البارت الأول من حب للبيع ...
تأليف لينا عبدالله .
" ألمانيا ،متجر ODOR "
رجلٌ عجوزٌ أصلع الرأس غائر العينين بدين الجسد قبيح الوجه ، يصرخ كغوريلا همجيه في وجه العاملة المسكينة أمام المتجر .
و أشار إلى الملصق في الخارج بينما أصابعه الثخينة تضغط على واجهة المحل الزجاجية ، و بطنه السمينة تهتز لأعلى و أسفل في كل مرةٍ يصرخ فيها .
ليسأل بعد أن انهال عليها بوابلٍ من الكلمات اللاذعة ، يلتقط أنفاسه من نوبة الصراخ تلك ...
-ما هذه القمامة ؟
صاحب متجر " ODOR " العجوز السمين ، لم يعجبه إعلان تارا الجديد ، و قد عزم على طردها من المتجر ،بسبب فعلتها الغبية و التي ستودي بالمتجر إلى الهلاك ، فكانت آخر كلماته ...
-نحن لسنا في سيرك يا أنسة .
إلا أن دوام الحال من المحال ، و تارا العاملة المكروهة من قِبل الرئيس باتت الآن من أفضل و أمهر الموظفين ، فذلك الإعلان الذي وصفه بالقمامة ، كان سببًا في جلب وفودًا من الزبائن لم يحلم بها هذا العجوز في حياته .
متجر "ODOR " كاسمه يعني العطر أو الرائحة ، و لتجذب الزبائن إلى المنتجات الجديدة تحتاج إما لإعلانٍ جذاب أو لعارضة خارقة الجمال ، و الشرط الثاني مستحيل خاصةً بوجود العجوز البخيل ، فكان الخيار الأول هو الأرجح .
إعلان تارا جعل المتجر مشغولا ً مملوء ً بالزبائن إلى أن نفذت كمية العطر الموجوده ، و حصل على أرباحٍ خيالية من مجرد إعلانٍ خيالي .
و كجائزة لمجهود تارا جعلها المسؤولة الأولى عن الإعلانات و ياله من شرف ٍ عظيم ٍ عدته هي ، إلا إنه في الحقيقة عملٌ إضافيٌ دون أجر ، ليثبت ذلك العجوز أنه بخيلٌ جشع .
و بينما تلك الحمقاء في أوج سعادتها ، حاول زميلها في العمل أن يفتح عينيها على خدعة ذلك البخيل ...
- لما كل هذه السعادة ؟! حمقاء . إنه يستغلك ليس إلا .
و حرك المكنسة يمنه و يسره بعصبية ، لتقترب تلك الشقراء الساذجة منه محاولةً ًإغاظته...
-ما الأمر ليون أتشعر بالغيرة ؟
أوقع المكنسة صدمة ً ، ليجيبها على سخافتها التي ألقتها في وجهه منذ قليل ...
-و مما سأغار ؟! أتعلمين شيئًا هنيئًا لكِ بمحبة السيد باول .
و غادر إلى الخارج بينما يتمتم ...
-يا لحماقتي و أنا الذي كنت قلقًا عليها .
ليكمل التنظيف في الخارج ، يتَنَقل ما بين الأرضية و زجاج الواجهة .
و من بعيد طفلة حسناء جميلة ، حمراء الشعر خضراء العينين تقترب من المتجر ببطء متردده ، تأرجح دميتها القطنية تارة ًو تحادثها تارة ً أخرى ، بدت غريبة بثوبها الممزق و بشرتها البيضاء المشوهة ببقع الطين و الوسخ .
كان يتأملها ليون بطريقة مفضوحة ، حيث توقف عن الكنس بل و استند على المكنسة يراقبها عن كثب ، كانت تريد الدخول إلى المتجر إلا أنها متردده ، تنظر إلى إعلان تارا و تحادث الدمية ، فكر ...
-غريب ٌ أمر هذه الطفلة !
لذلك تقدم إليها ، فخافت .
تراجعت للخلف خطوتين ، فتراجع هو الآخر ، و عندما شعرت به يتراجع ، قررت التقدم .
فكان هو يرجع للخلف خطوة و هي تتقدم نحوه خطوةٌ أخرى ، إلى أن ارتطم بباب المحل و دخل ، لتتبعه هي .
رائحة العطر الزكية دخلت في أنفها و عشعشت فيه ، فشعر بها ترتعش و من ثم تعطس !
إلا أنها أظهرت ابتسامة جذابة جميلة ، و من ثم خاطبت الدمية بكلماتٍ بالكاد مفهومه ، لتهز رأسها و تتقدم نحو الطاولة المليئة بما يسر الناظرين من أشكال زجاجات العطر و ينعش الأنف من الروائح الجذابة الساحره .
و عندما التصق وجه الفتاة الصغيرة بزجاج المنضدة الزجاجية ، تقدمت إليها تارا ، و قد كانت هي المسؤولة عن البيع في تلك الساعة .
-ما الأمر يا صغيرة ؟
تراجعت للخلف فزعة ، و قد تفاجأت من ظهور تارا إلى جانبها ، ثم ما لبثت أن عادت تخاطب دميتها من جديد ، لتعود فتخاطب تارا بجدية ...
-ألديكم حب للبيع ؟
جمدت تارا في مكانها و كذلك ليون ، و سؤالٌ واحدٌ راود كليهما ...
" ما هذا الطلب الغريب ! "
#يتبع
رايكم ؟
قرأت البارت ، فضلاً صوت 🌟
و بتعليق عبر عن رأيك 💬
أنت تقرأ
حب للبيع ! |©2017
Short Storyطفلة غريبة حمراء الشعر خضراء العينين ، اقتحمت حياة العاملة البسيطة تارا دون سابق إنذار ، لتحوَّل رتابة أيامها و سكون حياتها إلى زوبعة قلبت حاضرها رأسًا على عقب ... و أما الفتيل الذي أشعل نار الخراب ، لم يكن إلا سؤالٌ بسيط خرج من ثغر الطفلة بعفوية...