هذا ما يقال من حيث التراكيب، وأما الالفاظ فقد كثر فيها الدخيل والمولَّد، وأكثرها في الالفاظ الادارية المتعلقة بالحكومة ونظمها وما يتعلق بها. واليك أمثلة من الالفاظ المولدة في عصر التدهور مما يختص بالادارة، وقد وضعنا بإزاء كل لفظ ما صار اليه معناه في ذلك العصر: النائب: القائم مقام السلطان. الساقي: المتولي مدّ السماط وتقطيع اللحم وسقي المشروب. المشرف: متولي أمر المطبخ. ملك الامراء: من الالقاب التي اصطلحوا عليها لنواب السلطان. رأس النوبة: الذي يتحدث على مماليك السلطان. أمير المجلس: الذي يتولى امر مجلس السلطان. وقس على ذلك سائر الرتب المحدثة في الدولة التركية، والكردية، كأمير السلاح، ومقدم المماليك، وأمير علم، ونقيب الجيش، والعامل.. وهذا غير العامل في الدولة العربية فانه في الدولة التركية يراد به منظم الحسابات.. ومثلها الصيرفي، وكاتب السر، والناظر.. وهو خاص في الاموال، وصاحب الديوان، والشاهد، وغيرها. ومن هذا القبيل الالفاظ او النعوت التي تكتب في المكاتبات والولايات، واليك امثلة منها:
الجانب: من القاب ولاة العهد بالخلافة ومن في معناهم، كامام الزيدية اليمني في مكاتباته عن الابواب السلطانية. المقام: هو خاص بالملوك. المقر: يختص بكبار الامراء، وأعيان الوزراء، وكتاب الشرف: كناظر الخاص، وناظر الجيش، وكاتب الدست.
الجناب: من ألقاب أرباب السيوف والاقلام جميعا.. فيما يكتب به عن السلطان وغيره من النواب ومن في معناهم.المجلس: هو من ألقاب أرباب السيوف والاقلام ممن لم يؤهل لرتبة الجناب. مجلس (بلا أل): يضاف الى ما بعده، فاذا قيل مجلس الامير كان لقب أرباب السيوف على اختلاف طبقاتهم، واذا قيل مجلس القاضي كان مختصا بأرباب الأقلام. واذا قيل مجلس الشيخ كان لقب الصوفية وأهل الصلاح. واذا قيل مجلس الصدر كان للتجار وأرباب الصنائع. الحضرة: ويراد بها حضرة صاحب اللقب، وهي من الالقاب القديمة التي كانت تستعمل في مكاتبات الخلفاء.. وكان يقال فيها الحضرة العالية والحضرة السامية، ثم صارت تستعمل في العصر الذي نحن فيه للمخاطبة من الابواب السلطانية الى بعض الملوك او الاعيان. هذه امثلة قليلة مما تولد في اللغة العربية من الالفاظ التي اقتضاها عصر الدول الاعجمية، وأكثرها كان له معنى وتنوع على ما اقتضته الاحوال عملا بناموس الارتقاء. الالفاظ الدخيلة في عصر التدهور
أنت تقرأ
اللغة العربية كائن حي - جورج زيدان
Fiction Historiqueكتاب "اللغة العربية كائن حيّ" هو كتاب لمؤلّفه جورجي زيدان يعدّ اضافة خاصّة للعربية في نظرته العامّة للفلسفة اللغوية؛ فيتحدث فيه عن مراحل تطوّر وتنوع معاني ومدلولات ألفاظ العربية و توظيفاتها عبر العصور. اضافة لاختلاف تراكيبها وأساليبها. كما يتحدّث أي...