◀صباح الثاني عشر من تمّوز
أرخيتُ جسدي على الكُرسي ولوّحت بيدي لِلنادل ليُحضِر لي القهوة التي أُحِب، بقيت عيني مُستقرة على الكُرسيّ الذي أمامي وكأنني في إنتظار شخصٍ ما..
طرقتُ بإصبعي على الطاولة الخشبية أمامي لأتحسس بُرودتها، وقد بدأت بدندنة أغنية مُهترئة بعقلي..
رفعت رأسي عندما رأيت شخصاً ما يمشي أمامي، وكانت فتاةٌ يبدو أنها في بداية العشرينات.. شعرها النُحاسي ينسدل بلطفٍ على كتفها وإبتسامة صفراء تعلو وجهها
إبتسمت تِلقائياً لها وأكادُ أجزم بأن المقهى إتخذ فجأةً طابعاً كلاسيكياً يُنعش القلب
وقفت أمام البيانو وبقيت مكانها للحظات..شد إنتباهي أنها كانت تتفقد ساعتها تارة وتنظر للحاضرين تارة أخرى، ربما تنتظر شخصاً ما وقد تأخر عليها كثيراً
لفتت إنتباهي تلك اللمعة في عينيها، ربما قد تكون دمعة لا أعلم.. أنا أيضاً أنتظر شخصاً آخر لكن لم يتأخر ولن يأتي فقد رحل منذ زمن
عادتي أن آتي إلى هنا من حين لآخر لأستعيد ذكرياتي، أخذت الفتاة نفساً عميقاً وجلست على الكُرسي الخاص بالبيانو
وضعت أصابعها بهدوء على لوحة المفاتيح وبدأت تعزف بهدوء، شيءٌ ما في مقطوعتها يُنعش قلبي وبالوقت ذاته يجعلني أرغب في البكاء، وكأن هذه المقطوعة مألوفة فلحنُها كان يُربت على قلبي
أصبح عزفها ثقيلاً أكثر وتوقفت فجأة وبدى أن تنفسها أصبح غير طبيعياً.. بدأت تبكي بحُرقة
إقترب منها النادل ووضع أمامها مناديل ورقية ولم ينطق بكلمة واحدة، وبقي ينظر إليها وكأنهُ إعتاد على ذلك
نهضت من على الكُرسي وإتجهت ناحيتهم فقال لي النادل"هل تريد أن أتحدث عن الفتاة؟"
اومأت برأسي فقال "مات صديقها، وهي تأتي هُنا كُل يوم تبكي على رحيله."
أدرت وجهي للفتاة فلم أجدها، أدرت وجهي للنادل فلم أجده هوَ الآخر.. لم يكُن هناك غيري في المقهى!
مشيت إلى دورة المياه بذعر لأغسل وجهي ووقفت أمام المرآة فلم أجد إنعكاسي فأنا لسلتُ موجوداً أيضاً
أنا ذلك الشخص الذي كانت تنتظره.
..........................................................................
معنى سُول: هو العلامة الموسيقية التي تُخبرك بأنه هذا السطر يُعزف باليد اليُمنى.
أنت تقرأ
سُول | One Shot
Romanceبدا وكأنه يقول وداعاً في الوقت الذي نويت ان ألقي التحية عليه وأتبعها بـ "أُحِبك".
