الخُروج

15 1 0
                                    

عند عينون:

بماذا أبدأ أعتقد أني سأتمتم بالجملة فالاقتراب منهم وإقفال آذانهم شبه مستحيل، واستهلت عملها بأن تمتمت أثناء صعودها الزائف: السماء سقف به ثقب - السماء سقف به ثقب لمدة نصف ساعة لم يحدث شيء. ولكنها رفعت مستوى صوتها كي يسمعها السقف القبيح ويستيقظ، إن السقف القبيح هو الجزء المهم من حياتها إنه أكثر أهمية من سماء جميلة تشرق لحسابها هي فقط.، هي تريد القبيح الآن. السقف بالنسبة لها كغطاء يحمي رأسها من المطر ونظرات الناس ويكمل البيت من الأعلى موفرا أمانا إضافيا. لذا فهي تريد من السقف أن يشعر بوجودها ويكشف عن نفسه. عُد أيها السقف، إنك تنتمي إليّ، إنك جزء من ذكرياتي عد بثقبك واهترائك، لا أكترث فقط عُد كشيء حقيقي وصرخت روحها: عُد أيها السقف المثقوب!!

وفجأة استجاب كل شيء لصراخها واهتز كل شيء، اهتز السلم من تحتها ومن ثم رأت مصباحا مهترئا يتدلى وثقبا وسقفا!!

عند صادون والذي لا يزال واقفا عنده يفكر في الباب، انقشع له بابٌ في الفراغ وهمّ في جزعٍ بفتحه لولا أن ظهر رجل ذو صوت جهوري قاتل صائحاً: توقف عندك أيها الرجل، ومُتبِعاً: ذُب أيها الباب!! وأصبح الباب سائلا في يد صادون لقد كاد أن يفتحه، أحدث فيه فتحة صغييرة جدا لمح منها عينون والتي بدت له وكأنها قد صُرعت أو توقف نبضها للحظة والتقت عيناهما للحظة !!

عند عينون: عينون رأت ذلك رأت باباً ووراءه الرجل الغريب، ورأت الكاتب من كل اتجاه. إنها الآن في غرفة شبه طبيعية لكن ليس بها باب ولا نافذة، ضاعت السماء والغابة والمدينة، ولكن المخلوقات لا تزال هناك تحدق رغم الفوضى التي حلت بها، وكأنهم شعب همّ يحدث شغبا بالشوارع والمحالّ ثم تجمّد فجأة.

تقول عينون يا إلهي غرفتي العادية مكاني وأرضي سقطَت أرضا تحضن الأرضية القبيحة، تتأكد من السقف وتقول: نعم إنه لا يزال هناك. يا إلهي لم اشعر بهذه السعادة منذ دهر، ولكن أيضا لم أشعر بهذا الرعب منذ أن أتى الكاتب، أنا الآن في سعادة مرتعبة، أنا الآن أتذكر الكاتب!!

بعد لحظات تحاول تهدئة قلبها تراجع ما حدث الكاتب الآن ليس موجودا والرجل الغريب بالخارج، وأنا خائفة أن يقوم الكاتب بشيء ما ليعيدني كما كنت جاهلة بأمري بلا هوية، سأغلق أذناي لا أريد أن أسمع رعب جمله. وأغلقت أذناها وصممت أن تحارب من أجل اسمها. تقول: علي أن أستغل الفرصة علي أن أخرج، أين الباب علي ان أجد الباب. فالكاتب رجل مُريع!! وسقطت باكية إني أتذكر إني أذكر كل شيء، يا ربي ما هذا الكمد الشديد، لقد كنتُ الصفقة التي أرضت عائلتي.

وأردفت: ليتني لم أذكر، ليتني لم أذكر، آه لا الحمدلله أني أذكر. ما يعتمل في ضلوعها الآن أمرٌ كبيرٌ بالنسبة لها إن فكرها في ضجيج وروحها على وجل، إنها ترى وتسمع وتتكلم بكل وعي، إنها حزينة جدا إن كانت كلمة حزينة تصف الأمر. إنها في تضاربٍ بين الذكرى الماضية وعمل الآن، على كل حال استجمعت قواها عليها أن تجد الباب.

صادون عيناً بعين مع الكاتب وانحسر الظلام والممر طبيعي جدا بالخارج والكاتب في اضطراب، هرع الكاتب إلى كتاب ما كان مفتوحا وموجهاً إلى الحائط في مكان ما في مكان ظهور الباب. صادون يراقب في جزع مصدوماً هل عليه الحديث هل عليه السؤال ماذا يفعل؟ هل كان الكتاب حارسا؟ وفجأة هجم صادون على الكاتب يحاول نزع الكتاب، كل منهما يسحب بقوة ويضرب بقوة أكبر كل منهما يدفع الآخر صادون مستميت جدا شيء ما يخبره علي أن أنزع الكتاب من يده. كيفما نظرت يبدو جلياًّ أنه مهم جدا بالنسبة له، ماذا لو كان يبحث عن جملة رهيبة يقيدني بها، علي أن أمنعه، تصادم الرجلان لعشرين دقيقة وتمزق الكتاب، وظهر الباب.

ومن ثمّ دقيقة صمت لم يقوَ صادون على الوقوف ولا الكاتب بعد المعركة الضارية، وصادون والكاتب يحدقان بالباب ثم..... خرجت عينون!!

لازال الكاتب يتمتم في تعب موجها عيناه إلى عينون ولكن عينون لا تسمع عينون الآن مقفلة أذنيها وفي حالة ذهول وتركيز غريبين. في تلك اللحظة عندما ظهر الباب وفتحته شعرت بأنها سقطت في حفرة، استغرقت دقيقة كاملة يداها ضعيفتان جدا أمن أثر الذهول أو أن الباب لم يستعمل منذ سنين. لا تدري المهم أنها لم تستطع فتحه حالا، وكادت تسبُّ أو تضرب نفسها الباب باقٍ لأكثر من ثواني وهي تكافح لفتحه، ماذا لو اختفى! أهو الاعتياد بالبقاء بالداخل، يداها ترتجفان أكثر من قلبها، هل ستسكب ما أرادته أرضاً وترميه عرض الحائط أليست الشخص ذاته الذي كان يصيح قبل لحظات عليّ أن أجد الباب. خافت من نفسها أيعقل أني أختار البقاء لماذا لا أقوى وكأنّ يداي قُدّتا من قماش وأنا التي أصعد سلما يومياً وكأني عامل بناء!! أيعقل أن وعيي يرفض الخروج، وما هي إلا دقيقة جحيم أخيرة وفُتح الباب.

ونظرت عينون الكاتب والرجل الغريب، آه صاحت في جزع: آه الرجل الغريب هل أنت بخير وتوجهت نحوه محاولة مساعدته على النهوض، في حين أن عائلتها بآخر الممر يتفرجون يكادون يندبون! رد عليها صادون: أيتها اللعينة لست غريبا ولست من خارج الحدود إن كنت كذلك فلم أهتم بك أو أكترث لأمر غرفتك، إن كنت من خارج الحدود لما وصلت الغرفة لمرمى بصري ولما استطعت رؤيتك، أو رؤية معاناتك! ولما ضرّني ما طالني من غرفتك! لم تسمعه طبعا فلا زالت حذرة لن تنزع ما وضعته في أذنيها وابتسمت بشكل غريب.

لازال الكاتب يتمتم وينظر إلى الكتاب في حسرة محاولا إلصاقه، على ما يبدو أنه لم يعد يقوى على حكم عالمه الوهمي الذي تداعي، حتى مخلوقاته بمجرد خروج عينون اصبحت أشياء كمنضدة وكرسي ومصباح. بالأحرى عادت إلى وضعها الطبيعي جماد لا يمكنه التحديق أو التأثير!

اتجهت عينون نحو الباب الرئيسي للبيت الصغير ولم تلتفت إلى أهلها في محاولة منها لتبتعد قدر الإمكان عن صوت الكاتب فهذا كل ما يشغلها أن يتكلم الكاتب ويعود الزيف والضياع، وأيضا ورغم عدم خروجها لسنين فإنها تريد أن تصل بصادون إلى المستشفى وأن تبتعد به عن أهلها والكاتب. فهو في خطر هي تفكر لربما يعقدون صفقة أخرى ويحبسونها والرجل الغريب أيضا، عندها ما نفع كل هذا الكفاح! يجب أن نبتعد عن الخونة بقدر الإمكان، الخونة خونة مهما كانت صلاتهم وقربهم لك، إنها تقصد أهلها، وبدأت بالبكاء لقد باعوني!

خرجكلاهما ولازال السائق بالخارج وفي نفس اللحظة وصلت الشرطة!

وحُبست السماء في الغرفةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن