استيقظ من نومه على إهتزاز هاتفه بداخل جيب بنطاله .. نظر حوله بإدراك لقد بات ليلته على تلك الأريكة التى شهدت تصارع ذكراها الأولى معه .. زفر بضيق ناظراً فى ساعة يده ثم إستل هاتفه مجيباً على المتصل
بشير : hello
ليندا : Dr. Bashir you are late for your operation the patient has
come and he is ready for it now
(دكتور بشير لقد تأخرت على العمليه الخاصة بك ، المريض أتى وعلى إستعداد لها الآن )
بشير : ok Iam on my way
(حسناً أنا فى الطريق)
**
خرج من غرفة العمليات بثقة كعادته فأسرع إليه أهل المريض
بشير بابتسامه واثقة : هو بخير دلوقتى بس فى غرفه الإفاقة
والد المريض بسعادة : متشكر أوى يا دكتور واضح إن الى قاله دكتور حلمى الوايلى عنك كان فى محله
بشير : دكتور حلمى أستاذى وشرف ليا انه يرشحنى لجراحه دقيقة زى دى ياريت لما ترجع توصله سلامى
الوالد : إن شاء الله
بشير منصرفاً : بعد إذنك وحمد الله على سلامته
**
هبت فزعة من نومها كعادتها منذ أيام .. نفس الكابوس بنفس تفاصيله المرعبة .. إعتدلت من رقادها ومسحت قطرات العرق التى كست ملامحها .. نبضات خافقها تزأر بداخلها حتى كادت تصيبها بالصمم .. نظرت لملابسها بضيق ثم تشممت جسدها باشمئزاز هامسة لنفسها : طب انا عاوزة أخد دوش دلوقتى أعمل ايه بس .. رفعت أقدامها محتضنه لهم واسندت راسها على ركبتيها وذهبت مع صديقتها الوفية .. الذكريات ....
فلاش باك
كأى عروس سعيد تستعد ليومها المنتظر الذى لا يفصلها عنه سوى أيام .. ذهبت الى احد المولات الكبيرة لتشترى بعض لوازمها وبعد أن انهت تبضعها هاتفته .. الهاتف مغلق يا الله .. ميرنا لنفسها : يعنى هو ده وقته بس يا أمجد .. زفرت بضيق وعاودت الكره .. ومجددا الهاتف مغلق .. نظرت فى ساعة معصمها ثم حسمت امرها وأوقفت إحدى سيارات الأجرة متوجهه الى منزل الزوجية ...
دلفت الى شقتها المستقبليه محملة بغنائم تبضعها .. دارت عيناها فى المكان بحالمية .. ذاك هو عشها الهادئ .. الذى ستتشارك فيه وحبيبها .. وعند تلك الخاطرة إرتسمت إبتسامه عاشقة على ثغرها ثم تنهدت وتوجهت الى غرفة النوم لترتيب اغراضها ..
إعتدل أمجد من رقاده مجفلاً ومن بجواره تحاول ستر نفسها بإرتباك
ميرنا ذاهلة : إيه الى بيحصل ده و مين دى
أمجد بارتباك وقد بدأ فى إرتداء ملابسه : إإستنى ه هفهمك يا ميرنا
ميرنا ببكاء : تفهمنى إيه إنت بتخوننى وو مع مين ثم اشارت بسبابتها لتلك التى ارتدت ملابسها بعجالة وتابعت بإشمئزاز : مع
دى
أمجد آسفاً : غلطة والله أول مرة وآخر مرة آسف
ميرنا وقد بدأ صوتها فى الإرتفاع : آسف هو ده الى قدرت عليه أنا فعلا الى غلطانة إنى حبيت واحد قذر زيك وإلتفتت منتوية الرحيل لا عن منزله فقط بل عن حياته كلها
قفز أمجد ممسكاً يدها برجاء فى حين اسرعت شريكته بالخروج من المنزل بخوف صافقة الباب خلفها
أمجد : انا بحبك يا ميرنا متهديش كل حاجه علشان غلطة اوعدك مش هتتكرر
ميرنا ساخرة : غلطة ! ثم نفضت يده وكتفت ذراعيها أمام صدرها وتابعت : ولو الغلطة دى أنا الى كنت عملتها
أمجد بإنفعال : إخرسي
ميرنا بعناد : لا مش هخرس رد إفرض أنا الى كنت عملت كده وانت جيت لقيتنى مع واحد تانى فى سريرك كنت هتعمل إيه !!
أمسك كتفيها بعينان تقدحان شرراً وهتف من بين أسنانه : أموتك وأموته إنتى بتاعتى أنا ملكى لوحدى فاهمة
ميرنا بغضب : طبعاً ما إنت را.....
هجم عليها مكمماً فاها بشفتاه بدون وعى .. لا لن يخسرها أبداً يعلم أنه أخطأ والجميع يخطئ ( الرجال يقصد )
حاولت دفعه عنها فما زاده ذلك سوى تشبثاً بها .. إبتعد لاهثاً محتضناً خصرها بتملك دون إكتراث لمحاولاتها الواهنة لدفعه عنها وهتف متلمساً جسدها بيده الحرة بهيستيريا : مش هتبقى لغيري إنتى مراتى ثم دفعها على الفراش آخذاً ما إعتبره حقه دون وجه حق .. لم يبالى بصراخها ولا لتوسلاتها الباكية كان كالثور الهائج لم تستطع كبح جماحه . حاولت يعلم الله كم حاولت ولكن محاولاتها تلك لم تزده سوى إصراراً على إثبات ملكيته لها .. لم يكن بعقله سوى هاجس واحد . لو لن تتزوجه برضاها فليكن بتلك الطريقة ولكنه أبداً لن يخسرها بسبب نزوة !! ......
نظر لتلك الباكية بجواره بألم لا يعلم ما اصابه عندما شعر بأنه سيفقدها لم يفكر فى ما يفعل حاول إمساك يدها فنفضتها بشراسة هاتفة بحقد : إبعد عنى إنت فاهم أنا بكرهك وبكره نفسي وبكره اليوم الإسود الى قابلتك فيه
أمجد بمهادنة : طيب إهدى إحنا فرحنا كمان يومين ليه مكبرة الموضوع أنا مش هتخلى عنك
ميرنا بسخرية : طبعاً ما إنت هتصلح غلطتك وأنا طبعاً لازم أقبل علشان مجيبش العار لأهلى
أمجد بضيق : ما خلاص بقي يا ميرنا قولتلك هنتجوز
ميرنا بكره : أنا هتجوزك بس علشان سمعة أهلى بس قسماً بالله هخلى حياتك جحيم لحد ما تطلقنى
هب أمجد متناولاً ملابسه بانفعال ثم نظر لها نظرة اخيرة وخرج من الغرفة صافقاً الباب خلفه
نظرت ميرنا للباب المغلق وهنا إنهارت كل دفاعاتها سقط عنها قناع القوة الذى تلبسته امامه .. نهضت تلملم بقايا خزيها وعارها وعندما همت بالوقوف لمحت تلك البقعه الحمراء وفى تلك اللحظه رأت وجه أبيها الباسم ولكنها هذه المرة رأته باكياً مودعاً برائتها وطهرها ، مودعاً تعباً وعمراً أفناه من أجلها ، مودعاً لأميرة اصبحت على يد زوجها المستقبلى أمام نفسها مجرد غانية .......
أفاقت من شرودها ماسحة الدموع التى أغرقت وجهها .. نظرت لحالها وإبتسمت بسخرية . رغم كونها ضحية ولكنها تلوم نفسها آلاف المرات على ثقتها به على إتباعها لقلبها دونما إنتباه لتحذيرات عقلها .. ما كان عليها الذهاب بمفردها رغم عدم معرفتها بوجوده .. ما كان عليها الإنتظار والمواجهه .. كان عليها فقط الرحيل ....
**
عاد منهكاً من عمله بعد عده عمليات جراحية دقيقة ومتابعته لمرضاه دون أن يدخل جوفه لقمة واحدة .. تهالك على المقعد بجوار الباب خالعاً حذائه بهدوء ثم أستند برأسه على ظهر المقعد مغضاً عيناه بتعب .. فتح عيناه فجأة متذكراً أنها لم تأكل منذ يوم امس .. وقف متوجهاً الى المطبخ وبدأ فى إعداد الطعام ....
وضع أطباقه على طاوله المطبخ ومد يده متناولاً الملعقه وهم بوضعها فى طبقه .. نظر جهه طبقها ثم حرك راسه زافراً بضيق .. ترك ما بيده ووقف متناولاً طعامها و توجه صوب محبسها ...
فتح الباب الحديدى وتقدم واضعاً للأطباق على الطاولة بجانب سريرها ناظراً لتلك التى نظرت له بذعر ككل مرة يقترب منها فيها ..
بشير محذراً : الأكل ده يخلص فاهمة
ميرنا بخوف : حاضر
تحرك منصرفاً فاستوقفته هامسه بتوتر : أنا عارفه ان الجنازير دى طويلة وبعرف ادخل للحمام بيها بس وصمتت قليلاً ثم اضافت : مش عارفه آخد بيها دوش م ممكن تفكهالى
ضيق بشير بين عينيه بتفكير ثم وضع يده فى جيب بنطاله مخرجاً مفتاح اساورها الحديدية .......
فركت قدمها بتعب فقد أوجعتها تلك الاساور الملتصقه باقدامها
بشير بخشونه : يلا إدخلى خلصينى
ميرنا بطاعه : ح حاضر هروح أهو .. تناولت ملابسها من الدولاب ودلفت للحمام مغلقة للباب خلفها بهدوء
جلس على حافة فراشها واضعاً رأسه بين كفيه والذكرى تجتاحه بلا رحمه
فلاش باك
بشير : طبعاً طب عين شمس
عوض مضيقاً عينيه : وليه مش اى بلد إجريبه منينا اهو تروح وتعاود
بشير : معلش يا جدى سيبنى على راحتى
عوض باستسلام : خلاص آنى هجنع أمك وابوك
بشير وقد تهللت ملامحه : صوح يا جدى
عوض مبتسماً : ربنا يجويك يا داكتور
بشير مقبلاً يده : الله يخليك لينا ويديك طوله العمر والصحة يا عمدة .....
بعد أن إستقر فى الجامعة بملابسه الغريبة على طبيعته القروية ومحاولاته الحثيثة للحديث بلغه أهل المدينة .. قرر الذهاب لبيت خاله ...
ظافر مربتاً على كتفه : إيه الشياكة دى يا دكتور منور يا ابن اختى ثم أضاف بلوم : بس مش كنت تيجى تقعد عندى ينفع تقعد فى بيت طلبة وبيت خالك مفتوح
بشير ماسحاً المكان حوله بعينيه بحثاً عنها : معلش يا خالى ميصحش أقعد هنا وفى بنت
ظافر بابتسامه متفهمة : ربنا يبارك فى أخلاقك يا حبيبي
بشير متسائلاً بلهفه أخفاها بمهاره : أمال فين ميرنا
ولم يكد ينهى كلمته حتى أتت تلك التى أرقت مضجعه و سكنت احلامه هاتفة بحماس
ميرنا : شوفت يا بابا جبت .....
لاحظت وجوده فاتسعت حدقتاها بذهول ثم اطلقت صفيراً بفمها هاتفة بتساؤل ماكر موجهه حديثها لبشير : مين حضرتك فيك شبه من واحد أعرفه
بشير مبتسماً بثقة : أنا بشير يا ميرنا نسيتينى معقول
ميرنا مقتربة منه بتفحص : إستنى إستنى معقول يعنى مش معجول !!
ضحك ظافر بانطلاق فتهتف بشير ضاحكاً : خلاص مفيش معجول تانى وكلة علشان عيونك يا بنت خالى
ميرنا مصححة : ميرنا
بشير وقد تاهت عيناه فى ملامحها الحبيبة : ميرنا !!!!!
أنت تقرأ
لعنة عشق
Short Storyهل العشق نعمة ام نقمة . هل العشق سعاده أم شقاء . وماذا عن عشق يتحول للعنة