فتاة الاستعراض

6.7K 57 4
                                    

مدت غريس روبنز يدها داخل حقيبة أمتعتها وتناولت على مضض الثوب الأسود الحرير المخرم ، وهي تتساءل كيف ستتمكن من المضي قدماً بأقتراح ماريا الشائن .. فهي حتى الآن ، لم تكن قد ارتدت أبدا مثل هذا الثوب ، ولم تفكر قط في ارتداء ثوب كهذا يظهر تقاسيم جسمها .
خاطبت غريس نفسها في المرآة "المشكلة انك بطبعك متشددة ..."فهي لاتجد أي متعة في جذب الانظار اليها .
تنهدت ..ربما الحل أن تتقبل الأمر شيئا فشيئا ..فقد دخلت على كل حال شقة صديقها .
بعدما دخلت الى إلى الشقة وقفت غريس لتتأمل بدقة صورتها في المرآة الطويلة وتأثير جمال قدها .الذي أحيط بإطار الباب خلفها .أنها تبدو رائعة حقا ربما كانت ماريا على حق فسيتفاجأ اليوم عندما يرى ماتبدو عليه من جمال أخاذ
ارسلت للمرآة ابتسامة عريضة مكشرة ؛وحاولت أن تأخذ شكلا مغريا.ليرتفع صوتها في فضاء الغرفة الفارغة :تا..تا..انه يوم الاستعراض ....الا ابدو جميلة ؟
حدثت نفسها بقلق :لا..أنها تبدو سخيفه
جربت وضعا آخر أكثر احتشاما ..بالتأكيد لا .
اوه..يالله ..لماذا أزعج نفسي ؟ليست انا من تقف هنا بالتأكيد !رفعت يديها الى وجهها بذعر ساخر .تأكدت أن لا فائدة حتما؛من تمثيل دور الأنثى الفتاكة ؛ولن تنجح ابدا بالقيام بمثل هذا الدور .
نظرت غريس الى الساعة فوق طاولة الزينة ورأت أن لا داعي للخوف الان.. فما زال لديها ساعة من الوقت على الأقل لتفكر بهدوء وتعقل قبل عودة هنري ...
غلست ..بهدوء وتعقل؟منذ ايام وهي غير قادرة على وضع فقرة واحدة إلى جانب اخرى وشدت على كفيها.. كل هذا غلطة ميتش وينتويرث !الرئيس الجديد الذي دفعها لهذه الورطة!
منذ فترة اسبوعين كان مجرد التفكير بتنصيب ميتش وينتويرث لأدارة الشركة يبدو لها وكأنه يقضي على كل تفكير لديها..كان سخطها وقلقها بسبب هذا الرجل هو الذي أوجد في الاساس فكرة ماريا السخيفة وقتذاك... أراحت ماريا مرفقيها السمينين فوق طاولة الكافيتيريا ودنت من غريس وكل تعابير النصح على وجهها ثم تنهدت لتقول:
_بالله عليك .. توقفي عن القلق بسبب ميتش وينتويرث وركزي اهتمامك على العلاوات مديرنا الجديد مذهل وسيأتي في أي يوم ليستلم إدارة"أفلام تروبيكانا "..وانت كمساعدة له ستعملين معه جنبا إلى جنب ...هل رأيته صورته على غلاف مجلة "موڤي ماغ؟"
أخرجت ماريا من حقيبة يدها مجلة ورمتها على الطاولة .
ردت غريس ؛وأنفها ينكمش بازدراء
_بالطبع رأيتها نظرة واحدة إلى ابتسامته الزائفة المتكبرة والى المرأتين الواقفتين قربه .جعلتني أشعر بالرغبة في تقديم استقالتي .. ميتش هو مثال ط.أ.وص
_عفوا؟
_طويل وأسمر ..وصعب المنال.
زمن غريس شفتيها بقسوة ودفعت المجلة جانبا
_واثقة .انه في حالته هذه .سيكون طويلا وأسمر وصعب الأرضاء وواثقة أن العمل معه سيكون فظيعا
_نصف النساء العاملات في صناعة السينما يتمنين أي فرصة للحصول على وظيفتك .فيكفيهن أن يتنفسن الهواء عينه الذي سيتنفسه ميتش وينتويرث
تنهدت غريس :"هذا يكفي !كل ما أسمعه من هنري هو كم أنا محظوظة لأنني سأعمل مع ميتش وينتويرث العظيم "
فرفعت ماريا أصابعها بحركة المنتصر:
_هنري؟ألآن فهمت!وينتويرث ليس مشكلتك انه صديقك ...هنري كان يجب أن أعرف .
أدارت غريس عينيها
_لقد ارتكبت خطأ عندما تحدثت بمشروع فيلم وينتويرث القادم "الغد الجديد"وها هو هنري يقضي كل ليلة وهو يصمم رسومات على الكومبيوتر. رسومات يعتقد أن وينتويرث سيرغب في استخدامها .
_وهكذا ليس لديه وقت لك؟
_بالضبظ
لقد التقت هنري بعد وصولها إلى بلدة تاونسڤيل قادمة من سيدني .وكانت فرصة جيدة ليعرفها على البلدة ..لكن منذ اسبوعين .وبسبب تأكده من قدرتها على التأثير في رئيسها الجديد .بدأت حماستها تجاهه تخف الى حد ما .
أن تجربة غريس مع الرجال .جعلتها امرآة قلقة .فما زالت تعذبها ذكرياتها عن روجر ذلك الجرذ المهذب القاسي الذي حطم قلبها .بعد تلك التجربة المدمرة .لم يكن من الصعب عليها أن تكتشف ان ميدان العمل هو ارض الرجال المغرورين .الرجال الذين يحاولون أن يحطوا من قدر النساء لهذا السبب كانت تواعد هنري الذي لم يكن وسيما لكنه شخص يتمتع بفضائل اخرى لها الأولوية عند غريس هذه الأيام فهو متعلم رزين وألاهم من كل هذا أنه أمين وهزت كتفيها ترد على ماريا
_انا ...لا أعتقد أن هنري غير مهتم ..انه فقط يبدو أحيانا ذاهلا
_ذاهل؟مالذي يلهي رجلا حقيقيا عن جمال وجهك هذا عدا ذكرك قدك
_الكومبيوتر لعبة مذهلة
_اتحبينه؟
مررت غريس يدها في شعرها الأحمر البني الكثيف تنفضه عن قلادتها
_أنا أشعر أنني ...مغرمة بهنري ...أما هو ...المسألة..كلها مسألة وقت.
هزت ماريا رأسها بخيبة بعدما كادت تصيح بذعر:
_وقت؟ فتاتي العزيزة ..الحل هو قطع سريع للعلاقة .انسي أمر هنري .وتطلعي الى مستوى أعلى
_أعلى ؟ماذا تقصدين؟
_ميتش وينتويرث بالطبع .بأمكانك الايقاع بالرئيس الجديد ..فلديك كل مايلزم
نظرت ماريا الى جسدها الممتلئ وقالت بحسرة :"ليتني لا أحب الشوكولا!"
وقفت غريس
على قدميها بقوة لتصيح بصوت مرتفع :
_الرئيس الجديد؟أين ولاؤك ماريا؟فكري في ما فعله برئيسنا السابق جورج هيرڤي الرجل العجوز المسكين الذي رمي فوق ....القاذورات باستيلاء وينتويرث على الشركة ..لقد اقتحم وينتويرث طريقه إلى الشركة بالقوة ويتوقع منا ان نتحول فورا إلى الطاعة العمياء
جلست مجددا .وأخذت بيد صديقتها:
_شكرا لاحتضانك لي بعطف ... لكنك بعيدة كثيرا عن الهدف استطيع تحمل فكرة العمل مع الرجل فكيف أن ...
لقد انتفض قلبها لمجرد التفكير في مثل هذه اللعبة
_سأبقى قطعا مع هنري.
_هل انت واثقة ؟
فجأة شعرت غريس أنها واثقة فعلا
مرافقة صديق مثل هنري أمري عقلاني يبعث على الاطمئنان ويشبه ارتداء حزام الأمان في سيارة .لكن التعرف الى رجل بغاية التسلط مثل ميتش وينتويرث .كحكمة الغطس تحت الماء مع اسماك القرش
قالت"يجب أن أجد طريقة لأبعد هنري عن الكومبيوتر .وأعيد اهتمامه بي مجددا "
انفرج وجه ماريا بابتسامة واضحة:
_لاتقلقي عزيزتي لقد خطرت ببالي فكرة لامعة ..وسنضع حدا لسخافة هنري قبل وصول السيد وينتويرث ليلهي صديقك سنلهيه نحن وسنجعل هنري يلاحظ وجودك!
بدت ماريا اكثر اندفاعا فسارعت غريس تقول :
_اوه ..لا أدري ما إذا كان هذا ضروريا .
كيف تحول حديث عادي عن ميتش وينتويرث إلى نقطة تستعد فيها صديقتها كي تطلق فكرة إنقاذ لحياتها الغرامية؟ تابعت محاولة بمضض الحد من لهجتها القاسية
_أنا ممتنة لنواياك الطيبة ..لكنني لست يائسة الى هذا الحد وأعتقد حقا أن هذا أمر بيني وبين هنري فقط .
وقعت عينا غريس على هيئة ميتش وينتويرث المبتسم على غلاف "موڤي موغ" صورته وهو يقف بباب مكتبها علقت في مخيلتها بشكل خطير ..ما أن يصل الرئيس الجديد حتى تصبح هذه الابتسامة الوقحة وهاتان العينان كعيني ولد شقي وهذه العضلات غير المحتشمة على مسافة قصيرة منها كيف يمكنها بحق الله متابعة عملها كل يوم بينما رجل مثل ميتش وينتويرث يحاول أن يحيط بمكتبها بأسلحة مثيرة وقاتلة؟
هذا الإدراك المفاجئ دفع غريس الى العمل وقالت لماريا :
_حسنا ...سأعطي هنري فرصة أخيرة ..ماهي فكرتك اللامعة ؟
لكن الاصغاء إلى خطة عمل ماريا كان أسهل جزء.
الان .وغريس تقف ترى بمرآة هنري مشهد عينيها الواسعتين المتلهفتين وأصابعها المرتجفة استطاعت أن تتحرر من عقدة الذنب التي ولدت عندها بعد قرارها ترك العمل باكرا .ودخولها شقة هنري فالوقت الضائع يمكن تعويضه في يوم آخر

اعدني الى الصحراء ... {روايات احلام} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن