ذاكرة رجل

3.4K 45 4
                                    

_غرايس! ما الذي دهاك؟
استدارت غرايس ترتجف رعبا ..اتسعت عيناها عندما شاهدت هنري يتقدم نحوها عبر غرفة جلوسه ووضعت يدها على فمها. . . كان وجهه القرمزي يتلوى غضبا .
صاح:"هل تدركين ماذا فعلت لتوك؟ أتعلمين من...؟"
توقف عن الصراخ فجأة ...وكأنه أدرك انه يزيد من سوء هذه المهزلة .وانخفض صوته إلى همس مذعور:
_هذا ميتش وينتويرث على الباب !
تأوهت غرايس :"اعرف...أعرف "
_لماذا جئت الى هنا دون أن تخبريني ؟فماذا سيظن بنا الان ؟

وكأنما الجواب على سؤاله خطر على باله فجأة.فأخذ يتمتم لاعنا  واستدار على عقبيه وعاد الى الباب الامامي .
سمعت هنري يصرخ :
_لقد ذهب!وينتويرث ذهب!
اندفع هنري بعنف الى الغرفة
_لقد دمرتني ! تدركين هذا..اليس كذلك ؟لن أحظى الان بفرصة ليرى رسوماتي
لوح بيديه في الهواء وأخذ يحدق فيها:
_لقد أحضرت ميتش وينتويرث إلى هنا غرايس . . هنا في منزلي . . كان سيلقي نظرة على كل تصميماتي الليلة ! الليلة !ايتها المرآة الغبية !لقد أفسدت كل شيء
ارتجفت غرايس :
_انا آسفة هنري. . كيف لي أن أعرف إنك ستأتي به إلى هنا؟ فأنا لم اعرف حتى انه في تاونسڤيل.
لم تكن تريد الان الا مغادرة هذا المكان .
كان هنري مهتاجا كولد مدلل اوقع الأيس كريم على التراب . . وتمتمت :
_ انا واثقة انك ستتمكن من عرض أفكارك عليه في وقت أخر .
لماذا أضاعت لحظة واحدة في محاولة إثارة اهتمام هنري بها؟
رفعت كتفيها بهزة غير مبالية
_بدت . . فكرة جيدة في وقتها. .
لكن ليس بعد الان ! واجتاحتها موجة خجل وخوف من جديد . . لم تدرك يوما انها في مكان خاطئ ووقت خاطئ مثل اليوم !
أمسكت حقيبة أغراضها . وقالت متمتمة :"لن أطيل البقاء"
كفكفت برفرفة عينيها دمعة إحراج وخجل . وتجاوزته مسرعة إلى خارج الغرفة

لكن المشكلة الكبيرة   هو الغد !فكيف ستتمكن من مواجهة مديرها الجديد؟
ارجوك . . ارجوك الهي . . لاتدعه يتعرف الي !لاتظنه سيتعرف أليها فما وضعته على وجهها من مساحيق أخفى معالم وجهها وهي عادة لا تتبرج كثيرا

حين دخل ميتش وينتويرث إلى مكتبها في الصباح التالي . انحنت غرايس فوق جهاز الكومبيوتر ودعت ربها كما لم تدعه يوما

كانت مستعدة أن تزحف في كيس من الخيش ذلا وندما . ستتبرع بمبلغ كبيرا للفقراء . وقد تفعل الأثنين معا . اي شيء شرط أن لا يظنها إمرآة فاسدة تقيم علاقة غير لائقة مع هنري .
هذا الصباح . عانت الكثير كي تبدو مختلفة عن الليلة السابقة . لكن هل كان ذلك كافيا ؟فجأة . وميتش واقف وسط مكتبها شكت غرايس في أن مراهم الشعر وتسريحة الكعكة البدائية قادرة على تغيير مظهرها . . كما شكت في قدرة النظارة السميكة الإطار التي استعارتها من جيرانها . . الامر الوحيد الذي أعاد لها اطمئنانها . هو أن ميتش قد لمحها الليلة السابقة لوقت قصير جدا . وبالتأكيد   هذا الفستان البني الكئيب البسيط المحتشم  سيخفي شكل جسمها

ماحصل من جدال على مدخل شقة هنري كان محرجا ومخجلا . . لكن لحسن الحظ لم يلاحظ ميتش أي علاقة تربطها بهنري اسبينال . . او بتلك المرآة التي استقبلته .
مع ذلك   عندما اتجه نحوها كانت تبدو وكأنها تحضر نفسها لتلقي ضربة قاسية
_صباح الخير . . من السعادة والشرف لي أن اقابل الأنسة روبنز ؟
حدقت عيناه السوداوان فيها بدقة . ولكنه لم يظهر مايدل على انه رآها من قبل
أجل وعمت الراحة نفس غرايس . ولكن لم تظهر معالمها على وجهها وهي ترد:
_صباح الخير سيد وينتويرث
وقفت تمد يدها لتحييه بشكل رسمي . . وأحست  وكأن الغرفة تضج من حولها لشدة توترها مصافحته كانت قوية وصارمة
يالله . . إنه طويل !وعريض الكتفين . . كانت متحضرة لان ترى البنية العظيمة الشديدة التحديد . والشعر الأسود الكثيف . والعينان المغريتان وليلة امس عرفت أنه رجل ضخم . . لكن الان وهو في مكتبها الصغير . كان يشغل مساحة كبيرة . . ولا مجال للتهرب من طراز رجولته الصاخبة . . ومن المظهر الذي تعلمت غريزيا أن لا تثق به .
_لقد أوصوا بك كثيرا فجورج هيرڤي اعطاني تقريرا رائعا عنك .
ابتسمت بفتور .لكن ميتش لم يبادرها بالابتسامة .بل أكمل:
_لكن . . كل هذا انتهى الان . . عليك أن تثبتي نفسك .
أثبت نفسي؟

اعدني الى الصحراء ... {روايات احلام} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن