أسماء

8 2 0
                                    

العزيزة/ (أسماء عبد الحفيظ).

تَسبِق سلامي محبتي الصادقة ، و إهتمامي الغير مُبرر ، و تعثري فيما سأقول .. لكن برغم كل شئ اتمنى ان تكون كل الامور بخير ، و كذلك أنتِ ،أينما كنتِ.

تذكرت اليوم و انا اكتب هذه الكلمات ، قول (نجيب محفوظ) : " من يَحمل الماضي ، تتعثر خُطاه" .. بالتأكيد لم أكن لأقول افضل و انا انظر لآثار اقدامي المنطبعة على جدار الزمن ، و آثار نعلَّي الزمن المحفورة على وجهي ، انا لا أحمل الماضي فقط يا عزيزتي ، بل أعيش فيه ، أُمارس نوعاً فريداً جداً من التقدم المنتظم البطئ، أتقدم متقهقراً بظهري ناظراً للخلف!. انظُر ، فأرى اليوم الذي يُرى ، لكنه ابداً لا يزول كأثر فراشة (درويش) ، اتأمل السيناريو العظيم ، لصاحب الحبكة الاعظم ،المشهد الذي أخرجه الله ليكرره الآف المخرجين بعدها : " في التاسعة مساءاً ،  تحت برد أكتوبر ،  أسفل كوبري (جامعة القاهرة) ، اللقاء الذي يَحسم كل شئ! ، المُصارحة بالحُب! ، المَطر الذي ينهار علينا كأنهيار سَد حجب الكلمات في صدري طويلاً ، خجلِك ، و هَربِك ، ابتسامتي المطمئنة المنتصرة ، و ركضي تحت السماء التي تتساقط دموع فرحتها من أجلي ، و السعادة فقط! "

ما كان مميزاً جداً ، أنكِ لم تكوني علاقتي الاولى يا عزيزتي .. لكنكِ كنتي أكثرها تفرداً و انطلاقاً و جموحاً .. الحب المُلتهب الذي تذوب معه الاساور و الاسوار  ، و تنصهر الاجساد ، و تتحد الارواح .. الحُب الذي يَرَى كل شئ بعدسة مُعظِمة فيغدو كل تافه ، كبير ، ضخم .. كُنت في حينها ، أُحب جداً ، أغار جداً ، اغضب جداً ، اضحك جداً ، أبكي جداً. قبل ان أعرف ان كل هذا الـ(جداً) يشبه ضرب الجذور في تُربَتي ، و ان وقت حَصد تلك النبتة ( ستؤلِم جداً) ، كنت كالشلال المندفع الذي لا يكف عن الإنهمار ، الآن انا جاف جداً.

وقتها كان كل شئ شديد الوضوح ، الابيض واضح ، و الاسود واضح ،قبل ان يطغى الرمادي بضبابيته المشوِشة. أما الآن انا لستُ أدري ما اعتقده حقاً ؛ هل كنتِ حُباً حقيقياً لا أعترف به الآن و اُنكر وجوده ؟ ، ام كنتُ فقط بريئاً شديد التوهج و التوجه و الإقبال على الحياة ؟.. لا أعرف! ، ولا أحسبني سأعرف يوماً .. كل ما أعرفُه حقاً ان الاختلاف حاذاكِ كظلك طوال الوقت ، و أنني تخليت عن كل طباعي و سدودي ، و اندفعت انهاري تغمُر اراضيكي ، و أن الانهيار الذي لحِق ذاك الصرح العظيم ما كان غير إنهياري انا ، انهيار استمر لثلاث سنوات بعدها .. ثلاث سنوات تتلقفني ذكراك بين مطرقة صوتك و سندان صورتك .. لا أنام إلا لماماً ، تواجهني حينها صورتك فأستيقظ مذعوراً ، أُفتش عنكِ ولا أجدك .. فلا انام ، ولا أهتدي ، مُلقى على جانبي في سريري كمدمن لا يأخذ جرعته ولا ينسحب المُخدِر من جسده.

لستُ اكتب هذه الكلمات املاً في جسور تجري المياه من تحتها ، ولا رغبةً في إلقاء لوم لا يفيد إلا إلقاؤه في سلة النسيان .. كل ما أردت قوله فقط أن ذنب كل القادمات بعدك يلُف رقبتكِ ، و أن طباعي اللعينة تضاعفت الآف المرات. الآن انا مُنهك ، و مُستهلك ، و احمل بجدارة لقب (مُستعمل)!.

كانت رضوى عاشور تتساءل ذات مرة : " كيف يُمكن للمرء ان يركض محمومًا في إتجاه إنسان ، ثم يعود ليركض في الاتجاه المعاكس ؟ .. اعتقد أنني الآن فقط افهم كيف.

بإخلاص/

بَريدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن