يجلسُ على مكتبهِ الواسع الذي أخذ نصفَ مساحةِ الغرفة المطلية بلون البني المحروق، فارداً منكبيه على ظهرِ الكُرسي الدوار، بينما يُدخنُ سيجار ثقيل وباهظ، كَرشهُ تتدلى على فخذيهِ السمينة، ووجهُهُ يعلوهُ التقاسيم المتكبرة، يمتلك صلعه ملساء وعلى جوانب رأسه منابت للشعر الأبيض !
سَمعَ طرقتان خفيفتان على الباب قَبلَ أن يُفتحَ ويداهمهُ صديقُ دراستهِ الكبرى ' جونـمين ' ، لَم يكن السيد جونمين أقلَ حظاً من رئيسهِ دونـجونغ ، لكن الفرص تسابقت لا أكثر وقد حظي أحدهم على المنصب والسمعة والآخر أصبحَ عميلاً لديهِ وتحتَ إمرته ، وعلى عكسِ دونجونغ ، جونمين يمتلكُ الهيئة الهزيلة والنحيلة ، بينما ذقنهُ يكتسحهُ بعضُ الشعر الأبيض .. لا يمتلكُ صلعه ساطعة كرئيسه ، لكنهُ أيضاً يمتلك شعراً أبيض على جوانبهِ وسوالفه ، جونمين رجل عاشرَ رئيسهُ كثيراً، حتى أيامَ الدراسةِ كانَ كثير الوفاءِ للصداقة وربما لتفاوت الفرص هو أصبحَ أقلَ صخباً وأكثر حنكة وحكمة عن رئيسه الذي أخذتهُ النقود والسمعة للتكبر وإبراز الماديّ منهُ أكثرَ من المعنوي، جونمين من أكثر الأشخاص حسرةً على الأشياء السعيدة التي لم تكنُ تنفكُ عن مبارحتهِ أيام طفولتهِ إلى تعيينهِ كيد يُمنى عكسَ صديقة الذي جحدَ في أيامهِ السابقة ورماها، ونعم المال يُغير.
جونمين تنحنحَ قليلاً، يجذبُ انتباه صديقهِ الذي بدا كأنهُ يفكر بينما يسحبُ بعضاً من الدُخان وينفثه بحدة ، الرئيس رفعَ عيناه عن المساحة الفاصلة بينَ المكتب وقدمِ جونمين وثبتها عليه ولم ينطق بأي حرف يُذكر، المساعد أخذها إشارة ليتقيأ ما في بلعومهِ من حديث مُعاتب لِما أصدرهُ من قرار ظالم.
" لن تَفعلَ ذلكَ دونجونغ، إن قراركَ غير صائب .. أن تعلمَ ما نتاج القرار الذي سيعني خسارة بنسبةٍ عالية للقوات البحرية، وعلاوةً على ذلك أنت عينتَ أسماءً يافعة وقائد في بدايةِ عُمره الناضج، إنّي أُعارض وبقوة، ولن بتمَ التوقيعُ على هذا القرار اللعين! "
بلكنةٍ كورية ريفية كانَ قد تعودَ عليها رئيسهُ حينما يغضب، طَرقَ بأصابعهِ على الطاولة بينما يبتسمُ باستفزاز، وهذا أثارَ جنون مساعده ليدفعَ الكرسي المقابل للمكتب، تنهدَ دونجونغ ليديرَ الكرسي للجدار الزُجاجي المُطل على ساحةِ التدريب الخاصة بالعسكريين المُستجدين، عقدَ يداهُ خلفَ رأسهِ ليتحدثَ بصوتهِ الثقيل والمبحوح إثرَ السيجار الذي أعتادَ عليهِ يومياً مُنذُ أن ترقى لُيصبحَ رئيس دائرة القوات العسكرية البحرية.
" لقد وقعتَ بالفعلِ جونمين "
الآخر أعترفَ بفشلهِ في أقناعِ رئيسهِ عن عدول قرارهِ الذي رُبما سَيُحدثُ انقلاب حار بين القوات العسكرية وأهالي هؤلاء اليافعين، أقتربَ إلى المكتب وأراحَ نفسهُ على الكرسي المقابل لكرسي سيده ملتقطاً كأس الماء البارد، جونمين يرى أن صديقهُ عبارة عن صائدِ نقود، هو سيفعل المستحيل فقط ليرى المردود المادي، دون أن يعطي لعنةً لما سيحصل، الهزيل تكتفَ حينما أنهى الكأس، يُفكر بعمق كيفَ سيجد حَل يرضي قائدهُ، وكذلكَ دون خسارة بشرية وانقلابات لعينة.
أنت تقرأ
The Amaranthus Day
Mystery / Thrillerحَيثُ الحُبُّ يَموتُ نازفًا تِلكَ هِيَ زَهرةُ الموتى؛ الزّهرةُ التي لا تَذبلُ!