مذكرة علي ضفاف بحور الحرمان

160 2 9
                                    


الخامس عشر من آذار، والشمس في موقف الغروب؛ بينما كان أحدهم يتمشى علي شواطئ البحر حيث انه وجد فرق الإنقاذ يخرجون غريقا ميتا إلي الشاطئ، ووجد علي الشاطئ قلادة بها صورة فتاة ووجد مذكرة ولوحات رسم بها رسومات تلك الفتاة التي بالقلادة وعلي كل لوحة تاريخ رسمها. أخذها وذهب لمنزله وفتح المذكرة ليقص لنا هذه القصة من بين قصص تلك المذكرة..
كنت أخرج كل صباح إلي الشاطئ لأتمشى قليلا واستمتع بسحر الطبيعة ثم ارسم لوحات لجمال كل ما أراه
وفي يوم وأنا علي الشاطئ رأيت شيئا لفت انتباهي، جذب أحاسيسي إليه ، كانت الشمس تخطف بريقها وتتحلى الطبيعة بسحرها، إنها ملاااااااك....!
يا الهي ما الذي أراه، إنها جميلة تفوق بجمالها كل ما هو جميل، شعرها الذي جن عقلي لأجله قد حطم شجوني وأغلق جميع مداخل أنفاسي وأحسست قلبي قد تركني وهرب إليها، وفي ذهول وجدت نفسي ارسم صورة لها علي لوحتي.
وكان ذلك اليوم الخامس عشر من آذار، كان أجمل يوم رأيته في حياتي وأجمل لوحة رسمتها وأحببتها عن كل لوحاتي.
لكن ما الذي جرى لقلبي..؟ وما الذي حدث لعيناي؟.. أصبحت نبضات قلبي مضطربة، وعيناي شاردة وأنفاسي طائشة.
إنها أجمل فتاة رأيتها، كانت تمشي علي الرمال وتداعب أمواج البحر قدميها وتحلق الطيور من فوقها وتغني لها العصافير،حتى أخذت رمال البحر فراشا وأشعة الشمس غطاءا ونامت..
إن جسدي يرتجف، يا الهي ما هذا الشعور؟..
أهو الحب..؟ لكن أي حب هذا؟
إنها قد استيقظت، ما الذي تبحث عنه؟.. ربما قد ضاع منها شئ، لكن..! ما هو هذا الشئ؟..
أصبح لدي فضول بأن اعرف ما الشئ الذي تبحث عنه، حان الغروب، لماذا؟ لقد ذهبت وفي عجالة ولم تجد الشئ الذي تبحث عنه..
ذهبت لمكانها وصرت أبحث عن الشئ الذي تبحث عنه...
أين..؟ أين؟.. ربما هنا، أو قد يكون هناك...
هاهي..! إنها قلادة..! فتحتها، كان بداخلها صورة لها، مسكت القلادة بيدي اليمنى ووضعتها علي قلبي وجلست علي ركبتي ونظرت إلي الغروب وقلت:
أحبك وسأحتفظ بحبك في قلبي إلي آخر العمر، أشهدي أيتها الشمس، وأيتها الرمال، وأيها البحر..
كم أنت جميلا أيها الغروب وكم كنت اليوم أيتها الشمس جميلة.
دعيني اغدو بروحي والحاني لعلي الاقيها في الأيام القليلة.
دعيني للأمواج أغني، ودعي قلبي للأنفاس العليلة.
واحمليني ايتها الأمواج وانزليني امام عينيها فقلبي قد احرق الفتيلة...
ثم وقفت وقبلت القلادة وذهبت لمنزلي بعد ان حل الظلام واخذت اللوحة ووضعتها امامي ووضعت في عنقي القلادة، وكلما القي النظر الي السماء ارى النجوم ترقص فرحاً والقمر يرسم لي وجهها.
ثم نمت واستيقظت في الصباح واسرعت الي لوحتي واقلامي والواني وخرجت الي الشاطئ وما هي الا لحظات، وجاءت ورقصت الطيور وغنت لعودتها، وهلعت الأمواج مركظة نحوها لكي تقبل قدميها وانا ارسم لوحة لها..
واصبحت كل يوم علي هذا الحال وكلما احاول ان اقترب لها، احس بالخجل، وتراودني افكار كثيرة وينتابني الخوف من عينيها..
مرت شهور وهي تأتي كل صباح الي الشاطئ وارسم لها لوحات عدة، وادون علي كل لوحة تاريخها.. وذات صباح خرجت الي الشاطئ بلوحتي، انتظرتها، تأخر موعد قدومها.. وكلما انظر الي البحر ارى امواجه حزينة، والرمال واكوام الصدفات وتغاريد الطيور الحزينة..
شهر علي هذا الحال، شاطئ حزين وغروب حزين واموجٌ بائسة وطيور تبكي وليل مخيف..
شهر لم اراها ولم ارسم لوحة واحدة تعبر عن سعادتي.. كل ما ارسمه ليلٌ حزين
وبعد يومين، وفي الصباح خرجت الي الشاطئ مشيت قليلاً ثم رآيت شيئاً شل بدني واضطرب قلبي
وادمعت عيناي.. وصرخت شجوني وهلع عقلي.. لقد رأيتها.. انها هي.. جالسة علي كرسي قرب الشاطئ ويجلس جانبها رجلاً ذا قوام سقيم..
انه يحادثها، من يكون؟.. هل هو عشيقها؟..
وان كان عشيقها.. اين كان طول هذه الفترة..؟ واين كانت هي غائبة عب الشاطئ؟..
ها هو قد وقف.. انه يقبلها علي جبينها!.. واشتعل قلبي مع قبلة ذلك الرجل.. غدوت حزيناً وشجوني تصرخ وعيناي تبكي..
رجعت بالقلادة ووضعت لوحاتي امامي ولم اجد سوى مذكرتي لأشكو لها عن حزني في هذا اليوم لم اخرج من منزلي الي الشاطئ لمدة اسبوع خوفاً من ان اراها هي وذاك الرجل؛ لكن في حياتي لم اتخيل ان امسك القمر بين يدي او ان احلم بأن اطير فوق السحاب، كل ما احلم به فتاة تراعي احاسيسي ومشاعري وتتألم لحزني وتضحك لفرحي وتداوي جراحي وتحمل عني همومي.. الي ان رآيتها فأحسست بأنها هي من ابحث عنها..
لكن هي... ولكنني انا... انا قد احببتها وحبي لها قد حملني عبر الآفق البعيد...
جنوناً في عواطفي وبراكين تثور داخل قلبي وذئاباً شرسة تنهش صدري وصمتاً في مشاعري..
لا استطيع النهاد.. و لا استطيع الصراخ، انني كشظايا حطام حبيبتي، اه لو تعلمي كم اتألم وانا علي سريري وانت بعيدة عني، ليتك امامي لتضعي يدك علي قلبي لكي يخبرك كم هو يفتقد احضانك..
حل الصباح والشمس اشرقت.. وقفت امام النافذة لأترقب شروق الشمس..
رأيتها واقفة علي الشاطئ، نزلت الدموع من عيناي وسقطت أرضاً.. لماذا هذا العناء؟..
لماذا يا قلبي لم تكن قوياً من البداية؟.. ليتك لم تكن تنبض حين رأيتها...
حل الظلام وعيناي في دموعها.. ثم مسكت اقلامي ورسمت علي لوحتي وبعد انتهائي كانت صورة لها؟..
فبكيت من جديد الي ان جفت دموعي وعقلي غاب عن التفكير..
ليل مخيف وقلباً حائر وعيوناً لا ترى الأحلام.. ويداي ترتعش خوفاً وقلبي تائهاً..
الي متي وانا هكذا؟.. الي متي واحضاني ترتجف برداً..؟
الي متي وشجوني تغني لوحدتي..؟أالي ان اقضي نحبي؟... ام الي ان اراك بين احضاني..؟
لكن متي هذا اللقاء فصبري يكاد يقتلني..
مرت شهوراً وانا هكذا، ثم قلت في نفسي يجب ان تنساها، يجب ان تكون قوياً ايها القلب..
أما كنت سعيداً قبل ان تراها... ما الذي حدث لك... يجب ان تخرج الي الشاطئ؛ وخرجت الي الشاطئ واخذت قلادتها ولوحاتي التي رسمتها لها ووقفت علي الشاطئ، وفي ذهول الغروب وتساؤل الأمواج وبكاء طفل صغير داخلي وصراخ الرمال والصدفات، قررت ان ارمي هذه القلادة ولوحاتي، ثم قلت: أما اتخذت عهداً لك ايتها الرمال وايها البحر وايتها الشمس بأن احبها لآخر عمري..
ولما الكذب، اني احبها.. نعم احبك حبيبتي.. احبك حبيبتي الي ان فاض قلبي حباً وغراماً..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 31, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مذكرة علي ضفاف بحور الحرمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن