صديقي العزيز

670 33 58
                                    






اتمنى أن تسعني الأسطر،هذه رسالة كتبتها لصديق بعد أن كنا أنا وهو ضحايا علاقاتٍ سامة،طاحنة،حُلوة ومرة،لم تصله هذه الرسالة بعد،كما هو الحال مع باقي الرسائل:
صديقي العزيز..... ماهي الصداقة ياتُرى؟ ولماذا هي صعبة هكذا؟ لماذا يرحل الأصدقاء؟لماذا نخسر العديد منهم؟هل كانت صداقتنا معهم حقيقية؟أكان كل مابيننا مزيفا؟ أنا لا أعلم.

يمكن للأصدقاء أن يكونوا بشعين في داخلهم أحيانا،يمكن لهم أن يتغيروا فهم وبعد كل شيء ليسوا إلا بشرا مِثلنا.

نحن لا نتفهم ذلك،إن نظرتنا للصديق ليست واقعية،إننا نظن به الكمال ونقدسه وهو ليس كذلك،لا أحد كذلك،

لذلك نُصاب بخيبة أملٍ كبيرة حين يتغير،حين لا يعود
كما كان عليه في السابق،لقد تناسينا أنه ليس إلا فردا من قطيع البشر،ذلك القطيع المقيت،إنهم يتغيرون فالتغيير من طباعهم،والخيانة والغدر والكراهية كلها جزءٌ من طباعهم الخبيثة،لذلك أيها الصديق لا تُصب بالخيبة،لا تكترث لما حدث،هكذا هي الأمور ولقد اعتدتها في الواقع،اعتدتها أكثر مما يجب.

كم صديقا خسرتُ حتى هذا اليوم؟إنني أظن أحيانا أن الذنب ذنبي،لقد فعلت كل مابوسعي لأُبقي عليهم،أولئك القذرون غادر كلٌ منهم على حده،ولم يودعني أحدهم كما يلزم،إنهم لا يفهمون الوداع كيف أنه قاسٍ،ليس عليهم جعل الوداع أسوأ مما هو عليه،كان عليهم أن يرحلوا بسلام،لم أُرد إفساد لحظاتنا العزيزة،أردت حين أتذكرهم أن أتذكر ذكرياتنا السعيدة معا،لم أُرد تذكر رحيلهم،وكيف كان الوداع،تشبثت بهم ثم لم أفعل،أظهرت لهم محبتي ثم أحيانا أخرى لم أفعل،صدقني لم يكن هناك فرق،سيرحلون بعد كل شيء،

لا تتعب نفسك كثيرا أيها الصديق الطيب،أنت طيب في أعماقك وأنا أعرفك جيدا،وقد آلمتني جراحك،كنت تنزف لفراقهم وآلمني ذلك،لقد رأيت فيك صدقا لم أره في قلب أحدٍ منذ وقت طويل،إلهي كم أخشى عليك من الأذى ياصديقي فأنت رقيق،هشٌ وسهل الكسر،وحين كنت إلى جانبك لم استطع فعل أي شيء،كانت جراحك تزداد عمقا وكنت أنا عاجزا عن فعل أي شيء،يدهشني كيف أن لنا القدرة على كسر بعضنا،وكيف أننا نعجز عن إصلاح هذه الكسور،إننا وحوش وأنا كذلك أيضا،لكنك ملاكٌ ياصديقي،وقد استغلوا طيبتك وحطموك،كنت مثلك ذات مرة،لكن قلبي الآن ليس إلا شظايا،بقايا زجاجٍ لا تقوى على أن تنكسر من جديد،إنها ليست نقطة ضعف،إنها النقطة التي استمد منها قوتي،حقيقة لم أعد أكترث،لا أكترث لأمرهم لكنني أكترث لأمرك،إنك ملاك وداخلي رغبة جامحةفي أن أحميك،لا أريدك أن تمُر بما مررتُ به،وأن تفقد روحكَ العذبة هذه المحبة للحياة،ذلك سيؤلمني وسيؤلمك،ومايؤلمكَ يؤلمني أشد إيلام،لا أريدك أن تصبح مثلي أو تصبح مثلهم،لا أريدك أن تفقد روحكَ الطاهرة هذه،إنك بريء إلى الحد الذي يُشعرني أن علي حمايتك،ومايؤلمني أكثر أنهم يرون بوضوحٍ معدنك لكنهم لا يكترثون،إنني اتألم بشدة حين أتذكر كيف يمكن للحياة أن تقسو في كثيرٍ من الأحيان،لقد عانيتَ بما فيه الكفاية وهم على علمٍ بذلك،لن أغفر لهم ولو غفرتَ أنت لهم،كيف لهم أن يحطموا قلب شخص رقيق مثلك؟ كيف لهم أن يفعلوا ذلك بمحبوبي؟كيف لهم أن يؤذوا قلبا أحُبه؟ إنني اتألم لمصابك،ولكنني أعلم أنك ستتجاوز كل الصعاب،أنت فتاي ذو القلب الطيب وأعلم جيدا أن الحياة لن تنجح في تغييرك،لن تنجح في جعلكَ واحدا منهم،هذه الرسالة قد لا تصل إليكَ يامحبوبي ورسائلي لا تصل دوما،لكنني أحبك،أحبك بشدة وسأكتب لكَ دائما،حتى اذا ماحققت حلمكَ وجعلتني فخورا،سأهديكَ هذه الرسائل وسأكتب لكَ دائما،سأقف إلى جانبك،سأراقبكَ وسأكون بقربك،أحبك ياصديقي العزيز.

رسائل لا تصل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن