إنَّ هؤلاء البشر المنتشرون في أصقاع الأرض و باختلاف أجناسهم و أعراقهم و طبيعة حياتهم و ميولهم الشخصية، إلا أنهم يشتركون بأمر واحد.. ألا و هو أنّهم يبحثون عن السعادة على هذه الأرض.
قد يخلتلف مفهوم السعادة في منظور كل منهم، بيد أنهم يسعون للغاية نفسها.
هذه الكلمات كان يقولها لي جدي حين يأخذني إلى مقهى البلدة -التي نشأت فيها- بينما كنا ننظر إلى الناس حولنا الذين كان كل واحد منهم منهمك بنفسه.. الذاهب للعمل أو العائد منه.. سعيدون أو حزينون..متفائلون أو متشائمون.أنا شاب بعمر 21 اسمي هو آدم، أدرس علم النفس بأحد أكبر جامعات برطانيا، أنا يتيم الوالدين نشأت و ترعرعت برعاية جدي الذي أخذني للعيش في كوخه الصغير بعمر الثالثة حين فقدت أمي و أبي بحادث قطار مروع و هم عائدون من العمل.. لست أذكرهم كثيرا فأنا لم أكن واعيا كفاية في حياتهما.
جدي العجوز -الذي لوحت الشمس وجهه و أضافت إلى تجاعيد وجهه الكثيرة لوناً أسمراً خفيفاً افترق عن لون لحيته الشديدة البياض- كان كل شيء بالنسبة إلي .. وصاياه و كلماته أحفرها في صميم قلبي و صوته الجهوري الثخين ما زال يتردد في مسمعي رغم مرور خمس سنين على وفاته.ما أريده منكم حين تقرأون قصتي أن تتمعنوا في كلماتي جيدا و تأخذوا منها فائدة تساعدكم في حياتكم علَّكم تتفادون أسوأ ما فيها.
قصتي يا سادة ليست تحمل الإثارة و الحماس ولا تختلف عن قصة أي شاب عادي رغم ضروف حياتي السوداوية في بدايتها.. لذا سأبدأ دون سرد تفاصيل غير مهمة.الفصل الأول : آلام
ألمُ العشق.. وجعُ الفراق.. كلمات كنت قد قرأتها مراراً و تكرارا في الكتب و الروايات ..
قرأت تجسيداتها و تفاصيلها في شخصياتٍ سكنتْ بين حنايا الصفحات العديدة..
لكنّ, كل ما قرأته و سمعت به ليس يقارن بما رأته عيناي في تلك اللحظة.. عينان يملئهم الأسى و دمع حائر في المقل و أجفان أذبلها طول السهر ,و وجه كئيب أرهقه مرارة الفراق..
هذا ما رأيته في حال صديقي العزيز و الوحيد روجر,,
احتارت الكلمات على شفتي و غصت بالأحرف حنجرتي, محاولا بدأ حديثٍ معه..
استطعت -أخيراً- إخراج بعض الكلمات بما يشبه المزاح عَلّي أنتزِعهٌ من هذا الجو الكئيب: ألا تظن أنك تبالغ بالأمر.
نظر إلي نظرة بائسة –خرقت قلبي- و ارتسمت على وجهه ابتسامة فارس مهزوم ينتظر الموت في أية لحظة.
أكملتُ محاولا تجاهل الشعور المؤلم الذي حاصر قلبي جراء ابتسامته تلك: أين روجر القوي ذاك , أنا لا أراه في الأرجاء.
أشاح بوجهه نحو النافذة و رد بصوت مخنوق مرتجف: يا صديقي العزيز عليك أن تعلم أنه مهما كانت قوة المرء منّا فإنه لن يستطيع مجابهة جبروت العشق.
دموعه الوفية له بقيت مُنصاعة لأوامره و بقيت حبيسة تلك المقل الحزينة, لكنها ما لبثت أن تساقطت بغزارة تروي لحيته الشقراء الخفيفة بعدما نظر إلى صورة حبيبته التي هجرته و تركته وحيداً يصارع كل هذا الألم المدمر.
أكمل محاولا جعل كلماته متماسكة رغم ارتجاف صوته الشديد: إن جروح القلب لا تنزف, لكنها تؤلم لدرجة تفوق الوصف, يا صديقي، قد لا تفهم معنى كلامي الآن لأنك لم تمر بأي تجارب سابقة في الحب. لربما في يوم من الأيام أجدك تنهل من سعادة هذا الشعور يا أخي(يقصد الحب).
..قال جملته الأخيرة و هو ينظر في عيني بتلك العينين الزقاوين مبتسما بمشهد لم تخال عيني رؤيته يوما من شخص مرحٍ و محبٍ للحياة كـ روجر,.
تلك النظرات اليائسة و هذه الابتسامة المُسحقة ما كانت لتخرج من شخص مثله إلا أنه واجه أصعب و أمرّ أيام حياته...........................نهاية الفصل
أنت تقرأ
حُب، سعادة، حياة
Romanceبين أيديكم قصتي.. بين حبٍّ، سعادة و حياة.. سهم حبٍّ أصاب غير مكانه .. سعادة تملأ الدنيا و تلونها... تختصر بينهما معنى الحياة..