من المتهم ؟...
من الجاني؟...
من أنت ؟
ومن أنا ؟
أنا الحروف الضالة
فوق سطور الورق
وأنت الحلم الضائع
في سراديب الحقيقة
يتهمونك بقتلي
لقد قتلتني
قتلتني دون أن تطلق الرصاص
قتلتني دون أن تلمس يداك جسدي الفاني...
ويوماً ما..
سأطالب بالقصاص
.........
سارت في دربها المعتاد للكلية بعد أن قضت ليلتها في التفكير
كيف ستخبر جدتها أنها غير موافقة؟ ...كيف ستقول لعمها أن حازم لايناسبها ؟...
وماذا عن حسان كيف سيتصرف حين يعلم؟ ...ألف سؤال يراودها ضائعة في تفكيرها ...لم تنتبه لإقترابه منها يلقي تحية الصباح
نظرت في وجهه بعد أن رفعت رأسها منتبهة لصوته
ردت الصباح بكل حزن ومضت فقد إكتفى كعادته بسلام قصير لم يتكلم بحرف واحد زيادة ...
استشعر بحزنها فقضى نهاره عابساً تائهاً في أفكاره تتقاذفه الظنون حول حزن سارة
حتى تشجع أخيراً وسأل سوسن التي تركن المقعد الخلفي لسيارة علي عائداً بهما للمنزل
"سوسن هل رأيتي اليوم الآنسة سارة؟"
"أجل لقد رأيتها هل من خطب يا حسان؟"
"لا ... لكني لمست حزناً في عينيها اليوم هل أفصحت عما يزعجها لك؟"
"لاحظت ذلك أيضاً وحين سألتها لم تجبني كررت سؤالي طوال الوقت لكنها لم تجب"
"خير إن شاء الله... هاقد وصلت للمنزل "
ترجل من السيارة وقال محدثاً علي وسوسن
"تفضلا لشرب فنجان من القهوة "
"لا لا دعني أوصل سوسن سيقلق عمي وداعاً يا حسان إعتني بنفسك "
"رافقتكم السلامة إلى اللقاء غداً"
أما سارة التي قد وصلت منذ برهة لمنزلها إستقبلتها رابعة بأن جدتها تريدها بأمر هام
بعد تغيرها ملابسهاطرقت باب غرفة جدتها ودخلت
"جدتي.. قالت رابعة أنك تريديني في موضوع مهم"
"أجل ياسارة.. إجلسي يابُنيتي أريد التحدث معك"
جلست بكل سكينة و حافظت على هدوء أطرافها فهي تعلم ما تريد جدتها
تابعت الجدة بعد أن جلست قبالة سارة
"يا ابنتي لم تعودي صغيرة.. وحلم عمري أن أطمئن عنك قبل أن يأخذ الله أمانته"
"أطال الله بعمرك ياجدتي لا تقولي هذا أرجوك"
" سنموت عاجلاً أم أجلاً ...لقد طلب حازم يدك .....إسمعي لا تقاطعيني ...
إن كنت لا تريدين هذا الزواج لن يرغمك أحد لكن أريدك أن تفكري بروية فأنا أرى حازم مناسب لك "
"جدتي..."
صمتت ولم تتابع كلامها فهي لاتعرف بما تجيب وأي حجة ستخبرهم لترفض هذا الزواج ....حازم من طبقتها الإجتماعية ذاتها ...وسيم لا يعيبه شيء...حتى أخلاقه تحسنت كثيراً ولم يعد ذات الفتى....أي شيء ستتحجج به وحسان لم ينبس ببنت شفا عن مكنونات صدره...
