الفصل الاول

291 10 0
                                    

ساعة المنضدة ترن بقوة محدثة جلبة جعلت النائمة تتململ بنومتها منزعجة تفرك عينيها بيد وتمد يدها الثانية لتطفىء تلك الساعة الشريرة التي ايقضتها من اجمل احلامها ، حلم كل يوم يتردد للياليها ليدفىء برودة كوابيسها التي اضنتها في الواقع قبل الاحلام ،
اغلقتها بتثاقل ويدها ما زالت على زر التنبيه معلقة و رأسها مشعث الشعر مدفون بين وسادتين
لا يظهر منه غير بعض من خصلاته البنيةالممزوجة بصفرة خفيفة ، استسلمت اخيراً للنهوض من دفىء فراشها ولنهاية احلامها الوردية وجلست تنظر حولها لغرفتها الكئيبة التي تحوي القليل من الاثاث ،سرير صغير وبجانبه منضدة لساعتها الشريرة التي توقضها لبدأ كابوسٍ جديد ويوم رتيب لا لون فيه ، ومنضدة التسريحة العتيقة وخلفها مرآة معلقة على الحائط تعكس لها هيئتها التي باتت تكره النظر اليها ، ادارت بصرها للجدران التي غدت الوانها باهتة
نظرت مطولاً لها متمتمة بسرّها .. (سأدخر من مصروف هذا الشهر مبلغاً لشراء علبة طلاء لأطلي هذه الجدران المقرفة ..)
سحبت ربطت شعرها من على المنضدة ولملمت خصلات شعرها المتناثر وربطته الى اعلى رأسها بأهمال على شكل كرة تاركة خصلةً قصير تحوط احد جوانب وجهها الاسمر المستدير الذي ينير بحمرة وجنتيها المكتنزتين و كُرتي عينيها الخضراوتين المحاطة بأهداب كثيفة تحت حاجبها المقوّس ، جمالها الطبيعي و الساحر لم يجلب لها غير التعاسة و سوء الحظ وكره من زوجة خالها وابنتها (زمن) التي لطالما احست ان ورد تنافسها باغلب امور حياتها فازداد بغضها لها،
نهضت من سريرها وهي تمط ذراعيها وتتثائب
بكسل متجهةً لباب غرفتها،
انتفضت مشدوهة للصوت العالي و المزمجر الذي يهتف بأسمها ،
اسرعت بفتح الباب وخرجت متعثرةً بخطواتها للتي تهتف بغضب فهي لا تريد ان يتحول هذا الهتاف الغاضب الى صراخ و شتم وربما ضرب كالعديد من المرات الفائتة ،
زوجة خالها ( نهاد) لم تكن طيبة معها و لم تحبها فعندما كانت بعمرالثلاث عشر وبعد وفاة والدتها بساعات قليلة ، جلبها والدها اليهم غير آبه لها
ولا لمشاعر الحزن والفقد التي كانت تعتريها انذاك ،
فعاشت منذ لحظاتها الاولى في هذا البيت على انها الخادمة المجانية لافراده لدفع الثمن الباهظ الذي تعلق عبئه برقباتها وحدها ، عبء ذنب والدها ورميه لها هنا في هذا المكان صارت هي من يتوجب عليها دفع ثمنه ،

صرخت ( الخالة نهاد ) بإمتعاض..

( الساعة ستشارف على نهاية النهار ايتها الاميرة !! متى ستشرفينا بنهوضك المبجل ...؟ )

قالت كلمتها الاخيرة وهي تطل برأسها من باب المطبخ ترمق (ورد) بنظرات حقد و بغض وبعينين فاقعتين ..ولطالما كان الكره والحقد المشاعر الحصرية التي بثتها من قلبها لتلك اليتيمة غير مهتمة بحالها و بالأسى الذي يحيطها ،

اجابت (ورد) بتلعثم:: ( لقد نهضت خالة نهاد .. وسأتوجه حالاً لتنظيف المنزل و ترتيبه ، أممم ..ماذا سنطبخ اليوم ؟؟ )

( وتسأليني انا يا هانم ... ) صرخت بجملتها وهي تحرك بفمها بحركة استنكار ...
(وما عملك انت يا ابنة الخمّار ؟؟؟)

انتفضت (ورد) من مكانها مفزوعة لمعزوفة الصباح اليومية ، لطالما كرهت بداية يومها ومعزوفات (الخالة نهاد )الصباحية، التي يقشعر لها بدنها خوفاً واشمئزازاً،

خرجت من دورة المياه تهرول مسرعة لتبدأ بعملها في البيت قبل ان تغضب اكثر تلك (الخالة نهاد )
وترتفع معزوفتها و يستمع لحوار الشتم كل من هبّ و دبّ في العمارة وحتى من في المنطقة ايضاً،

دخلت المطبخ وظلت واقفة مشدوهة للمكان الذي كان عبارة عن تلال من الصحون والقمامة التي تملأ الارضية والروائح النتنه من قناني الكحول المنتشرة على طاولة المطبخ ، تمتمت بالاستغفار لما رأته من منكرٍ فرض عليها التعامل معه وهي لا تحبذ ذلك ، فخالها و زوّاره الذين يترددون عليه كل ليلة للعب القمار يجلبون معهم المشروبات المحرمّة وحتى انها رأتهم في احد الليالي الغابرة انهم ينتشون المخدرات فهم وعلى رأسهم خالها المهيب لا يأبهون للحلالِ والحرام

كانت ابنة خالها (زمن ) تقف بباب المطبخ واضعة يدها على احد جانبي خصرها وترمق ورد بقرف ، انها قريبتها بالدم فقط و التي لطالما لم يبدر منها ل (ورد) غير الشتائم و الصراخ بوجهها و حتى الضرب احياناً لم يكن هناك احداً يرضى لهذه المعاملة، قالت لها بطريقة آمرة ::


(استعجلي بعملكِ يا هانم ،.. فلديَّ موعد مهم واحتاج لكيّ ملابسي ولن انتظرك هنا بينما انت تتبخترين بمشيتك بالمطبخ من غير عمل ...)

اومأت (ورد) برأسها ايجاباً ، ومشت بخطوات سريعة نحو باب المطبخ الذي كانت تسده (زمن ) بجسدها فاتحة يدها على مصرعيها تلامس جوانب الباب وكأنها تسدّه عنوة رامقةً اياها بنظرات جانبية تدل على القرف ..

وقفت مبهوتةً كيف ستخرج من باب المطبخ الذي اغلقته هذه بجسدها ، انزلت جسدها كي تخرج من الفتحة التي بين ذراعها و أحد جانبي الباب
لكنها سقطت منكبةً على وجهها بفعل (زمن )المعتاد الذي لطالما كانت تفعله كي تضحك عليها حين سقوطها ،

كل مرة تسلم منها لأن (ورد) لا تفعل شيئاً سوى الامتعاظ وبصمت لكن هذه المرة غير دفعتها ورد من كتفها بعدما قامت من الارض و عدلت خصلات شعرها التي تناثرت جراء السقوط ،

تفاجأت زمن على رد فعل ورد الجديد فهي لم تعهدها تدافع عن نفسها حتى في حالات الضرب المتعمد ،
صرخت زمن بصوت عالي ( امي ..تعالي لتري ..ابنة الخمّار ، لقد برزت لها مخالب يا امي .. وبدأت تعض اليد التي امتدت لمساعدتها ، )

جاءت (الخالة نهاد ) مسرعة تحدج تلك التي تسارع نبضها وازداد تنفسها خوفاً من الاتي بغلٍّ وغضب ...............

انحناءة الوردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن