|| 1 ||

165 11 2
                                    

--
--

كانت كعادتِها ، تضع سمّاعتها و تحثّ خطواتها الى المنزل وعقلها يفكر في أمرٍ آخر تماماً .

يصطدم بها طفلٌ باكٍ ولا تأبه ، بل تُبعده عنها بهدوء .. وأحدهم يمشي بسرعة جنونية ولكنها تقطع الشارع دون أدنى اهتمام .. فيتوقف مفزوعاً ليصرخ بغضب عارم :
" هلّا انتبهي الى الطريق يا **** " .

ألقت عليه نظرة خاطفة تحمل اغتياظاً شديداً ثُمّ اكملت خطواتها بلامبالاة .

وبينما هي على وشك ان تصل الى منزلها ، قطع حبل أفكارها صوت عجوزٍ من خلفها يقول :
" أسمعتي عن اللعبة الجديدة يا ابنتي الحُلوة ؟ " .

تأفّفت وهي تتمتم " قصر قامتي لا يعني أن يعاملوني كطفلة !! " ، ثم ادارت وجهها بتملل وهي تقول : " أيّ لُـعبة ؟ " .

أشار بيده اليها لتدخل وهو يقول :
تعالي يا ابنتي ، حيَّاك الله  " .

اقتربت وهي تتفحّص المكان باندهاش ، فقد كان مملوءًا بألعابٍ الكترونية لا تُعدّ ولا تحصى .

قال بتفاخر : " في متجري الكثير من الألعاب الّتي ستدهشك حتماً ! " .

همهمت وهي تُبعِد سماعتها عن أُذنها وتقول :
" اذاً ، أيّهم التي حدثتني عنها ؟ " .

" آوه اجل " أجاب وهو يخفي نظرة مكرٍ عنها .

بعد عدة ثوانٍ ، أحضرها بسرعة وكأنّه حفظ مكانها عن ظهر قلب .

قالت وهي متعجّبة من حجم وطول اللعبة اللذان يفوقان طولها : " هذا عظيم ! " ..

صمتت لوهلة ثُمّ استأنفت وفِي قلبها الف رجاء :
"وما سعرها ؟ " .

بعد ان ألقى على مسامعه إحداهم من خلال سماعة خفية " ١٠٠ دولار " . اجاب :
" مـ .. مئة دولار يا حُلوة " .

أخفضت نظرها الى الأسفل وهي تدخل يدها في حقيبة يدها الصّغيرة ، اخرجت محفظتها ودون ان ترفعها ، ألقت نظرة خاطفة استطاعت تقدير كم دولاراً لديها . كما توقّعت بل كانت متأكدة ..
لم يكن يكفي سعر اللعبة ..

ضحكت ببلاهة تحت نفسها وهي تسخر من حالها وتتمتم :
" سعر لعبة يجلب لي حياة متكاملة !
يالسخرية القدر! " .

نظرت اليه وقالت بثقة مُصطنعة :
" نسيت المال ، آسفة ! لربما آتي في وقتٍ لاحق .. انها لعبة جميلة بحق ! " .

غضب السّامع المجهول غضباً لم يُعهد من قبل وقال : " أخبرها أنّك مستعد لإيصال اللعبة إلى بيتها لكبر حجمها ! وتستلم المال في آن واحد ! " .

قال بعد ان تعرق جبينه بتوتر : " مهلاً مهلاً ! " .

- " ماذا هناك ؟ " .

- " لن تستطيعي إيصال اللعبة وحدك ، انظري اليها ، حجمها سيُهلكك ، ما رأيك ان أوصلها واستلم المال هُـناك ؟ " .

لم تجد إجابةً ..
ما به يغلق أبواب الهرب حولها هكذا ؟
أيّ إصرارٍ هذا !

لكنها ورثت الحذق من جدتها وسرعان ما اجابت :
" لدينا ضيوف لا أستطيع ! ".

ثم غادرت دون ان تحاول إجابة او حتّـى سماع ما يثرثر به . رغم أنّ ذهنها لا ينفك عن التفكير بهذه اللعبة ! تكاد تتقطع حماساً لأن تجربها ..

وما ان فتحَت باب المنزل حتّـى حاصرها الصّداع ووالدتها كذلك .
" أين كنتِ ؟ ما كلّ هذا التأخير " .

اغمضت عينيها تكظم غيظها ثُمّ تخطّت والدتها ، وإلى غرفتها دون إجابة .
" لا تنسي انّي والدتكِ !! " .

" انها بضع دقائق فحسب ! لا تقيمي حرباً لأجل حضوري الّذي لن يجدي نفعاً " .

وصفعت الباب بقوة وهي تسمع والدتها ترمي شتائماً وتصفها بـ " عقوبة من الله " .
جلست على حافّة سريرها على أهبة الاستعداد لروتينها الممل كالعادة الّتي تأبى التغيير ..

مشاجرات والديها ستتكرر بعد عشر دقائق ..
يأتي والدها من العمل مُرهقاً ، فتقابله والدتها بتعداد كم تعبت من نقص الطعام و المنزل الضيق الذي لا يحتمل .. و و و ..
بدلاً من ان تغرقه بالسلام والقبلات ..
ثُمّ يسمعها دون ان يستمع اليها فعلاً ، يجلس على طاولة الطعام بعد ان تنهي شكواها التي لا تنتهي ..
يقطب والدها جبينه واصفاً الغداء بأنّه " سيّء " ، ثم تزمجر والدتها غاضبة بأنه لا يعجبه شيء ، وهكذا دوَّامة لا تنتهي .. ولن يعجبكم ذاك الروتين المملوء بلهيب نيران والدتها وأبيها اللامبالي .
------------

عودة بعد غيابٍ طويل ..
اليس هُـناك ترحيبٌ لي ؟ ☺️

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jun 11, 2017 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

Untitled Part 1Where stories live. Discover now