أصرت الأنسة تيوبولت على إرتداء زى قديم للركوب بدأ غير مألوف مع ما يحيط بها لكن قدرتها على الركوب لا مجال لأنكارها وقد أصبحت معروفة تماماً فى المزرعة فالرجال دعوها لاميولا أى العنيدة ودعوا جنيفر بـ لانينا أى الطفلة ولم تكترث لهذه التسمية الطفولية فى تعرف أنها شكل من أشكال التحبب
خلا هذه الأيام لم تشاهد جنيفر نيل كثيراً كان يمضى معظم وقته خارج المنزل وبعد العشاء يخلد إلى مكتبته ليتابع العمل الكتابى كان يعمل جاهداً كأى عامل أخر لديه وكان يشارك بنفسه فى كل صغيرة وكبيرة فى إدارة المزرعة ولأنه مهندس تمكن من أستغلال مهارته التقنية.أنريكو أخبرهما أنه مدد التمديدات الصحية فى المنزل بنفسه وحفر أباراً جديدة لتحل محل البرك المحفورة لتجميع المياه للحيوانات وهذا يعنى أن فترة جفاف طويلة لم تعد تعنى موت الماشية عطشاً وهذا يعنى إزدياد تناسلها
خلال إحدى رحلاتهم الصباحية شاهدت الحصان الأسود ثانية كانوا فى طريقهم إلى الجبل فوصلوا إلى حيث يرعى قطيع من الجياد أقترانهم سبب توتراً بين القطيع وذهلت جنيفر لمرأى هذا العدد من الجياد وجعلها ذلك لا ترى الأذانان السوداوان ترتفعان بحدة عند أقترابهم وما أن شاهدته حتى تحرك رعيل الخيل يتردد صدى وقع حوافرهم الراعد بين جدران الوادى
تأوهـ أنريكو بحسرة والجياد تختفى عن الأنظار
-كى ديابلو ! أنه شيطان متعجرف ذلك الحصان له كبرياء أبليس
سألته جنيفر وهى ما تزال مسحورة بما شاهدته :
-هل هى جياد برية؟
-ليس هناك من جياد برية فى سانتا فيتوريا كل هذه تنحدر من سلالة جياد أشتراها نيل الباترون من البارغواى تركت مرة لتجرى فى الحقول والقطيع هذا ملك للـ باترون وهو كقطيع الماشية يتم عده كل سنة ويباع الزائد منه
-و....و ذلك الحصان؟
ضحك أنريكو:
-ذلك اللعين الأسود؟إنه حيوان متوحش مغرور يحتفظ بكل الأناث لنفسه
-قال لى نيل إن الهنود يعتبرونه مقدساً -بعضهم يعتقد والبعض لا إنهم شعب.....تقول؟مؤمن بالخرافات ولأن ما من أحد أستطاع البقاء فوق ظهره مدة تكفى لكسر جماحه .
فأصبح..."ليجلدرايد"....أسطورة
-لكنه أسطورة جميلة
-إلا عندما نرغب فى عد الجياد إنه يعرف كل واد وكل ممر
ذلك المساء عند العشاء تحدثت جنيفر عن الجواد الأسود فدهشت عندما رفع نيل حاجبيه الأسودين لينظر إلى أنريكو بحدة
-أما وعدتنى بألا تصحبهما إلى الجبال؟
ودهشت أكثر عندما تفوه أنريكو بلهجة تنم عن الأعتذار:
-لم نبتعد كثيراً باترون ولم نكن عرضة للخطر
بدأ الذهول على الأنسة تيوبولت وهى تقول :
-خطر؟نحن...أى أنا و جنيفر...راكبتان كفوءتان سيد ستيوارت...لذا لاداعى للقلق
فرد نيل بأدب :
-أنريكو يعرف أوامرى سيدتى فى الوقت الحاضر الأفضل أن تبقيا حول المنزل
حينها صدر عن الأنسة تيوبولت صوت ينم على عدم الموافقة وحارت جنيفر وأنبت نفسها لأنها ذكرت ذلك الحصان الأسود ولكنها عكس رفيقتها لم تعلق بشئ
عندما ترك نيل الطاولة بعد قليل أعتذرت جنيفر بسرعة ولحقت به فأدهشتها رؤيتها له لا يوشك على الخروج من الباب الرئيسى فقد كانت تظنه سيذهب إلى مكتبته وترددت قليلاً قبل أن تنطق بأسمه سألها:
-نعم؟
-أنا....إلى أين أنت ذاهب؟
فالتوى فمه :
-أتصدقين ؟ أطلب نزهة
فتقدمت منه:
-هل لى أن أرافقك؟
-ألا تلعبين الشطرنج عادة مع الأنسة تيوبولت فى الأمسيات؟
-أجل....أحيانا....ولكن أنريكو يلعب معها كذلك وهو يوفر لها منافسة جيدة
-حسنا....ولكن ألن تحتاجى إلى معطف؟
-لا أحس بالبرد
هز كتفيه وقال :
-كما تشائين
يا لجسده الرائع التقاسيم ليتها تفهم سبب تلك الرغبة التى تدفعها إلى لمسه.انه لم يسألها ذلك بل هم لا يحب أن تلمسه ومع ذلك لم يمنعها هذا من الأحساس بالإغراء
قطع الباحة أمام المنزل ثم أنعطفا بإتجاه الحظائر
كانت رائحة أزهار العسل والحطب المقطوع تملأ أنفيهما فتمتزج برائحة الحيوانات ورائحة اللحم المطبوخ من غرفة منامة العمال.سمعا من يعزف الغيتار يرافقه أخر على الهارمونيكا ونفخت الريح تطارد الغيوم المحيطة بالقمر المنحدر وتطاير شعر جنيفر خلف أذنيها عندما التفت إليها نيل قال:
--حسنا؟أعتقد أنك ترغبين فى قول شئ لى . صح؟
كانا وصلا إلى سياج الحظائر فأسند ظهره إلى عمود ينظر إليها مقطباً
-أردت معرفة سبب منعك أنريكو من أصطحابنا إلى الجبال
فهز رأسه:
-هذا ما ظننته....ألا يكفى أن تعلمى أننى أفضل ان تبقى فى الوادى؟
-هل لهذا علاقة بإنك تحسبنا غير قادرتين على الركوب فى تلك الممرات الضيقة؟أم شئ أخر؟هل للأمر علاقة بالحصان الأسود؟
-يا للجحيم...لا! كل ما فى الأمر أننى لا أعتقد أنها فكرة جيدة....فالجبال غادرة خاصة عندما يتصاعد الضباب
-أنا واثقة أن أنريكو يعرف متى يكون الطقس خطراً نيل.....لم لا تبوح لى بالحقيقة؟لست طفلة وأن كنت تحب ان تعاملنى كطفلة
فتنهد:
-ربما لا أجد هذا أسهل لم يكن لدى أبنة من قبل...ولست مستعداً بعد لتعامل مع أبنة
-أنا لست أبنتك
ومررت أصابعها على أثر الجرح من تحت قماش كم القميص:
-أرى أنه بدأ يشفى...لست بحاجة إلى ضمادة
أمتدت أصابعه كالعادة ليبعد أصابعها عنه :
-لا ! لا تفعلى هذا ظننتك خرجتى معى لتعرفى سبب منعك من الذهاب إلى الجبال
فردت بصوت ناعم :
-وقلت أنك أخبرتنى
راحت تلف أصابعها على اصابعه بينما هو يحاول التحرر منها
-همم يداك فيهما صلابة ونتوءات...أتؤلمك؟
-أنهما يدا رجل...رجل عامل وليستا يدا رجل عالم كوالدك؟
-ولكنك عالم كذلك....قال أنريكو إنك مهندس وقال أنك من مدد أنابيب الماء إلى المنزل بنفسك
-أنريكو يكثرمن الكلام
رفعت يدها لتضمها إلى الأخرى فغطاهما معاً بأصابعه القاسية ووقف لحظات طويلة ينظر إلى أيديهما المتشابكة ثم أخذ يمرر أصابعه فوق راحة يدها وتمتم:
-لن يتهم أحد هاتين اليدين بالخشونة أنهما
ناعمتين كما يجب ليدى الأنثى أن تكونا
ورفع يديها إلى شفتيه...ثم أردف:
وحلوتا الرائحة كذلك
ضج قلبها بقوة فى أذنيها وأندفعت الدماء بغزارة فى شراينها فلمسة شفتيه الساخرتين على بشرتها كانت تلسع مشاعرها بلهيب حار ووجوده قربها وترها وجعلها تشعر بإثارة محمومة ورغم علمها بإنها تتلاعب بالنار لم تتراجع كما فعلت فى السابق لابد إن للإثارة التى يثيرها فى داخلها معنى ما فرغم ذعرها كانت ملهوفة لتتعلم حقيقة نفسها
-ماذا تظنين أنك تفعلين جنيفر؟تخرجين معى إلى هنا بهذا الثوب الرقيق....فى وقت أحس من لمسة يديك أنك ترتجفين؟لماذا خرجت معى حقاً؟لماذا الإصرار على الركض خلفى ؟أبطلب الأهتمام!أم لتشجيعى على تقبيل أصابعك ةوكاننى فارس يرتدى بدلة حديدية...أتظنينى هكذا؟أنا لست فارسك....جنيفر...أنا....أنا...رجل....أنسان....يملك ضعف الأنسان
فأرتجفت شفتاها:
-أعرف هذا....فلماذا الغضب؟ألا يحق لى إظهار صداقة نحوك؟هل أنت منيع ضد العاطفة ؟هل مشاعرى تحرجك؟
-مشاعرك؟أية مشاعر؟وما هى المشاعر التى يمكن أن أحركها فى صدرك؟
-الحب....أنا مغرمةبك!....لقد كنت....لطيفاً معى
فقال ساخراً:
-صحيح؟
لكنها تجاهلت سخريته
-أجل....وأنا....ممتنة لك
-أوهـ....فهمت....وهذا العرض هو طبيعتك فى إظهار أمتنانك...هناك أسم لما تفعلينه جنيفر لكنه ليس الحب!
فأنتزعت يدها من قبضته ورفعت رأسها إليه متحدية تخفى الآلم الذى سببه لها دون علم وصاحت به :
-ألن تفهم ؟ طوال حياتى كنت محاطة بأناس لم يحاولوا فهم كنة مشاعرى عندما ألتقيتك تصورت كالغبية أنك مختلف ولكنك لست مختلف أنت بارد دون مشاعرأعطته ظهرها ترتجف فأحتاجت إلى دعم السياج كى تستمد شجاعة لمقاومة الدموع التى هددت بأذلالها إنه ظالم ومتآمر يريد أن يعقدها ويمزقها دون صبر أو أحساس وأطبقت يداه على ذراعها تحت كتفها تماماً لمسته كانت ثابتة وقوية وهو يسألها بصوت منخفض شرس:
-ماذا تعرفين عنى ؟ماذا تعرفين عن المشاعر....عن العاطفة؟
وجذبها إليه لتستند إلى جسده المتصلب:
VOUS LISEZ
اهديتك عمري
Romanceرواية من روايات احلام وضعتها بين ايديكم اتمنى ان تنال اعجابكم للكاتبة آن ميثر