*الفصل الرابع*

149 13 10
                                    

بنظرات مريبة تنظر حولها خوفا من صيادها المخادع الذي يبحث عن الفرصة المناسبة ليفتك بها ، و لكنه لن يجازف بقتلها أمام العيان فيخطط لطريقة حتي ينفرد بها بمفردها ويفتك بها وهي تعرف تمام المعرفة بذلك فقد كانت مثله في يوم ما ، صيادة ماهرة جداً وقاتلة مأجورة بارعة للغاية في قتل أهدافها ولكن قلبت الأدوار في ليلة و ضحاها وأصبحت الآن فريسة لصياد محترف.

وصلت إلي ساحة عامة تعج بالناس والسياح الأجانب ولا يفصلها عن وجهتها سوى شارعين ستعبرهما بسهولة لولا حدوث عرقلة وضعتها في حصار خانق بين مفترسيها .

لمحت حركة سريعة علي سطح أحد البنايات العالية و التي لن يلاحظها أي إنسان عادي ، فقررت الدخول إلى أحد المتاجر و التظاهر بأنها تتسوق لا غير ، ولحسن الحظ أنه كان متجر بقالة صغير اشترت منه بعض الحبال و قنينة ماء الكلور المركز و معطر للروائح الكريهة و قداحة صغيرة وفأس صغير الحجم قالت للعامل بأنها تحتاجه لقطع شجرة قديمة في باحة منزلها ، دفعت له المال وهمت بالمغادرة.

سلكت طريقها نحو المتجر المجاور وكان متجر للملابس ابتاعت منه بعض الملابس و حقيبة ظهر لتضع فيه مشترياتها ، دفعت المال للعاملة الثرثارة وهمت بالمغادرة.

اتجهت نحو المتجر الموجود في المبني الذي يتواجد فيه القاتل و دخلته، سألت العجوز الذي يعمل فيه عن الدرج المؤدي إلي سطح المبني فأرشدها نحو باب حديدي في زاوية المحل وجوار الباب المؤدي إلي الحمام.

فتحت الباب فكشف عن سلالم ضيقة و مظلمة تؤدي إلي باب حديدي ، شعر العجوز بتضايقها الواضح علي ملامحها فأشعل المصباح الكهربائي المتدلي من سطح الغرفة فأنار المكان وقال بنبرة صوته الثابتة والدالة علي الوقار و الحكمة :" لكل منا نقاط ضعف ومخاوف ويجب علينا التخلص منها ".

فقالت له :" كيف تخلصت من مخاوفك " فرد عليها قائلًا :" لمواجهتها و مجابهتها وليس بالهروب منها ".

شكرته بامتنان و تابعت طريقها صعودًا نحو الباب ، أما هو فأغلق الباب خلفها وعاد إلي كرسيه و رفيقه القديم خلف الطاولة الشامخة ليستقبل زبائنه بابتسامة عريضة تكشف عن ترهلات و خطوط علامات التقدم في السن التي تزيده حكمة ووقار أكثر من شيب شعره الناصع البياض.

فتحت الباب فكشف عن غرفة فارغة تحتوي علي باب يؤدي إلي سلالم أخرى والتي صعدتها علي الفور إلي الطابق الثاني من المبني والتي وجدت فيه مجموعة من الشقق السكنية و مصعد يتواجد في المنتصف بينها .

قررت متابعة صعود السلالم بدل ركوب المصعد لأنه سيلاحظ صعود المصعد و انفاتح بابه علي مصرعيه كاشفا عن الفتاة التي يريد قتلها وهي أمامه خاليه من أي سلاح مما يسهل عليه قتلها.

صعدت السلالم بحذر شديد وعند اقترابها من الباب المؤدي إلي السطح أخرجت القداحة ومعطر الروائح وأمسكتهما بكلتا يديها.

أزالت الحذاء الذي كانت ترتديه حتي لا تحدث صوتا يفسد مفاجأتها السارة لمراقبها الخبيث .

وفتحت الباب ببطء تام وخرجت منه نحو سطح المبني المكشوف وأغلقته خلفها بنفس الطريقة ، رأت شاب في مقتبل العمر وهو جالس أمام بندقية قناصة مثبته علي حافة السطح .

اقتربت منه بخطوات ثابته ثم رفعت القداحة بيد والمعطر بيد أخرى بحيث تكون فوهة المعطر موازية للهب القداحة.

أشعلت القداحة بيد وقالت : " ألا تعرف المثل القائل اقتله قبل أن يقتلك ".

فالتفت الآخر والصدمة تعتلي ملامحه ثم قالت مخاطبة له: " الان أصبحت تعرفه " .

ثم قامت برش المعطر علي نيران القداحة مكونة بذلك أنبوب من النيران الملتهبة التي أحرقت وجهه فصاح متألماً وهو يحاول إخماد النار التي تحرق وجهه أخرجت الأخرى الفأس من حقيبتها وقالت:" لننهي عذابك الان فلا أستطيع تحمل صرخاتك المزعجة " .

بحركة واحدة دقت عنقه بالفأس المدببة فخر علي الأرض بينما تناثرت نقاط دمائه في الأرجاء و رأسه طار في الهواء حتي استقر علي سطح البناء.

اتجهت نحو البندقية ولامستها بيديها بشغف وهمست لها قائله :" آه عزيزتي اشتقت إليك حقاً ، الان وقت الجد ".

وضعت عينها علي المكبر وأصابع يدها علي المفتاح الصغير الذي يطلق النيران وبدأت في الاصطياد بمهارة.

لمحت حركة غريبة في نافذة أحد المنازل فأرسلت رصاصة إلي رأس ذلك المخادع فسقط أرضاً بين دمائه، واصطادت إثنين آخرين وجدت أحدهما في شرفة أحد المنازل و الآخر متمركز في سطح المبني المجاور لها.

أخدت البندقية وأزالت الدعائم المستخدمة في تثبيتها ووضعتها في حقيبتها وتابعت طريقها نحو شارع وال ستريت ولكنها لم تتبع الطريق المعتاد بل اختصرت الطريق عبر القفز من بناية إلي أخرى حتي وصلت إلي شارع وال ستريت وعرفت ذلك إثر رؤيتها للافتة ثبتت فوق عمود إنارة كتب عليها اسم الشارع بالخط العريض.

الظل the shadow حيث تعيش القصص. اكتشف الآن