"أتريد أن تشرب شيئًا سيد ماثيو؟"أخبرتهُ مديرة المكان بنبرة رسمية ودودة، ليبتسم هو بتلقائية تامة.
"بعض العصير سيكفي"
لا يزال مُبتسمًا، فتهرع هي إلى هاتفها الخاص بالعمل لتُخبر إحدى المُربيات بالمكان أن تُحضِّر له بعض العصير.
بعدما إنتهت من كُل ذلك، إلتفتت إليه وتفحصت مظهره، للوهلة الأولى ظنّتهُ مُهملًا، فهذا يتضح لها من ملابسه و حذاءه المُتسخ.
فأخذت تُفكِّر إن كان مُهملًا بنفسه، أسيستطيع أن يتحمَّل مسؤولية شخصًا آخر معه؟لها كُل الحق بذلك، فهذا جزء كبير جدًا من وظيفتها، أن تُحافظ على إنتقاء الأشخاص المُناسبين للتبني.
تنحنحت هي لتكسر الصمت فيذهب هو بإنتباهه معها، لتبدأ بالتحدث ببعض الريّبة و الشك، "فلتُخبرني إذًا يا سيدي عن وظيفتك و حالتك الماديّة ..!"
"اممم نعم، أنا بمنتصف عقدي الثالث، كُنت أُدرِّس اللغة الإنجليزية بالمرحلة المتوسطة، لكنني الآن مُتقاعد، أبي لديه مزارع للخضروات و الفاكهة وهذا هو مصدر دخل الأسرة"
إنخرط هو بالحديث و كأنه أراد فقط أن يُخرِج ما بداخله.
نظر إلى تلك المديرة بعدم تأكد، ليراها مهتمة جدًا بحديثه فتهز رأسها بخفة حتى يُكّمِل.
"توفى أبي و المسؤولون الآن هم أعمامي، و الشكر للرب دخل الأسرة لا ينقطع، بل هو بتزايد دائمًا"
"أهذا ما جعلك تتقاعد عن عملك؟"
سألته من اللامكان، وهو فقط لم يرغب بأن يسمع ذلك السؤال الرهيب، لكونه يُحضر له ذكريات لم يُرِد تذكُرها أصلًا.
"في الحقيقة لا، بعض المشاكل بيني و بين زوجتي أدت إلى الطلاق، و أنا لستُ مستعدًا نفسيًا للعمل من جديد.."
أوضح بوهن وهو يشرد بذهنه في أنحاء الغرفة وهي لا تنفك تنظر إليه بإهتمام شديد.
ساد الصمت لبضع دقائق، فكسره فتح الباب بواسطة إحدى المُربيات، لتدخل إلى الغرفة و تُقدم له كوبًا من العصير مع إبتسامة وهو يكتفي بـ'شكرًا لكِ' كرد بسيط.
خرجت المُربية من الغرفة، ليسود الصمت مرة أخرى ويبدأ هو بإحتساء العصير بهدوء.
"حسنًا سيدي أظن أنني عرفت ما يكفي عنك، الآن يُمكنك إلقاء نظرة على قائمة بأسماء و صور للفتيات المراهقات هنا، كما طلبت"
قالت بعدما ناولته بعض القوائم، بها صور للفتيات بجانب أسماءهن و أعمارهن، أيضًا مكتوب كيف وجدوهن و كيف وصلن إلى هنا.