نحن البشر بطبيعتنا ما نحب أن أحد يعترض علينا، وكل ما وافقنا الطرف الآخر في أمورنا وأفكارنا ورغباتنا، كل ما صرنا أقرب له، لكن بعد مرور الوقت، راح تكتشف انه انصياعك لمجرى الأمور بدون موقف حازم يعترض على الأمر راح يكون أثره سلبي عليك بشكل كبير.
كثير من الناس بحب يريحوا حالهم، وبدهم يعيشوا حياة بدون اي عبء زايد، وبالتالي تجد شخصيتهم صارت تميل للإنهزامية ومساعاها في الحياة، إرضاء الناس وعدم رفض أي شيء يرغبونه، وهذا بكون لعدة اسباب وعوامل، منها وأعتقد أهمها، هو نوع العلاقة اللي تجمعك مع الطرف الآخر، زي العائلة مثلا أو صديق مقرب، او شخص أعلى منك مرتبة سواء في المدرسة او الجامعة او العمل..ألخ
فهم يفكرون أنه اذا انا رفضت أنه أقوم بما طلبوه مني، ممكن يزعلوا مني وياخذوا موقف وما تكون علاقتي فيهم زي الأول، وعشان ما اخسرهم، معلش، خليني أوافق ما بصير اشي.
هون لازم تعرف انه مع كل كلمة نعم تقولها، فإنت ضمنيا قلت كلمة لا لشيء آخر. وخليني أعطيك مثال، فلان طالب جامعي نشط في جامعته، ومتطوع في أنشطة الجامعة، وجا عليه مدير الأنشطة وقاله انه لازم تكون موجود بكرا عشان في عندنا نشاط للطلاب الجدد. هون هذا الطالب النشط، امام خيارين، إما انه يقول نعم وفي هذه الحالة، بكون قال لا مثلا لدراسته لأنه راح يقضي وقت كبير في التحضير والتنظيم لهذا النشاط، او أنه يقول لأ وهون هو ضمنيا قال نعم لدراسته.مثال آخر، فلان يشتغل في شركة، وجا عليه المدير، قاله إنه راح يعطيه أعمال زيادة لأنه في ضغط شغل، هون هذا الفلان، مش مجبور على هذا العمل، لانه مخالف للعقد المتفق بينهم، بس فلان قال نعم عشان يتقرب من المدير وممكن يترفع في منصبه او اي فكرة جاته.
بس اللي ما يعرفه فلان إنه لما قال نعم، هو قال لأ لراحته، لحقوقه، لوقته مع اسرته او اهتمامته او غيره.
طيب بعد هذا القرقر الطويل، وين المشكلة بتكون، الصراحة المشكلة بتكون أنك انت كشخص ما حطيت حدود لنفسك، خطوط حمراء، مبادئ مهمة في حياتك، قواعد تمشي عليها مع تفاعلك مع الناس اللي حولك. مثلا من أحد هذه الخطوط، أنه انا مستعد اساعدك واعطيك كل ما عندي طالما ما راح ياخذ هذا الشي من أولوياتي ومصلحتي.
او مثلا ممكن أساعدك واعمللك شو ما بدك بشرط أنه ما احس انه عم يتم استغلالي. كل واحد بنشئ خطوطه المناسبة لشخصيته وحياته.طيب شو بصير لما أنا أعرف شو خطوطي الحمراء اللي ما راح اسمح لأحد يتجاوزها. هي النتيجة واحدة وهذه النتيجة لها اثار مختلفة عليك، النتيجة هي أنه راح يكون لك وجود فعلي في محيطك، بدل ما تكن مجرد شخص ماله قيمة ولا وجود زي ما نقولها روح روح تعال تعال، بصير لك شخصية لها ظهورها في المكان اللي انت فيه.
طيب هذا الكلام اللي قلته مش جديد ومليون ترليون شخص قاله قبلي والصراحة مش راح اركز عليه، ممكن افصل فيه بعدين.
إللي انا حابب اركز عليه، هو أيش هي الحدود والخطوط الحمراء اللي لازم انا احطها لنفسي عشان ما اتجاوزها.في أحد الكتب اللي كنت أقرأها، كان قد استعرض مثال عن أب توجه لمرشد تربوي يشكي له عن إبنه انه وفر له كل شيء وما خلاه يحتاج له وما في مشكلة وقع فيها إبنه إلا وحللوا إياها، ومع ذلك الإبن مش ناجح، فالمرشد التربوي قال أنه انت اساس المشكلة، كان لازم تعمل حدود لنفسك لأشياء ما تعملها وتخلي ابنك هو اللي يتعامل معها. وهذا مثال مهم خصوصا للي عنده شخص مسؤول عنه سواء ابن او اخ او اخت او مين ما كان، لا تكون انت الكل بالكل بالنسبة له.
اعطيكم مثال أخر من تجربة شخصية على حدود انا وضعتها لنفسي وكيف أثرت على من حولي. عنا بيت للعائلة وهو بيت حوله حديقة والكل يساهم فيه أي انه من مسؤولية الجميع، وهذا البيت كان لجدي وجدتي رحمة الله عليهم، المهم بما انه في حديقة كبيرة نسبيا، ففي مختلف أنواع الزرع سواء خضروات او وورد وازهار.
اكتشفت انه العائلة تستخدم المياة لسقي المزروعات بطريقة غير مشروعة اي انه ياخذوا مياة من الدولة بدون دفع بطريقة معينة، طيب انا من الحدود اللي وضعتها لنفسي أن ما اضع يدي على شيء او ما استخدم شي واستفيد منه إلا اذا كان مصرح لي او مسموح لي، وطالما المياه هذي مش مسموحة فبالتالي كل الزرع من خضروات وازهار من وجهة نظري ما يحق لي استخدامها، فهون بداية قلت للعائلة انه هذا غلط وما وقفت لهون.
لما يكون في جمعة عائلية على طعام مثلا، ويكون في احد هذا الخضروات ما اكل منها وما اجلس في الحديقة ابدا واعتزلهم واروح للمجلس جو البيت، فشوي شوي صار غيري يعمل مثلي بدايتهم من والدتي وصارت تمتنع وشوي زوجة خالي بعدين ابن خالي ... حتى اجتمعوا واتفقوا انهم يحسبوا مدة اللي صرفوا فيها مياة وحسبوا كم تكلفتها ودفعوها وبعدين صاروا يستخدموها بشكل صحيح.
طيب لو نيجي نقيس الأمر فعليا، انا اعتبر من صغار العائلة ولو إني انا المسؤول عن اسرتي، لكن كمكانة في العائلة انا من الأحفاد، ومع ذلك بسبب المبادئ والحدود اللي عندي صار في عندي وجود ومكانة في هذي العائلة.. والهدف هون هو إني اعطي مثال على الفكرة اللي كنت اقصدها
عشان ما يطول الفصل كثير راح اوقف لهون، وبفصل في الموضوع بعدين في فصول اخرى
وكونوا بخير
مياو
أنت تقرأ
المعلم | Al-Mua'lim
Randomهناك الكثير من الأفكار والمعلومات التي تحوم في عقلي، وقد جعلت هذا الكتاب مفتاح لتلك الأفكار المأسورة، وقد أشارك أمور حصلت لي من باب الفائدة غلاف جنود التصميم