أمرك غريب ...
تفتعل المشكلات دائماً ......أيها القلب
ألاتريد أن تهدء
لما كل هذا الخوف
ماهذه الضوضاء؟
أأصوات محركات هي؟
أم طلقات رصاص ....
دعني أُصغي.....
توقف عن إزعاجي
أريد أن أعي
ماهذه الجموع؟
أين أبي؟
لما أمي... لا تستيقظ؟!
أمي أتصغين لي؟!
أهي نائمة ؟
أخبرني أيها القلب
أمي ....أمي أستفيقي أنا جائعة
جدتي متعبة
أستفيقي ياأمي
أرجوكم
... أنا أحتاج إجابات
..... ........ ....... ....... .....
لم يحدث شيء يذكر في هذه الزيارة فأبا توفيق كانت صحته متعبة لذا لم تتجرء لبنى على إثارة المشاكل لأن توفيق أفهمها ألاتفتعل مشكلة جديدة إنقضت الزيارة سريعاً كلٌ يعود لبيته ومضت الأيام وتلتها سنتان
هاهي سارة تحاول الفرار من أمها بعد ان أصبحت في الثالثة من عمرها لا تريد أن ترتدي ملابسها تلحقها أمها والخادمة ، إختبئت خلف أبيها ضاحكةً بحيوية بعيناها السوداوتان الواسعتان وشعرها الحريري الذي طال و أصبح لحدود كتفيها ثم وضعت سبابتها على فمها بحركة طفولية إشارة لأبيها أن يبقى صامتاًَ...
أتت هالة تستفسر
"أين سارة؟..... جلال هل رأيتها؟! "
إبتسم جلال وغمز هالة ضاحكاً وقال "لا،لا،لم أرها"
أشار بعينيه لهالة أن سارة
خلفه وقال متظاهراً بأنه يجهل مكانها
" لربما ذهبت إلى منزل والديكِ ،؟ تعالي لنتصل بهم "
فهمت هالة أن جلال يساير سارة فحسب ويلعب معها فقالت
"أممم ..أو ربما ذهبت تلعب مع وئام إبنة الجيران ، حسناً بأي حال لن نأخذها معنا إلى منزل جدها عادل وسيلعب وليد بالأرجوحة لوحده"
خرجت عابسة واضعةً يديها على خصرها تتكلم بلهجة طفولية
"ماذااااا، لا، الإرجوحة لي وسأذهب لجدي ،انا أحب وليد لكنه لن يلعب بالأرجوحة لوحده ،حسان سيضربه إن أخذها "
قال جلال رافعاً حاجبيه بتعجب لهذا الجواب
"هاااا ..أيتها الشقية ...تجعلين حسان يدافع عنكِ "
"اذل "تقصد أجل هكذا لفظتها فهي تعاني من مشكلة نطق بعض الحروف لصغر سنها فتتلعثم ببعضها
فقال جلال متظاهراً بالغضب
"إذاً ....سأعاقبك لأنك تجعلين حسان يدافع عنكِ بدل أن تتعلمي الدفاع عن نفسكِ ....تعالي إلى هنا "
وراح يعدو خلفهاوسارة تجري في الشقة الكبيرة وصوت ضحكاتها يملء المكان وأبيها يقلد حركات الممثلين الذين يلعبون دور الشرير والسعادة تملأ قلب هالة
لبنى تخرج من شقتها لتصل بالقرب من سيارتهم تهم بالصعود لتلتفت لتوفيق فتراه متجهاً نحو السيارة الأخرى فتسأله منزعجة
"ألن توصلني؟!"
"أود ذلك عزيزتي لكن لدي اجتماع ضروري ولا أريد التأخر ..سيوصلكِ عزام طلبت منه المجيء لإيصالك ِ أنت والأولاد "
تنهدت بضيق شديد وقالت
"حسناً حسناً ...إذهب هيا "
أغلقت باب السيارة الخلفي على نفسها وضعت وليد في مقعده المخصص
ثم قالت بلؤم
"هيا لنمضي ياعزام "
إنطلق عزام بالسيارة واصلاً بهم إلى فيلا أبا توفيق الجميع في الصالة جلال وهالة وسارة في حضن جدها لفّت بعينيها المكان تتفحص الجميع بحنق غير ظاهر،تنظر لهذه العائلة السعيدة جلال وهالة لا يتوقفان عن تبادل الابتسامات. الجدة مشغولة بسُبحتها تستغفر وتحمد الله ،الجد يدغدغ سارة ليسمع ضحكاتها زفرت بصوت غير مسموع وقالت
" صباح الخير "
واقتربت من عمها وزوجته متظاهرة بابتسامة لطيفة وقبلت رأسيهما، أنبها أبا توفيق قائلاً
"ألا يجب أن نقول السلام عليكم "
لم تجبه ولم تظهر بأن كلماته أزعجتها
قاطعته أم توفيق
"عزيزي.. لابأس ، صباح الخير مناسبة في حالتنا فنحن في ألف خير والوقت لايزال صباحاً تفضلي لبنى أهلاً وسهلاً يا بنيتي"
نادى الجد وليد واحتضنه يداعبه ويقبله فشعرت لبنى ببعض الرضا
أتت الخادمة رابعة تجر العربة المخصصة لتقديم الشاي ذات اللون الفضي المتلألأ وعليها أواني خزفية بيضاء وفاخرة .. زُينت بطريقة فنية راقية بِلون السماء أزرق متفاوت التدرجات جعلت هذه الأواني مميزة بطريقة صناعتها ،قدمت رابعة الشاي للعائلة وانسحبت باحترام عائدةً للمطبخ
ابتسمت أم توفيق مشيرةً إلى فنجان الشاي الذي رفعته قريب من فمها موجةً كلامها لجلال
" صنعت هذه الفناجين بطريقة يدوية أحضرها أبا عادل والد أبيك معه في رحلته الاخيرة للصين عمر هذه الخزفيات مئة عام وهي نادرة أيضاً "
أقطب حاجبيه أبا توفيق وهو يأخذ فنجانه من على الطاولة
"هذه الأواني المميزة لا تخرج من الرفوف إلا لحدث سعيد جداً
هيا أم توفيق ما الذي تخفينه ؟" وابتسم فهو يعلم ما المناسبة إنما أراد إثارة فضول البقية ثم سار للحديقة ليرتشف فنجانه بهدوء
بينما جلال إرتشف أول رشفة من فنجانه ويسألها مبتسماً
"ما الأمر يا أمي ماهو الحدث المميز في إجتماعنا هذا ،نحن نجتمع كل أسبوع؟!"
الجميع ينتظر بلهفة هذه الإجابة لفت وجهها تلقاء لبنى وأردفت
"يجب أن تعلمي يالبنى "
رفعت حاجبيها لبنى متعجبة بطريقة متعجرفة وأجابت
"أنا ولما أنا؟!"
استغربت ام توفيق من إجابتها وسألتها "أحقاً لا تعلمين؟!"
أجابتها لبنى بنبرتها المتكبرة
"وكيف لي أن أعلم ...ثم ماهو المميز في هذا اليوم؟!"
تنهدت أم توفيق باستسلام
"اليوم عيد ميلاد زوجك توفيق "
تابعت الحوار متعجبة مستهزئة في ذات الوقت
"حقاً ؟"
ثم دافعت عن نفسها فوراً قائلة
"أولستم تمنعوننا من هذه الإحتفالات بحجة أنها بِدّعة"
"معك حق يالبنى الأمر بِدّعة... لكن كان سيفرح توفيق لو تذكرتي هذا اليوم"
هذا ما قالته هالة فقط لتنفجر لبنى كعادتها غضباً وهي تصرخ قائلة
"ومن أنتِ لتتدخلي؟! ..... هيا إحتفلي به أنتِ...هيا قومي بالواجب... أو إنتظري مارأيكِ أن تقيمي له حفل ميلاد مفاجأة...زوجي وأنا حرة بالتصرف معه"
حاول الجميع تهدئة غضب لبني بأن هالة ما أخطأت بحقها في كلماتها ..إلا أنها استمرت في الصراخ
لم يحتمل جلال هذه الكلمات الصادرة وهذا الصراخ
فصرخ هو الأخر
"لبنى إلزمي حدك... لا ترفعي صوتكِ بوجودي"
وصل حازم وعبير من مدرستهما ليسمعا هذه المشاحنة التي إحتدت فأسرعا لغرفتيهما المخصصة لهما في منزل جديهما
دخلت عبير غرفة حازم وجلست حزينة على سريره بينما حازم قد إستلقى على ظهره واضعاً يديه تحت رأسه على الوسادة وقالت والحزن يغطي كلماتها
"متى سيتوقفون عن الشجار؟ألا يسأمون ، لقد سئمت هذه المشاحنات المستمرة بين أمي وزوجة عمي"
قال حازم بكل برود
"الحق على زوجة عمي هي دائماً تُغضب امي وتُقَلّب عمي علينا حتى أصبح لا يحبنا"
رفعت حاجبيها عبير متعجبة
"من أخبرك هذا ؟!"