فأكتفت بكلمات قليلة
"دعيني أفكر يا جدتي"
ومضت إلى غرفتها رأتها صفية حزينة شاردة فكرت كثيراً ثم أسرعت إلى هاتفها وطلبت سوسن
"ألو؟. أهلاً خالة صفية ...حسناً سألاقيك في المطعم....أجل أجل عرفته لا تقلقي ستجديني هناك فهو أقرب إلى منزلي منك...حسناً لن أتاخر رافقتك السلامة"
أغلقت سوسن هاتفها ونبضات عنيفة إستوطنت قلبها
"يا الله ..اللهم إجعله خير مااللذي تريده مني الخالة صفية؟"
خرجت مسرعة للمطعم ....لحظات وأطلت صفية وجلست قبالتها
"سوسن.. لا بد وأنك مستغربة من دعوتي لك...لكنك الأقرب إلى سارة"
"لا بأس يا خالتي.. مابها سارة هل هي بخير ؟منذ الأمس وحالها لا يعجبني"
"القصة ومافيها......"
أخبرت صفية سوسن عسى أن تجد كلتاهما حلاً ما فقالت سوسن
"يا الله.. هذا مايزعج سارة إنها محقة بهذا الإنزعاج فحسان يلوذ بالصمت ...كفة حازم هي الراجحة هنا "
"هذا مايزعجني أن حازم هو الفائز هنا ليس لدي شيء ضد هذا الشاب لكن قلبي غير مطمئن عن هذا الزواج.. كيف ومتى أحب سارة؟ فهو بعيد منذ سنين "
"دعيني أجد حل ياخالتي سأتحدث مع علي فهو صديق حسان المقرب"
"حسناً عزيزتي عليَّ العودة الآن قبل أن تنتبه حماتي لغيابي وداعاً"
رحلت صفية تستقل سيارة أجرة عائدةً للفيلا ..تاركةً سوسن محتارة. .أمسكت هاتفها وأتصلت أتاها صوت أمها لتردف سريعاً
"أمي أنا ذاهبة لزيارة سارة فهي مريضة قليلاً إتفقنا.... لا تقلقي
علي سيوصلني"
أغلقت وأعادت إتصال أخر
"علي.. تعال بسرعة"
في سيارة علي شرحت سوسن لعلي كل شيء ثم أكملت
"ماذا سنفعل ياعلي؟"
"لا أدري ياسوسن.. فصديقي أكبر أحمق ..يفضل الصمت ..سأحاول التكلم معه ..ذاهب لزيارته هاقد وصلنا بلغي سارة تحياتي سأعود لأخذك لا تستقلي سيارة أجرة وإلا سأغضب"
إنحنت بعد أن خرجت وأدخلت رأسها من النافذة قائلة
"ستغضب ؟.. ولما تغضب هل تغار علي من سائق الاجرة؟"
"أجل أغار ياحبيبتي والآن اذهبي إلى صديقتك ودعيني أكلم هذا الحجر الأصم حسان"
سارة في الصالة مع جدتها تلاعب يامن أتاها صوت سوسن فتفاجأت لهذه الزيارة غير المتوقعة
"سوسن؟"
"كيف حالكم؟.. جدتي هل أستطيع سرقة حفيدتك قليلاً فأنا أحتاجها بأمر خاص"
قهقهت الجدة لمرح سوسن
"بإمكانك سرقتها لبعض الوقت فقط فأنا لا أستطيع العيش من دونها"
"أطال الله عمرك ياجدتي"
قالتها كلتاهما ثم جذبت سوسن سارة بسرعة صاعدتان إلى غرفتها
"سارة... ما بك؟!"
نظرت سارة باستغراب بإتجاه صديقتها
"مابي؟! انت مابك ياسوسن؟! ماهذه التصرفات الغامضة اليوم؟!"
"سارة منذ أمس وأنت حزينة حالك لايعجبني تكلمي ....أفصحي .أو ..."
"أو ماذا؟!"
"سأعتبر نفسي صديقة لم تنال ثقتك يوماً.. وسيحزني هذا جداً"
"سوسن أنت الوحيدة التي أخبرتها عن أعظم أسراري "
"إذا قولي مابك "
"الأمر هو...."
وجلست سارة على سريرها تقص لصديقتها أحزانها
في منزل حسان نبهته طرقات باب غرفته لم يكد يسمح للطارق بالدخول حتى أطل علي ودخل مغلقاً خلفه الباب
"علي ؟..هل إشتقت إلي بهذه السرعة؟!"
إلا أن علي ظل مقطب الحاجبين يرمق حسان
"مابك يا علي... ماهذا الوجه الواجم؟ تكلم... هل تشاجرت مع سوسن ثانية؟"
"لم أتي أشكو لك ...بل أتيت لأرى آخرتها معك؟"
"ماذا هناك ياصديقي.؟.. أنت ترعبني يارجل"
"حسان ؟هل تحب سارة ؟"
"ماذا؟! ..ماهذا السؤال ياعلي؟!"
"حسان أجب إنه سؤال بسيط ...هل تحبها أم لا ؟"
"بالطبع أحبها وأنت أكثر شخص يعلم هذا "
"إذاً أنقذها"
هب حسان واقفاً يرتعد
"ماذا حصل؟.. هل هي بخير؟.. أين هي تكلم"
"تحبها بهذا القدر ؟"
أخذ صوت حسان يعلو يمسك علي من كتفاه ويهزه
"علي لاتجعل الجنون يتسلط على تصرفاتي وقل ما بها سارة؟ ومما سانقذها؟ تكلم "
"إهدأ ياحسان سارة بخير وبأمان الأمر ومافيه حازم طلب يدها "
أصيبت جميع حواسه بالشلل لوقع هذه الكلمات
وانسكبت على أطرافه الرجفة توسعت حدقة عيناه وجلس لاحول له ولاقوة
"ماذا ؟"
"حسان ..أخبرها بأنك تحبها أوقف هذه المهزلة التي أنت بصددها المال ليس كل شيء إنها تحبك ياحسان"
"م م ما..الذي تقوله ؟توقف عن قول الترهات حول الآنسة سارة"
"هذه ليست ترهات ..إنها الحقيقة لقد أخبرت سوسن عنك وسوسن أخبرتني لماذا جمعناكم إذاً في ذاك اليوم أردناك أن تتقدم بخطوة ....حسان سارة تائهة الآن وهي بحاجتك فحازم لا يعيبه شيء ولن تستطيع رفضه موقفها صعب ياحسان ساعدها"
"لا أستطيع لا أستطيع أن أفعل شيء"
"لاتكن جباناً ياصديقي"
"ليس جبن هو ياعلي ليس جبن لقد أخبرتك سابقاً "
"حاول... أخبرها قل شيئاً يجعلها تستطيع رفض إبن عمها لاتتركها حائرة
بمشاعرك إتجاهها"
"هذا يكفي... يكفي"
"سأتركك لتفكر ياصديقي ...فهي لم تعطي جوابها بعد أعتقد أنها تنتظرك"
خرج علي تاركاً خلفه حسان تائهاً غارقاًفي أفكاره الحزينة ...
ليلتهالم ينم كلاهما ولم تغمض لهما جفن ...
في طريقها للكلية تنظر يميناً ويساراً علها تراه
رأها من بعيد وكأن ألف سيف قطع قلبه فترك الدرب وغادر قبل أن تنتبه إليه جال الشوارع شارداً يفكر بطريقة ما يصل بها إلى حبيبته
دخل المسجد ورفع يديه للسماء وأطرق رأسه بينهما وتنفس بعمق وقال
"يا الله ....ماذا أفعل ؟"
عاد إلى غرفته وارتمى فوق سريره واغرورقت عيناه بالدموع هب واقفاً ومضى خارج منزله
طرق باب منزل علي مستأذناً يسأل عنه لحظات خرج علي وأدخله غرفة الضيافة
"أهلاً ياحسان "
"علي أريد أن أتحدث إلى سارة هل تستطيع أن تجمعنا دون أن يعلم أحد بذلك"
"لك ذلك ...لك ذلك "
"غداً إن شاء الله ؟"
"حسناً ياصديقي"
هاتف سارة يرن يقطع إنشغالها في دروسها في الساعة العاشرة ليلاً صوت سوسن يمر عبره مبشراً سارة
"أعتقد أنه سيتقدم بخطوة إياك ألا تأتي هل تفهمين؟"
"سأتي... سأتي"
خرجت سريعاً تطرق باب غرفة صفية التي سمحت لها بالدخول
"خالتي طلب رؤيتي غداً أكاد أطير فرحاً أعتقد بأنه سيخبرني شيئاً"
سعادة صفية البالغة كادت تفضح الأمر فوضعت يديها على فمها تمنع صوت شهقتها السعيدة من أجل سارة
وصلوا جميعاً إلى المنتزه جلس علي وسوسن على طاولة وحسان وسارةإلى طاولة أخرى ليردف حسان سريعاً ..
"آنسة سارة طلبت رؤيتك ولابد أنك مستغربة من هذا الطلب سمعت أن حازم تقدم لخطبتك"
"أجل فعل لكن لم أوافق بعد"
"برأيي وافقي"
أتت كلماته سريعاً وأشعلت الأجواء بالكثير من العواطف خوف وحزن وألم بدد السعادة عن وجه سارة التي ظلت تنظر في وجهه مصدومة
توترت مشاعره وجعلت أنفاسه تضيق نظر للأفق بنظرات خالية من أي تعبير فهو لايريد أن يوصل لسارة مكنوناته المتألمة أعاد وجهه تلقائها تصبب جبينه عرقاً وابتلع دموعه وأحاسيسه
وقال
"سارة ...لا تنتظري شخصاً لا يستطيع أن يقدم لك خاتماً...هذه حقيقتي قد تكون قاسية لكنها الحقيقية"
لتصرخ من دون قصد منها ملفتة إنتباه علي وسوسن
لا أحتاج للمال.. تباً للمال ..لما دائماً محور الكلام حول المال لا أحتاج شيء سيكفيني وجود هذا الشخص سأكتفي بمشاعره ...س..."
قاطعها سريعاً يقول...
"وهو مكتف بك سيبقيك داخله حلم جميل أترين ..حلم ...حلم فقط والأحلام لا تتحقق يا أنسة سارة لتحقيقها نحتاج للكثير من المال لو تقدم سيرفضه عمك وجدتك أتدرين لماذا؟... لأنه وبرغم أنه قد أصبح طبيباً إلا أنه لايزال حفيد السائق والبستاني"
"توقف... توقف ياحسان لم أعهدك جبان"
ليصرخ قائلاً..
"أجل أنا جبان ياسارة.. أنا جبان ...لذا ودعي هذا الجبان اليوم ...وامضي في حياتك جدي طريق السعادة بعيداً عني...ما أنا إلا عثرة في طريقك"
تركها شاردة متألمة مخذولة فقد خذلها ونهض يمشي على غير هدى تبعه علي مباشرةً
وسوسن جلست قرب سارة المتعذبة واسندتها كتفها تمسح رأسها برفق وتبكي معها لبكائها
"إنتظرته سنين ياسوسن إنتظرت أن يحدثني ولو بحرف إنتظرت أن يبوح بمكنونات صدره ليقتلني اليوم...لقد قتلني ياسوسن لقد قتلتني كلماته"
أنت تقرأ
أثريـاء ولكــن
Romanceجنون ينتفض حين تميل النفس إلى ماليس من نصيبها ويصبح الطمع الدافع الأكبر لها تعمى البصيرة والفؤاد وتتخابط الهواجس ... فيستولي الحقد والكره النفس البشرية وتبدأ الخطوات بالإنحدار نحو مستنقع الجريمة... فتنشب الحرب الضروس بين الحب والمال ذكريات مؤلمة...