حينما قام العرب بتعريب العلوم، نقلوا من اصطلاحاتها الى لسانهم ما استطاعوا نقله، ونوّعوا الالفاظ على مقتضى المراد كما تقدم. وما لم يستطيعوا تعريبه، نقلوه بلفظه الى لسانهم.. وأكثر ما يكون ذلك في أسماء العقاقير، والأمراض، او الأدوات، او المصنوعات التي لم يكن لها شبيه في بلادهم. فمما اقتبسوه من أسماء العقاقير: الافسنتبن، والبقدونس، والزيزفون، والسقمونيا، والقنطاريون، والمصطكي من اللغة اليونانية. والبابونج،والبورق، والبنج، وخيار شمبر، والراتينج، والزرجون، والزرنيخ، والزاج، والسرقين، والاسفيداج، والشاهترج، والشيرج، والمرداسنج من اللغة الفارسية. ومن أسماء الامراض ونحوها من الاستعمالات الطبية: القولنج، والترياق، والكيموس، والكيلوس، وقيفال، ولومان، وملنخوليا من اليونانية...وسرسام، ومارستان من الفارسية. ومن المصنوعات والادوات: الاصطرلاب، والقيراط، والانبيق، والصابون من اليونانية.. والبركار، والبوتقة، والجنزار، والدسكرة، والاسطوانة من الفارسية. ومن الاصطلاحات الفلسفية ونحوها: الهيولي، والاسطقس، والفلسفة، والطلسم، والمغنطيس، والاقليم، والقاموس، والقانون من اليونانية.. غير ما اقتبسوه من اللغة الهندية، وأكثره من أسماء العقاقير ونحوها. فترى مما تقدّم ان اهل تلك النهضة لم يكونوا يستنكفون من اقتباس الالفاظ الاعجمية، ولم يتعبوا انفسهم في وضع الفاظ عربية لتأدية المعاني التي نقلوها عن الاعاجم.. بل كانوا كثيرا ما يستخدمون للمعنى الواحد لفظين من لغتين أعجميتين. فالسرسام مثلا اسم فارسي لورم دماغ حجاب الدماغ، استعمله العرب للدلالة على هذا المرض.. ولما ترجموا الطب من لغة اليونان استخدموا اسمه اليوناني وهو "قرانيطس" ولو استنكفوا من استخدام الالفاظ الاعجمية لاستغنوا عن اللفظين جميعا.
أنت تقرأ
اللغة العربية كائن حي - جورج زيدان
Tiểu thuyết Lịch sửكتاب "اللغة العربية كائن حيّ" هو كتاب لمؤلّفه جورجي زيدان يعدّ اضافة خاصّة للعربية في نظرته العامّة للفلسفة اللغوية؛ فيتحدث فيه عن مراحل تطوّر وتنوع معاني ومدلولات ألفاظ العربية و توظيفاتها عبر العصور. اضافة لاختلاف تراكيبها وأساليبها. كما يتحدّث أي...