"سمعت أمي تقولها لخالتنا إنتصار حتى أنها قالت لها أن الخالة هالة هي سبب فسخ خطوبة خالتنا إنتصار من عمنا جلال"
فتحت عينيها في دهشة واستغراب
متسائلة
"حقااااً ؟!،وهل كان عمي وخالتي مخطوبان ؟!"
"هذا ماقالته أمي ولا أظن أمي كاذبة"
تنهدت عبير ..
" لالا أمنا لا تكذب"
دخل توفيق ليسمع جلال يصرخ بوجه لبنى بعد أن وقف كلاهما قائلاً
"لبنى ...أنا أحترمكِ فقط لأنك زوجة أخي ليس إلا....لو لم تكوني زوجة توفيق كنت تصرفت بطريقة أخرى"
"جلااااال "
صرخ..بإسمه توفيق متجهاً نحوه يردف بغضب كلماته التالية
"لن أسمح لك أن تصرخ بوجه زوجتي "
حاولت أم توفيق تهدئة هذه الثورة التي أشعلها توفيق وجلال
"إهدأاا ...ياولدي ...إهدأا أرجوكما"
هالة أمسكت ذراع زوجها محاولةً جذب إنتباهه فيهدأ
"عزيزي جلال ...إهدأ..حصل خير"
ثم استدارت إلى توفيق قائلة
" أخي توفيق أرجوك إهدأ.."
لكن جلال إنزعج أكثر من صراخ أخيه عليه ليجيبه وقد إزداد غضبه
"تووفيق.... لا تتدخل....فزوجتك..."
قاطعه توفيق صارخاً
"ًلااااا أتدخل ....تريدني أن أقف مكتوف الأيدي وأنت تصرخ بوجهها ... ما رأيك أن أراك تضربها أيضاً وأبقى صامتا؟!"
أجابه جلال بصوت عالي
" مااللذي تقوله ..ثم إن زوجتك طويلة لسان و بحاجة للتأديب"
رفع صوته توفيق أعلى من الأول
"لقد تماديت ياسيد جلال ....لن أسمح لك بهذا "
قاطعت لبنى صراخهما قائلة
"إحفظ لسانك ياجلال وإلا ستندم"
قال مستفهماً مستغرباً يضع سبابته على صدره مشيراً إلى نفسه
"أندم؟!.........أندم....يا....لبنى؟!....
أتهدديني؟!"
لتجيبه هي بسخرية
"أنا لا أهدد أحد ...لا تفهم الأمر كما يحلو لك"
إلتفت إلى توفيق يقول بغضب
"أسمعت يا توفيق؟! هل أنت سعيد الآن؟هل أنت راضي باتت تهددنا السيدة لبنى "
ليزداد صراخه متابعاً قوله
"زوجتك بحاجة لكثير من التأديب ياسيد توفيق"
بينما توفيق زاد غضبه حد الجنون
"جلال قلت لك.. إلزم حدودك لن أسكت هذه المرة"
"وماذا ستفعل أستضربني؟"
"سأفعل "
ورفع يده ولصدمة الجميع صفع توفيق أخاه جلال على وجهه
تبسمر جلال مكانه واضعاً يده فوق خده بصدمة فاتحاً عينيه غير مصدقاً ما بَدرَ من أخيه
أم توفيق ضربت صدرها متفاجئة بعد أن شهقت
هالة وضعت يديها على ثغرها المفتوح وعيناها لآخرهما لبنى إنصدمت في البداية ثم إبتسمت بخبث تشد شفتها للجهة اليسرى ترضي غرورها وحقدها عبير وحازم اللذان كانا واقفان أعلى السلالم ...حازم إبتسم كأمه بخباثة بينما عبير جلست من صدمتها على درجة السلم
أبا توفيق ضرب الأرض بعكازه ضربات غضب بعد أن سمع الصرخات وعاد أدراجه داخلاً للصالة .. في حين أن جلال ترك المنزل وغادر وتبعته هالة تحمل سارة.. ...
فصرخ عادل بتوفيق
ً"أوووقف هذه المهزلة ..أين أدبك ؟ تتشاجرمع أخيك بوجودي ويضرب أحدكما الآخر ... توفيق خذ زوجتك وانصرف ،أخرج من منزلي ولاتعد إن كنت ستحافظ على هذه الحقودة في بيتك"
توجه إلى لبنى يعاتبها بغضب
"أنتِ قليلة دين وأدب، أنتِ إنسانة متعجرفة أنانية ،لن أسعد بوجود كنة مثلك في منزلي، لا تستحقين أن تكوني زوجة إبني"
ثم صَّكَ أسنانه لتخرج كلماته من بينهما
"أخرجي من منزلي أيتها اللئيمة فأنتِ لن ترضي حتى تفرقي بينهما وها قد تشاجرا مجدداً بسببكِ ، إن كان توفيق سيحافظ عليكِ ليفعل إلا أنكِ لن تدخلي هذه الدار ما لم تعتذري للجميع "
إزدادت لبنى غيظاً وشددت على حروفها قائلةً
"ليست لبنى باللتي تعتذر "
فصرخ مشيراً إلى باب الفيلا
" إذاً أخرجي.... أخرجي من منزلي إسمعي ....سيبقى الأولاد هنا هل فهمتِ... إرحلي الآاان إرحلي "
"أبي...تطردنا من منزلك ؟!"
إستدار أبا توفيق يشيح بوجهه عن إبنه وقال
"لا أطردك يا توفيق ، أنا أطرد هذه الكنة قليل الأدب فقط ،تريد البقاء مرحباً بك"
ولم يستدر نحوه ، بل ظل معطياً إياه ظهره ...خرجت لبنى تشتعل غيظاً
فتبعها أولادها سريعاً، أرادهم الجد أن يبقوا لكنهم رفضوا فسمح لهم بالمغادرة
بينما جلال وهالة في سيارتيهما هالة تحتضن سارة النائمة
تحاول تهدئة جلال الذي يضرب المقود كل دقيقة بغضب
"يضربني لأجلها. ضربني لأجلها ياهالة"
وقالت بكل حنان
"جلال إهدأ... أرجوك إهدأ"
"لن أهدأ سأريه من أنا س....."
قاطعته زوجته فوراً
"جلال ...أنت لن تفعل شيئاً عدني أرجوك...جلال هو أخيك في النهاية وليست أول مرة نتشاجر فيها "
أجابها بعصبية لأن ناره لم تنطفء
"لن أهدأ ياااهااالة.... لن أهدأ لقد زاد الأمر عن حده .....سأرسل رسائل زوجته ليعلم من هي زوجته "
"عن أي رسائل تتحدث.... جلال لن نعود لموضوع إنتصار ثانية... لقد وعدتني أنك ستنسى أمر شقيقة لبنى ومافعلت كلتاهما"
"سأضع حداً لهذه الأفعى "
أنت تقرأ
أثريـاء ولكــن
Romanceجنون ينتفض حين تميل النفس إلى ماليس من نصيبها ويصبح الطمع الدافع الأكبر لها تعمى البصيرة والفؤاد وتتخابط الهواجس ... فيستولي الحقد والكره النفس البشرية وتبدأ الخطوات بالإنحدار نحو مستنقع الجريمة... فتنشب الحرب الضروس بين الحب والمال ذكريات مؤلمة...