"أهلًا، أهذا ملجأ 'أمان' ؟"تساءل عبر الهاتف بنبرة مترددة، جالسًا بغُرفة المعيشة، على الأريكة بالتحديد، كان يتمدد عليها وينظر إلى السقف طوال الوقت بأعيُن حائِرَة، أهو حقًا يريد أن تكون فتاة مسؤولة منه؟
لا وقت بالتفكير، فهو بلا شك سيُحادث مديرة الملجأ بعد ثوانِ.
"نعم سيدي، معك المديرة، كيف يُمكنني أن أساعدك؟"
أخبرته نبرة أنثوية سريعًا بطريقة رسمية فيُبادر بالردِ، "كُنت فقط أودُّ السؤال عن وجود فتاة مراهقة لتبنيها.."
صوته مهزوزًا، دفع بجسدهِ إلى الأمام ليكون جالسًا على الأريكة بدلًا مِن كونه مُتمددًا، فيتجول بعيناه بأنحاء الغرفة مُنتظرًا ردها.
"نعم سيدي، يُمكنك المجيء الآن إن أردتُ لإلقاء نظرة على ملفات جميع الفتيات، و لإتخاذ الإجراءات كذلك!"
لازالت الرسميَّة تُطغي على نبرة صوتها، فيبدأ هو بالتفكير سريعًا بالأمر لكن قبل ذلك، أنهى المُكالمة لينصرف إلى غرفته بعدما توجَّه إلى المطبخ ليُحضِّر لنفسهِ كوبًا مِن مشروب الشوكولاتة الساخِنَة.
جلسَ على حافةِ سريرهِ و هاتفهِ لا يزال بيدهِ.
فكرَ بأن يتصل بوالدتهِ، فهرعَ ليبحث عن رقمها ليتصل بها، لكنه تراجع ..
أَلم يَحِنْ الوقتُ ليتصرف وحده كرجل راشد؟ فوالدته بالتأكيد لن تظل معه بكُل خطوة يتخذها بحياته مهما كانت ثانوية!
رمى بهاتفهِ بعيدًا عن موضع جلوسه، و أخذ يرتشف مشروب الشوكولاتة الساخِنَة بتلذُذ تام، فيشعُر هو بالدفء يسري بعروقهِ مجرى الدمِ.
الصمتُ يلازمه أينما كان، و كأنه كُتِبَ عليه أن يكون رفيقه، حتى و إن لم يكُن مُستحبًا.
-
يُلقي نظرة أخيرة على مظهره بالمرآة على غير عادته، فهو مُعتاد ألا يتفحص مظهره قبل الخروج من المنزل و التأكُد من أنه المظهر 'اللائق' .
فقط كنزة خريفية ناصعة البياض، بنطال حالك السواد به فتحة عند كلا رُكبتيه، و حذاء أسود مُلطخ قليلًا.
لم يهتم لتلك القذارة على حذاءه، شعره مُبعثر ولا يهتم -على حسب الإنطباع الأول عندما يراه أي أحد- ، عيناه مُجهدتين بعض الشيء.
خرج من غرفتهِ سريعًا بعدما أخذ عُلبة سجائره و قداحته ذات اللون الفضِّي بجانب هاتفه، مفاتيحه، و بعض النقود.
