدخول الجامعة او وظيفة بسيطة تبعدني عن البيت بضع ساعات فأرفه عن نفسي بها وإن كان بها بعض التعب، امنياتي بسيطة ولكنها مستحيلة لفتاة بوضعي الاجتماعي والمادي وهذا ما يجعلها من اجمح احلام اليقظة التي امارسها.

لا اعلم كيف ذهبت من الجامعة إليه ولكن ما اذكره بأنني سمعت جرس البيت ، نهضت من سريري مسرعة بعد ان توالت طرقات الباب واصوات الجرس بينما لم يجب عليها احد ، كنت غاضبة واصرخ باسماء اخوتي وانادي على امي بان تفتح الباب اللعين لكن دون جدوى .


لم يكن من احد في البيت فقط انا وصوت الجرس ، اسرعت للباب افتحه لأراه يقف هناك كما اول مرة ، ليس بالطويل كثيراً بأكتاف عريضة بشعر اسود اشعث قصير ، حاجبان عريضان ورموش طويلة ، له عيون بندقية ذات بريق وغمازتين تسكنان وسط خدوده ، لحية خفيفة وذقن بارز ، يرتدي بنطال كاكي ضيق نوعاً ما مع قميص ابيض ذو اكمام طويلة اقسم اني استطيع رؤية انحنائات عضلات صدره وبطنه من خلاله.

كنت احدق به بشدة ، ادرسه جيداً ، ابتسامة صغيرة على وجهه سرعان ما تحولت الى ابتسامة عريضة كشفت عن اسنانه البيضاء المتراصة بإنتظام.


لا اعلم كم من الوقت استمريت بالتحديق ، في خضم ذلك تذكرت نفسي، كيف ابدو وما الذي ارتديه!!؟ بدأت اتفقد كل ذلك ، اني ارتدي بجامة طفولية نوعاً ما ، وشعري مربوط على شكل ذيل حصان مما يجعله هادئاً بعض الشيء ، من اخدع انا في حالة مأسوية.


حاولت ان اقفل الباب سريعاً لكنه دفعه بقوة ودخل يناظرني ويبتسم لي، لا اعلم حقاً اهذه جرأة ام وقاحة الا انها بالنسبة لي احب ما يكون، تبعته بصمت حتى جلس على الكنبة فما كان مني الا ان جلست على كرسي قبالته.


نظر إلي لمدة دقيقتين وجدني متوترة انظر إليه ثم الى ارجاء المنزل كأنني ابحث عن شيء ما ، كما كنت ارتجف في لحظات توتراً . ابتسم بشدة ثم اخفض رأسه ومرر احدى يديه في شعره ، رفع رأسه ببطئ وكانت يده لا تزال على مؤخرة رأسه وعيناه مركزة علي مع ابتسامته التي لم تفارقه إلى الان.

فتحت فمي وعيناي صدمةً، يا الهي كم كان ساحراً في تلك اللحظة ، ابهرني وخطف لي انفاسي ، لم ارد لها ان تنتهي بل ان تبقى لحظة مستمرة طوال العمر.

يا عمري لو افنيك فيه ستكون بالف عمر وبالف حياة.

نظر إلي باستغراب وحرك رأسه يمنى ويساراً كأنه يتسائل ما بكِ عندها وقفت بسرعة جعلت الكرسي الذي اجلس عليه يقع ، التفتت الى الكرسي ورائي ولم استطع ان افعل شيء ، تجمدت مكاني وبعد برهة تحركت بطريقة غريبة ومتعرجة إلى المطبخ.


عدت ومعي قنينة عصير وكأسين ، وضعته على الطاولة امامه وجلست انتظره ان يسكب لنفسه كأساً ، لم يتحرك ساكناً فقمت وسكبت اول كأس وهممت بان اسكب الكوب الثاني حين رفع يده معترضاً وأومئ لي بانه لا يريد ان يشرب العصير.
اخذت الكأس الممتلئ ، عدلت الكرسي وجلست عليه من جديد.

لم اكن الا لالاحظ بأنه لم يتكلم منذ ان دخل الى الان ، كما انني لم اوجه له اي كلمة.

وقف فجأة فوقفت مثله ، ضحك وأخذ جنب الكنبة ليفسح مجال كبير ، ربت على الكنبة واومئ لي ، فهمت منه بأنه يدعوني للجلوس بجانبه على الكنبة.
لعله انتبه بأني كنت غير مرتاحة بجلوسي على الكرسي او أنه ارادني بقربه بكلا الحالتين لم اكن لابارح مكاني ، ففيني من التوتر ما يقتل، وما يقلقني اكثر ان يتحول توتري إلى خوف.


القريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن