زحمة آلام

1.2K 57 24
                                    

هنا .. في هذا البلد العربي .. في هذا الشارع العربي يوجد سائرون ، مارون ، عابرون سبيل .. حائرون ، تائهون في المشاكل في الدروب في الأحوال .. كلاً منهم يحمل .. يملك مشاعر ، حزن ، فرح .. يملك هماً .

في هذا الشارع العربي تسير تلك الفتاه ذات الثامنة عشر عاماً مع صديقاتها تبتسم وتضحك وهي عائدة من درسها تستغل تلك الأوقات السعيدة من حياتها التي أصبحت بائسة بعد وفاة والدتها منذ حوالي سنتين والتي لم يمر علي وفاتها نصف العام وتزوج أبيها بأخري متعللاً بعدة أسباب ... وكانت تلك الأخري مثالاً لذات الوجهين أمام الأب تمثل وجه الأم الحنون المراعي المهتم ، وفي غيابه تمثل!! تمثل !! بل لا تمثل هي في ذلك الحين تظهر الوجه الحقيقي وتنزع قناع الرحمة التي تتقنع بهِ .... وصلت الفتاه للمنزل لتتنهد بحزن وهي توقن أن الأوقات السعيده انتهت وستتبدل بأخري خانقة الأن، وضعت المفتاح بالباب وأدارتهُ لتدخل وهي تتمتم بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " ، ومن ثم ألقت السلام علي زوجة أبيها من باب دينها فقط والتي كانت تجلس متمدده علي الأريكة تقلب بين قنوات التلفاز وهي تمضغ العلكة بطريقة مستفزة ، وكالعاده لم ترد زوجة أبيها عليها والتي تأففت فقط من رؤيتها فتغافلت الفتاه عنها وتجاهلتها وهي تتجه نحو غرفتها وتغلق الباب خلفها ، أخذت تغير ثيابها وهي تحمد الله أن أخيها الصغير صاحب العشر سنوات لم يأتي بعد من درسهِ لكي لا تستفرد بهِ زوجة أبيهم وتشغلهُ لحسابها لكي يلبي طلباتها ويشتري إحتياجاتها وتشغلهُ عن دراستهِ ،، انتهت لتخرج من الغرفة متجهَة إلي الحمام لتتوضأ وتصلي فرضها ومن ثم إستمعت إلي صوت زوجة أبيها الآمر بإحتقار " أبوكي أدامه ساعتين علي ما ييجي ، قومي حضري الأكل " ،، وكالعاده تجاهلت الرد عليها وهي تدخل المطبخ لتخرج مكونات الغداء وتبدأ في طهيها ليس تلبيةً لطلبها بل لأنها تراعي أخيها وأبيها وكأن ليس لتلك المرأه وجود فهي لا تثق بها ولا تأتمنها علي أي شئ .... وفي وسط انهماكها بالطهي وصل أخيها الذي إتجه لها يقبلها علي وجنتيها لتبتسم بأريحه فهو ما يسعدها في تلك الحياه قبل أن يبدأ بسرد ما حدث معهُ في يومهِ لتجاريه في الحديث ببعض التعب ثم تتحدث بابتسامة إصطنعتها من أجله " روح يلا غير هدومك وأتوضي وصلي وعقبال ما تخلص هيكون الأكل خلص " ، استمع لكلامها وذهب لغرفتهِ الذي يتشاركها مع أخته ووضع حقيبته علي مكتبهِ وراح يفعل ما قالته أخته ويبدل ثيابه ثم خرج متجهاً للحمام لتوقفه زوجة والده متحدثة " إنت ياض إنت إنزل هاتلي ... " وقبل أن تكمل جائت أخته من المطبخ متحدثة بضيق وحنق " مش هينزل في مكان لأنه لسه جاي وعنده واجب ومذاكره ،اللي عايزاه انزلي إشتريه لنفسك" ومن ثم إلتفتت لأخيها لتحثه علي الذهاب متحدثه " روح شوف كنت هتعمل إيه " ليومئ الصغير لأخته ويكمل طريقه للحمام بينما راحت زوجة أبيها ترمقها بغضب وعادت الأخري تكمل طهي الطعام وعلي طاولة الطعام إلتف الأربعه يتناولون طعامهم حيث وصل الأب المنزل بعد يوم عمل شاق وانتبه بحواسه إلي زوجته وهي تتحدث " إيه رأيك يا حبيبي في الأكل ، تعبت أوي وأنا بعمله وبنتك قاعده حاطة رجل علي رجل " ليغمغم الأخر بخفوت ويتحدث " تسلم إيديكي يا حبيبتي ، معلش البنت عندها مذاكره بكري تاخد الأجازة وتساعدك " ورغم معرفتهُ بأن ما يتناوله الأن هو طعام إبنته الذي يعرفه عن ظهر قلب ولكن ما باليد حيله فقد تغنجت الأخري ساحرة عقله لتجعله يكتب تلك الشقه التي تحتويه هو وأولاده بإسمها لهذا هو مجبر علي الخضوع لترمقه بنته باستهزاء في النهاية والدها انساق وراء شهواته متعللاً بأنهُ سيتزوج من ترعاهم .....  ليكون سبب في دوامة آلام مرهقة لأطرافها تتداولها الأيام إلي سبيل غير معروف نهايته .

زحمة آلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن