وردة باراكيلسوس خورخي لويس بورخيس

291 3 0
                                    

وردة باراكيلسوس

خورخي لويس بورخيس

إعداد النسخة للهاتف الدكتور

عبد القادر شريف بموسى

جامعة تلمسان - الجزائر

في مشغله الذي يحتل حجرتين في القبو دعا باراكيلسوس (1)ربّه، أن يرسل إليه تلميذا. كانت الدنيا قد اظلمت، وألقت النار الواهنة في الموقد ظلالا غير منتظمة. بذل جهدا كبيرا لكي ينهض ويشعل المصباح الحديدي. كان باراكيلسوس الشارد البال بسبب التعب قد نسي دعاءه. وحين محا الليل هيئات البوتقة والأنابيق المتربة، ارتفعت أصوات قرع علي البوابة. نهض مغالبا النعاس وصعد السلالم الحلزونية القصيرة ثم فتح إحدي ضلفتي الباب. دخل رجل غريب. كان هو أيضا متعبا جدا. أشار باراكيلسوس الي المصطبة لكي يجلس الغريب. جلس هذا وانتظر. لوقت ما لم يتبادلا الكلام..

كان الأستاذ هو البادئ بالكلام:

ــ أنا أتذكر وجوها من الغرب ووجوها من الشرق ــ قال لكن ليس من دون انفعال معيّن ــ إلا أن وجهك لا أتذكره. من أنت وما تريده مني؟.

ــ اسمي لا أهمية له ــ أجاب الغريب. ــ ثلاثة أيام وليال قضيتها في الطريق لكي أدخل الي بيتك. أريد أن أكون تلميذك. جئتك بكل ما أملكه.

أخرج كيس نقود وهزّه فوق الطاولة. فعل ذلك بيده اليمني. كانت قطع النقود كثيرة ومن الذهب. وقف باراكيلسوس خلف الغريب لكي يشعل المصباح. وعندما اِلتفت لاحظ أن يد القادم اليسري تمسك بوردة. الوردة أقلقته.

اِنحني وجمع أطراف أصابع يديه ثم قال:

ــ أنت تتصور بأنني قادر علي خلق حجارة تحّول كل العناصر إلى ذهب بينما أنت نفسك تعطيني الذهب. أنا لا أبحث عن الذهب، وإذا أردت الذهب فسوف لن تكون تلميذي أبدا.

ــ أنا لا أريد الذهب ــ أجاب الغريب. ــ وهذه النقود لا تشهد إلا علي أمر واحد وهو إرادتي القوية في الدرس. أريد أن تعلمني الفن. أريد أن أقطع إلى جانبك الطريق الذي يؤدي إلى ( الحجر) .

أجاب باراكيلسوس ببطء:

ــ الطريق هو (الحجر). البداية هي (الحجر) وإذا لم تفهم هذه الكلمات فهذا يعني أنك لم تبدأ في الفهم بعد. إن كل خطوة تقوم بها هي الهدف.

نظر الغريب إليه وهو غير مصدّق. قال بصوت متبدل:

ــ ولكن هل يوجد الهدف ؟.

ابتسم باراكيلسوس:

ــ المفترون الذين لايقل عددهم عن عدد الحمقي يدعّون بأنّ لا وجود له وهم ينعتوني بالدجّال. أنا لا أعطيهم الحق. ولو أنه ليس من المستبعد أنّ الهدف هو محض وهم. أنا أعرف بأنّ الطريق يوجد.

ساد الصمت الذي قطعه الغريب:

ــ أنا مستعد لقطع الطريق معك وحتي لو كان علينا أن نتجول لسنوات طويلة. اسمح لي بأن أقطع الصحراء، اسمح لي بأن أرى، ولو من بعيد، الأرض الموعودة، وحتى لو لم تسمح لي النجوم بوضع قدمي عليها. أنا أرغب بدليل قبل أن أمضي في الطريق.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 27, 2010 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

وردة  باراكيلسوس   خورخي لويس بورخيسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن