احذر من أيامك، من مشاعرك وحتى من ذاتك،
فأنت لا تعلم أي يوم ستلتصق ذِكراه بِفِكرك،
ولا أي مشاعر أنت ترسلها بجمودٍ لمن أحبه غيرك،
ولا حتى الفعل الذي تسحبكَ إليه همومكَ في أشدِّ لحظات ضعفك.بكلماتٍ قليلةٍ غزَتْ تفكيرها خَرِسَت، فما تعيشه ليس أهلًا للجِدال كما تظُن هي،
أمامها صُحبتها الأفضل كما ارتكز في ظنونها الغَبِرة، وكما استلمت مسامعها منهن؛ فما أحبَّته هي ليس بذوقهن،
فأجبرت صراخ ذاتها المتحمسة بالصمت وتمثيل سماع هراء أفواههن.ثرثرةٌ يصاحبُها هُراء، وأما هي تسلَّحت بالسُكون،
تريد الحديث، ولكن! ما أحبَّت ليس ضمنَ قائمة حديث صديقتيها.تريد البَوحَ عما يُزعجها من أفعال تقترفها صديقتيها، ولكن!
"ما تريده صديقتاي، هو ما يجب فعله"تردد جملة واحدة بجرأة أما ذاتها التي قذفتها من مدى تفكيرها المحدود؛
لتلك الكِذبَة التعيسة التي عاشت هي تحتَ أوهامها سنينًا، الكِذبةُ التي بدت بيضاء بكثرة ما رددت ألسنتهن.كذبة الصداقة.
"مضت أيامها السعيدة حتى حانت لحظة الفراق"
كلا! بل بكل بطء يلتهم أيامها التعيسة وصلت نحو اللحظة التي ستبرق بها حقيقة كذبتها الصغيرة،الكذبة الصغيرة التي خلّْفتْ تلك الفجوة الضخمة في قلبها.
الأحاديث بينهن لم تنتهي، تعلو أصوات القهقهة فيتربع الصمت لثوانٍ ليعود ضخبهن.
لكن وقتهن ليس الدهر بطوله، انتهت أوقاتهن لكن ليس أحاديثهن.تيبَّستْ أقدامها، تجمدتْ أذرعها، وبقيَت كفُها تلوح لأطيافهن المغادرة،
رأتْ نفسها كحاويةٍ دون قلب يضُّخ دفء المشاعر لأطرافها،لكن ربما لم تلحظ وجود قلبها فقد اكفهرَّ الليل فيه دون قمرٍ يتوسط صفحةَ السماء.
شهورٌ قليلة تفصل بينها وبين يومها المحتوم، شهورٌ تمنت لو كانت بطول الدهر أو أطول،
رفقة جديدة على وشك البروز على خشبة المسرح، في مسرحية حياتها، بأدوار جديدة غريبة مختلفة تمامًا عن سابقاتها.
أنت تقرأ
أحاديثٌ مطوية
Short Storyغريبٌ حقًا... على الرغم من أنكَ أنتَ من تدَّعي معرفة نفسك؛ إلا أنكَ لستَ بعالمٍ لسبب هذا الألم المفاجئ في ذراعك. غريبٌ حقًّا؛ أنكَ لا تعرف ما هو السبب الذي يدفَعُكَ مُوَجِّهًا إياك لهذا القرار الخاطئ. غريبٌ حقًّا؛ عدم معرفتك بهذه الدموع الشفافة...