لم ينم ليلته فمنذ أن أملى على المحقق رقم السيارة وهو ينظر فى هاتفه بين الفينة والأخرى على أملٍ أن يأتيه إتصالٍ يريح قلبه الذى أنهكه الإنتظار .. فرك عيناه بأرهاق ونظر لفناجين القهوة التى تراصت على الطاولة أمامه تروى قصه عاشق مكلوم فى عشقه المحرم .. نهض من مجلسه متناولاً فنجان آخر وشرع فى إعداد فنجان قهوة جديد .. الكم !! لا يعرف ولن يحسب .. رن هاتفه فألقى ما بيده وأسرع متناولاً إياه ...
بشير : yes (نعم)
المتصل : ...........
بشير بلهفة متناولا سترته : ok Iam on my way (حسناً أنا فى الطريق)
**
مستندة على الحائط و محتضنة ركبتاها إلى صدرها وعيناها شاخصتان فى الفراغ حولها .. فقد تنفست الصعداء عندما توسطت الشمس كبد السماء بعد ليلة مرعبة قضتها وحيدة فى ذلك المكان المهجور تنتظر نهايتها بين لحظة واخرى .. قد لايحمل لها الصباح الخلاص ولكنه وحتماً يحمل أملاً جديد .. هكذا أعتادت أن تفكر وهكذا أملها دوماً وأبداً هذا ما علمها إياه .... بشير !!
عند ذلك الهاجس أدمعت عيناها .. تعلم أن غلطتها لا تغتفر ولكن ليس من بشير الذى إعتادت معه أن تُخطئ ويصفح هو ...
فلاش باك
هتتجوزى إبن عمتك يا ميرنا
ميرنا بانفعال : مش عاوزة اتجوز يا بابا هو بالعافية !
ظافر من بين أسنانه : وطى صوتك الراجل برة يسمعك
ميرنا بعناد : ما يسمع يمكن يحس ويبطل بشير مش اكتر من أخ وعمره ما هيكون
ظافر قابضاً على يدها : وانتى مش هتضيعى عمرك حزن على الى راح وانا أقف اتفرج عليكى ولو مش عاوزة بشير براحتك أحمد إبن ممدوح صاحبى طلبك كمان أنا هوافق طالما بشير اخوكى
ميرنا بذعر : ل لا أنا مش عاوزة اتجوز خالص
ظافر بإقرار : هتتجوزى ولآخر مرة بخيرك بشير ولا أحمد
ميرنا مبتلعه ريقها : يا بابا أنا ...
ظافر مقاطعاً : بشير ولا أحمد
ميرنا بإستسلام حزين : خلاص طالما مصمم يبقي بشير .. أنهت حديثها مع والدها غير مدركة لمن وصله حوارهما كاملاً بكل قسوته حارقاً قلبه بشظايا كلماتها التى وأدت فرحته بقربها الوشيك ......
**
وصلت سيارة بشير الى المكان الذى أخبره ظابط المخفر عن وجود السيارة به .. ترجل مسرعاً من السيارة وركض فى إتجاه الشرطي الواقف مع رجل يقاربه فى العمر
بشير بتساؤل موجهاً حديثه للشرطي :Have you found her (هل وجدتوها )
الشرطي : No sir we didn't find her (لا سيدى لم نجدها)
لمح بشير السيارة فأشار لها بهيستيريا : This is the car that i told you about iam sure (هذه هى السيارة التى اخبرتك عنها أنا متأكد)
الشرطي بمهادنة : but as i told you she isn't here (ولكنى أخبرتك إنها ليست هنا)
بشير بانفعال : are you mad or what i know what i saw (هل جننت أم ماذا أنا أعلم ماذا رأيت)
الشرطي منصرفاً : we will search again but we have nothing to do here (سوف نبحث مجدداً ولكن لا شئ لنفعله هنا)
نظر بشير لذلك الواقف بثقة لا مبالى بما يحدث حوله .. يستشعر شئ مريب حوله .. نظر له سليم بتحدى فبادله بشير النظرة وهتف من بين أسنانه : If something wrong happend to her i swear i will kill you (لو اصابها مكروه أقسم سأقتلك)
سليم بلا مبالاه : رووق خيي بيصير خير شوى وبتلاقيها .. هى مرتك مو !
نظر له بشير بحقد وانصرف تاركاً سليم خلفه يرمقه بنظرة إنتصار ....
**
عاد الى منزله محملاً بخيبته كيف يستطيع إقناع ذلك الشرطى الغبى بأن السيارة لذلك المتعجرف .. يكاد يقسم إنه إستشعر نظرة الإنتصار فى أعين ذلك الأبله .. زفر بضيق مستنداً على ظهر كرسيه وأغمض عيناه عائداً لماضٍ ليس ببعيد
فلاش باك
جالس بجوار تلك القريبة البعيدة .. قلبه سعيد ولكن سعادته بها منقوصة لما لا تستطيع أن تحبه لقد غير من نفسه كلياً لكى يحظى برضاها .. جَبُن أن يعترف لها بحبه يعلم ولكن ألم تشعر بقلبه الذى يتقافز بين ضلوعه فى حضورها .. ألم تشعر بالصدق فى عيناه ! .. الجميع علم بمن فيهم أباها ويعلم علم اليقين أنه كان سبباً رئيسياً لإعتراضه على تلك الزيجة ولكن مع إصرارها لم يستطع المماطلة أكثر خاصة مع إنشغاله هو بالتحضير للدكتوراه التى لنبوغه حصل عليها فى سن صغير وبأعلى المراتب .. نظر بطرف عيناه لتلك الغافلة عن صخب أفكاره وإبتسم هامساً لنفسه بإصرار : هتحبينى يا ميرنا هيجى اليوم الى تحبينى فيه زى ما بحبك .. من النهاردة هقولهالك كل يوم وكل ساعه بالفعل مش بالكلام هتحسي بصدقها مع كل تصرف ، كل نظرة ، وكل كلمه أخيراً هقولها بصوت عالى .. بحبك يا ميرنا !!!
دلفا الى حجرة الفندق التى إستأجرها الحاج عوض لهما ليومين قبل سفرهم لعاصمة الضباب .. وقفت فى منتصف الحجرة تفرك كفيها ببعضهما بتوتر فاقترب منها بشير بهدوء وهمس بجوار أذنها : مبروك يا أحلى عروسة
إنتفضت مبتعدة عنه كمن لدغتها حية فنظر لها بتفهم واهماً أن تلك ليلتها الأولى ومن الطبيعى أن تخجل منه وقرر عدم إستعجال الأمور مراعاه لها
بشير بابتسامة حنون : متخافيش منى أبداً يا ميرنا محدش فى الدنيا بيخاف عليكى أدى ثم إبتعد متناولاً ملابسه ودلف للحمام ... خرج بعد قليل وأبعد المنشفه عن شعره الرطب وهتف بإستنكار : انتى لسه مغيرتيش !
أومأت نفياً بخوف فتابع : طيب إدخلى غيرى والبسي حاجه تنفع للصلاة علشان نصلى سوا
نظرت له بصمت ثم ترقرقت الدموع فى عينيها .. إقترب منها بوجل و ربت على كتفها بحنان ثم تابع أمام عينيها : إوعى تخافى منى فى يوم أنا سندك وضهرك وقوتك اوعى تفكرى فى غير كده إنتى جوهرة بحمد ربنا عليها .... إبتسمت بسخرية وتناولت ملابسها متوجهة للحمام ....
أنها صلاتهما وقرأ دعاء الزواج ثم نهض هاتفاً بمزاح : إنتى مش جعانة أنا هموت من الجوع المعازيم خلصوا على البوفيه كله ثم غمزها وتابع : صعايدة بقي
إبتسمت بمجاملة فلم يبالى وهاتف خدمة الغرف ....
بعد ان انتهوا من العشاء غسل يده وتوجه للأريكة الكبيرة بالغرفة فارداً نفسه عليها وهمس مغمضاً عينيه : تصبحى على خير ...
أيام مرت وتباعدها عنه فى إزدياد حتى بعد سفرهما ما زادها ذلك إلا تباعداً عنه ... ضيق إعتراه .. أيعقل أنها لازالت خائفة منه أم أن ما تشعره نحوه هو النفور لا غيره .. لا ليس نفوراً ولكنه شئ آخر شيئاً يخيفه من الإقتراب ... مر إسبوعاً على زواجهما ولا جديد زوجته وحبيبة عمره ولا يستطيع أن يقربها ... حتى جاء اليوم !! عاد من عمله فى غير موعده حيث لم يكن لديه الكثير من العمليات فوجدها منحنية تبحث عن شئ ما اسفل سريرها الذى تبيت فيه وحيدة يومياً .. وقد إرتفع فستانها الفضفاض كاشفاً عن سيقان كالمرمر .. إبتلع ريقه بتوتر واقترب منها بهدوء .. أجفلت عندما إصطدمت به أثناء وقوفها وكادت تسقط فتلقفتها يداه .. تلاقت النظرات فى حديث قصير قطعه إقترابه منها منتوياً تقبيلها .. دفعته عنها هاتفة : لا
بشير بضيق : لا ليه
ميرنا : من غير ليه هو لأ وخلاص
قبض بشير على معصمها وهتف من بين أسنانه : أنا صابر عليكى يا ميرنا بس دلعك زاد عن حده أوى مفيش حد يستحمل كده
ميرنا بانفعال : محدش قالك تستحمل طلقنى
بشير ذاهلاً : إيه !
ميرنا بثقة زائفة : إلى سمعته انا مكنتش عاوزة اتجوز
بشير بغيظ وعيناه تقدحان شرراً : الكلام ده كان فين قبل البيه الى كنتى هتتجوزيه
ميرنا محاولة تخليص يديها : سيب ايدى
بشير بانفعال : مش سايبها ردى عليا ليه وافقتى عليه ومش راضية بيا أعملك إيه تانى
ميرنا وقد فقدت الجزء المتبقي من تعقل لديها هاتفة بصراخ : علشان كان هيصلح غلطته إرتحت
بشير بذهول : إنتى بتقولى إيه !
ميرنا : بقول الى سمعته مراتك يا دكتور مش بنت وعارف مين الى خلاها كده !! ثم أضافت بسخرية : خطيبها القديم الى وثقت فيه وحبته
قبض بشير على شعرها وقد خرج عن شعوره وأخذ يكيل لها الصفعات وهى تذرف الدموع دون ادنى مقاومة
توقف عن ضربها لاهثاً وهتف بكره : انا مش هطلقك ولا هفضحك لأن العار عارى بس هتلعنى اليوم الى عملتى فيه كده وتارى من الكلب الى الموت رحمه منى هاخده منك وبدون كلمة أخرى سحبها من يدها حتى قبو المنزل ونزل السلم وهى تحاول إيقافه بلا جدوى ..
فتح الباب الحديدى وألقى بها فسقطت على الأرض متأوهه وخرج صافقاً الباب خلفه ....بشيييير إنقذنى يا بشير
عاد من شروده على ذلك الصوت الذى تردد صداه فى عقله وبدون وعى إلتقط مفاتيح سيارته وركض خارجاً من المنزل ....
أنت تقرأ
لعنة عشق
Short Storyهل العشق نعمة ام نقمة . هل العشق سعاده أم شقاء . وماذا عن عشق يتحول للعنة