لا أرى شئ ...
ماهذا المكان
سواد فقط سواد
أشعر بالخوف
لقد أنهكتني الآلام
والخوف سطر في عقلي
صفحات سوداء
أشباح تطاردني في كل مكان
حتى بت لا أعرف...
الحلم من اليقظة
ألا تيأس أيها الظلام
أنا أختنق ...
أحتاج للهواء
أعطوني جرعة ماء
... أمي ضميني...
إنتفض من قبرك يا أبي ...
أرجوكم أنا أختنق أرجوكم
.........
ما أصعب أن تظل بإنتظار خبر عن أحدهم لا تعلم هل هو ميت أم أنه على قيد الحياة ....
إستيقظت لصلاة الفجر كعادتها أم توفيق رافعةً يدها للسماء دامعة العينان تدعو المولى أن يوفقهم للعثور على حفيدتها....
سارة في حلمها ذاك تركض والشبح الأسود يطاردها ...
حسان يبحث عنها بجذع وخوف بين الحشائش الطويلة.... جدها يناديها ...لتجد حازم بقربها ..... تنظر ليديها فإذ بهما ملطختان بالدماء
فاستيقظت هلعة ...لا تعلم السبب الذي يجعل من حلمها هذا يراودها بإستمرار ويتحول فجاءة إلى كابوس مرهق لأعصابها......
وفي ظهيرة اليوم التالي ....
وصلت زوجة الفلاح تحمل بيدها كيس فيه ملاابس سوداء مدته لسارة
"هذا ماطلبتي يا ابنتي هل أنت عاقدة العزم على الرحيل إبقي قليلاً بعد "
"يجب أن أعود لابد أن جدتي قلقة قلبي يؤلمني على حالها كيف ممكن أن يكون الآن ...شكراً جزيلاً لكل مافعلتموه لي بلغي الطبيب تحياتي"
أخرجت الملابس من الكيس وارتدتها
كانت عبارة عن عباءة سوداء طويلة ونقاب ...
أسدلت نقابها وقالت
"هكذا لن يعرفني أحد سأحاول أن لا أكلم أي إنسان حتى أصل لجدتي"
"حفظك الله ورعتك حمايته"
طرق الباب الفلاح ينادي..
"أنا جاهز يا ابنتي دعينا نمضي "
"هيا يا عمي"
سار الفلاح وتبعته سارة بعد أن ودعت زوجته ووصل بها للمدينة بكل أريحية
سوسن تاخذ قيلولة الظهيرة وقد أصبحت الساعة الواحدة والنصف ظهراً
أيقظهارنين جرس باب شقتها فتح علي الباب ليجد سيدة منقبة تقول
"السلام عليكم ورحمة الله هل لي أن أكلم السيدةسوسن"
"وعليكم السلام ورحمة الله ..عذراً من أنت ؟!"
"إحدى زميلاتها في الكلية هل أستطيع الدخول "
"بالتأكيد...تفضلي ياسيدتي سأنادي سوسن"
ثم توجه لغرفة النوم حيث تجلس سوسن على سريرهما فقد أيقظها صوت الجرس وهو مستغرب يقسم بأن صوت هذه الفتاة ليس بغريب عليه ..
"هناك فتاة تدعي أنها زميلتك في الكلية ترتدي النقاب أدخلتها غرفة الضيافة إنهضي لترينها"
"حسناً ياعلي آتية"
نهضت متثاقلة تتثائب ورتبت نفسها قليلاً ثم دخلت غرفة الضيافة لترفع تلك الشابة نقابها
توسعت عينا سوسن عن أخرهما وارتعدت وخفق قلبها وبصدمة صرخت
سااارة ؟"
وعلى وقع الإسم الذي ترامى لمسمعه أتى علي على عجل.... ليجد سارة وسوسن تتعانقا فقال مصدوم يكاد لايصدق ما يرى...
"السيدة سارة... ؟"
"أرجوكما لا تخبرا أحد أرجوكما "
جلسوا على الآرائك ...مسحت دموعها سوسن ...
كانت تتمنى أن لا تكون في حلم ما فهاهي سارة أمامها بخير بعد أيام على إختفائها ....
"ماذا جرى ياسارة؟ الشرطة تبحث عنك في كل مكان ....ربماعليك العودة "
قصت عليهما كل ما حدث... وهي ترتعد لسرد تفاصيل الحادث المؤلم
ليسألها علي بإهتمام
"ألم تري وجهه؟"
"لا أذكر .....ياالله "
وضعت يديها على وجهها وراحت تبكي فألمتها جراحها من جديد فأمسكت بطنها وانحنت سارعت سوسن تجلس بجوارها تسندها صدرها قائلة ...
"سارة هل أنت بخير؟"
"أجل ياعزيزتي سوسن "
أدمعت عيني سارة من جديد وقالت
"أنا أسفة أني أتيتكم هكذا ..لكن لم أستطع العودة للفيلا ولا أعلم لماذا فأنا أشعر بخوف شديد"
أجابها علي بنبرة حنونة
"لا تقولي ذلك ياسيدة سارة "
ماذا سأفعل الآن أشعر بأني تائهة "
أفزع سارة صوت رنين جرس الباب لتقول سوسن بتوتر ...
"من يمكن أن يكون؟ ...جرس الباب يقرع"
رفع علي يده وصفع جبينه صفعة خفيفة
"يالله ..نسيت أني وعدت حسان للمجيء لقد دعوته لإفطار متأخر معي"
لذكر إسمه وقع غير ملامح وجه سارة فراح قلبها ينبض بقوة وقالت بصوت منخفض بعد أن ذهب علي لفتح الباب
"حسان ...؟"
سوسن وجهت كلماتها لسارة
"لقد أنهكه غيابك ياعزيزتي... دعيه يعلم بعودتك"
كان حسان قد ولج للداخل فوصل لمسامعه صوتها المميز وهي تقول
"لا ...الأفضل..أن لايعلم... "
قال بدهشة يمسك بذراع صديقه ويهزها
"علي..ياعلي .. ؟...صوت سارة .. صوت سارة خرج من الغرفة"
"هل بت تهذي؟.. دعنا نرحل الآن أنا جائع "
"لا.... أنا ...لا...لا أهذي يا علي إنه صوت سارة "
أتى صوتها من خلف الباب ...كترانيم موسيقية عزفت لحناً جميلاً في أجواء المكان .. فارتفعت نبضات قلبه حتى كاد أن يفقد وعيه . ...بعينين توسعتا دهشة نظر للفتاة التي ترتدي نقاباً وعباءة سوداء انفرجت شفتاه بذهول غير مصدق ماتراه عيناه بعد أن خرجت من الغرفة فقد أقنعتها سوسن بأن تعلمه برجوعها
"سارة!؟"
ربت علي على كتفه وابتسم وصوت سارة ينساب برقة يعبث في نبضات قلبه..
"أجل ياحسان أنا سارة "
إقترب منها ورفع يده بإتجاهها و لمس وجهها بأطراف أصابعه المرتجفة
فقد أراد أن يتحقق بأنها ليست وهم إخترعه عقله
فإغرورقت عينيهما دموع وكأن قدّر الله لهما بأن يلتقيا .... ترك علي وسوسن المكان يفسحان المجال قليلاً أمامهما ذاهبين للمطبخ ..
توترت سارة لهذا اللقاء بعد هذه المدة من الفراق بعد ليالي مرعبة قضتها محاولة الهروب من آلامها ...لوهلة نسيت أنها متزوجة لتعود تلك النبضات إليها من جديد خفق قلبها بشدة بين ضلوعها ليحملها فوق المنطق في دنيا لم تتسع لسواهما بادر حسان سؤاله يقطع هذا الجو المشحون بالعواطف ...
"ماذا حصل ياسارة؟ ...أين كنتِ كل هذه الأيام؟..لقد كدت أجن ...أين كنتِ؟"
تأوهت وانحنت بشدة فقد أوجعها جراحهامن جديد..فأقبل يمسكها كي لا تسقط
والتقت عينيها بتلك الفيروزيتان اللتان تشعان حباً ودفء ....
أبعدت عنها يديه برقة قائلة وهي تعاود الجلوس على الأريكة...
"أنا بخير يا حسان ...جراحي تؤلمني..فحسب "
"جروحك؟!"
قصت عليه كل ماتذكره فنهض منزعج يشد قبضته يصك أسنانه
"لو أعرفه لأحطمن عظامه...سارة يجب أن يعلم المحقق بعودتك ".
"أنا خائفة ياحسان ...خائفة"
جلس بجوارها وقبض يدها بين يديه يطمئن قلبها الهلع
"لا تخافي ...جميعنا حولك ....الشرطة ستحميك لن تسمح له بالإقتراب منك يجب أن تدلي بإفادتك قد تطلعينهم على أي تفصيل صغير يؤدي لإلقاء القبض عليه...."
سحبت يدها من بين يديه وقلبها يطالبها ببقائها
"لدي ورقة من الطبيب قال يجب أن أقدمها للشرطة حين أقدم إفادتي"
"أي ورقة ؟"
"هذه"
مدت يدها بورقة موقعة ومختومة من طبيب القرية
قرأها بعينين واسعتين مدهوش لما أتى فيها .....
"الوغد حاول خنقها ثم طعنها مرتان ...
الحمد لله حمداً كثيراً أنه لم يظفر منها بشيء"
قالتها سوسن لزوجها وهي تجهز طعام إفطار لحسان وعلي
ظل حسان وسارة يتبادلان نظرات بين فينة وأخرى جالسان في غرفة المعيشة بإنتظار الإفطار .
أنت تقرأ
أثريـاء ولكــن
Roman d'amourجنون ينتفض حين تميل النفس إلى ماليس من نصيبها ويصبح الطمع الدافع الأكبر لها تعمى البصيرة والفؤاد وتتخابط الهواجس ... فيستولي الحقد والكره النفس البشرية وتبدأ الخطوات بالإنحدار نحو مستنقع الجريمة... فتنشب الحرب الضروس بين الحب والمال ذكريات مؤلمة...