كوب قهوة بنكهةٍ حُلوة .

28 1 0
                                    

غُرفة مُتوسطة الحجم ، بسيطة إلي حد ما ، ملابس مُبعثرة هنا وهناك ، تلفاز صغيرة ، ثلاجة صغيرة وأيضا موقد صغير .
مسكن لا بأس به لفتاه في الحادية والعشرون تسكن منفردة ، تعمل بدوآم جزئي من الساعة السابعة إلي الرابعة والنصف ، ويالسوء حظ هاتفها المسكين ، إنها السابعة إلا الربع وها قد حان موعد صراخه المُستمر بلا توقف إلي أن تستيقظ سندريلا عصرها من النوم .

ّمُستقيظة بشعرها الأشعث ، وعيناها المُغلقتين الناعستين ، وكأنها سُحبت من عالمٍ إلي عالم آخر ، ودخلت في صراع مع الفضائين في معركة الحفاظ علي الكرة الأرضية ، روحها مسحوبة ووجها شاحب ، تسقط في غيبوبة قدرها ثوانٍ من الزمن ، كي تحدد أبعاد العالم الذي تنتمي إليه ، وتستيقظ حواسها الدآخلية مُنبئة بقدوم يومٍ جديد ..

يومٍ جديد ، هذا ما تود آنا أن يكون وصفه ، تود لو أن تستيقظ مرة علي إشراقة أمل صباح سعيد ..

نادلة ، طالبة ، مُوصلة بيتزا ، تُعيل نفسها ، والكثير من التحديات التي تواجهها ، لكن تلك المصاعب لاشئ أمام مصاعبها النفسية .

آنا مريضة بآنفصام الشخصية ، شُخصت بهذا الداء منذ أن أزهرت زهرة عُمرها السابعة ، ومنذ تلك السنة وهيا تماما في عُزلة ، بعثها والدها رجل الأعمال الشهير * جوستوف * إلي مصحة نفسية أملا ان يختفي عار مرض ابنته إلي الأبد ، لتتنفس زوجة أبيها الصعداء منذ رحيلها من ذاك القصر ومن حياتها إلي مُدة لم تُعلم لها نهاية .

حُبست آنا منذ نعومة أظافرها داخل غرفة بيضاء مُبطنة بالأسفنج الأبيض ، مُنعزلة عن العالم أجمع ، بحُجة مرضها الخطْر ، دون ذنب ، فُعلت بها تلك الوقيعة من أنثي المكر والدهاء ، زوجة أبيها المُتغافل المُتلاهي خلف الأموال والثروة ، لكي تُفرّغ لها المحيط كي تنسج ألاعيبها حول زوجها الاهي بدهاء ، لتنعم هي الأخري بنعيمٍ لا ينفذ ، وسلطانٍ لا يُمس .

عاشت آنا بين ظلال الأسفنج الأبيض الممل بضع سنوات آُخر ، تُعامل كداء خطِر يُرجي الحرز منه ، صابرة علي هذا البُعد الجافي من والدها ، ومُتئلمةً من تجبر زوجة أبيها وبغيها ، صامتة لا تُحادث أحداً ، كأنما لُجمت شفتاها عن الحراك والنطق بفصيح الكلام، فكرت بأن صمتها هو عقابها لقسوة العالم الجافي ، لكنها لم تُدرك أبدا أن صمتها هو عقاب نفسها لنفسها ، تؤلمها فحسب وتؤذيها بسبب قسوة القلوب تجاهها .

آنا الآن  تُعامل كأنها بكماء من تصريحها من المشفي لعدم وجود أي أدلة آخري من وجهه نظر الطبيب الذي شخصها مُؤخراً ، والذي هو يملك. مصدآقية وشفافية في عمله عكس الطبيب الذي أدخلها عُنوةً وظُلما ، لا انفصام شخصية ولا اضطراب نفسي ، هيا فقط لا تستطيع الكلام ، هذا ما ذُكر في سجلها الطبي ، قبل أن تُسرح من المشفي الذي احتجز فرحة طفولتها بين جدرانه الإسفنجية .

بحفنة صغيرة من المال ، وبدون هوية ، خرجت تلك المُراهقة إلي غياهب العالم ، هل يا تُري سوف تُؤذيها براثنه ?! ، أم هل سوف تُحتضن بين ثنايا جوده وعطفه ?! ، تتمني الثانية وتبغض الأولي .

Fairy Tale ..~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن