أثناء الضجة التي حصلت بالداخل كان السائق بالخارج يسمع أصواتا مرعبة وكأنه تحت رحمة حرب ضروس. وحاول الاتصال أكثر من مرة حيث أن صادون قضى بالداخل ما يقارب الساعة والنصف، مما جعل السائق يشعر بالقلق، ولكنه لم يجرؤ على لحاقه بالداخل فاتصل بالشرطة.
فوصلت الشرطة لتجد رجلين منهكين متضررين جدا بالكدمات الشديدة وعائلة ترتعش في الزاوية، وفتاة بأحسن حال! لتنقلهم جميعا إلى الحجز والمشفى إلا الكاتب الذي اختفى وكأن الغرفة ابتلعته!
يقول أحد الشرطيين: أنا متأكد لقد رأيت رجلا بالممر الأعلى عندما صعدت ممسكا بكتاب مهتري وذو ملامح حجرية وكأنه قادم من عصرآخر! مُلتفتاً للجميع أليس كذلك؟ وفجأة يلتفت لصاحبه ألم يكن مبنى كبيرا بأدوار هل أتانا الدُّوار في المساء وفي وضح النهار يا رجل! لقد كان سؤال جديًّا جدا بين الرجلين.
ويسأل الشرطي الجميع ولا يرد عليه أحد، الصمت حل بهم جميعا بمن فيهم صادون، خطر في بال صادون أن يسرع ليتأكد هل هناك غرفة طبيعية أم هل حبس الكاتب نفسه بداخل الغرفة، لم يجرؤ بالطبع فهو لا يريد أن يعيد الكرّة ويعيش العذاب من جديد، ونظر للأعلى متحققا هل نُزعت الغرفة من جديد؟ رد على نفسه آه إنه الآن بيت عادي صغير لقد، يبدو أن المبنى الكبير ذو الطوابق أصبح بيتا صغيرا فحسب بمجرد اختفاء الكاتب. ولكن لحظة إدراكه لذلك نظر إلى الفتاة سائلا هل كان ذلك الكاتب ساحرا؟ لم ترد، لا زالت تنظر إلى الأرض في صمت بائس. لم يفهم صادون أليست سعيدة بنجاتها لمَ تبدو كمن تعب وبذل مجهودا من أجل شيء لا يريده!
إبتعدت السياراتان السائق والشرطة، وهنا نزعت عينون ما في أذنيها وتنهدت هل أنا حرة وأخيرا هل سأنسى من أنا من جديد!؟ هل أنا آمنة الآن؟ ونظرت إلى عائلتها: طالما هم بجانبي لن أشعر بالأمان.
ومرت أيام ولا زال الجميع محجوزا وصادون بالمستشفى ولا أحد يتكلم، لا أحد يجيب عن أي شيء. في لحظة وصول الشرطة استغلت العائلة الوقت الذي كسبوه بسبب اضطراب الشرطيين واستغراقهم زمنا يقارب الربع ساعة بالبحث عن الرجل الآخر حيث بحثوا في البيت وحول البيت وفي الشارع في هذه الأثناء اتفقت عائلة الفتاة أن تجيب بشيء واحد: رجلان تقاتلا ولا نعلم لماذا، على ما يبدو أن أحدهما أتى بحثا عن ابنتنا الضائعة المسكينة والأخر لحق به محضرا فتاتنا المسكينة معه؟ وبدؤوا بالاستعراض وكأنهم على ظهر مسرح يؤدون أدوارا درامية:
تقول الأم: يا إلهي لا نعلم ماذا كان سيحدث لولا أن الشرطة أتت.
ويرد الوالد: ابنتنا المسكينة آه كم اشتقنا إليها لقد مرت خمس سنين منذ أن ضاعت منا آه يا إلهي. وتتنهد أختها وكأن العبرة قد خنقتها بينما يخنقها الخوف من القضاء.
تفكر الفتاة عينون: بماذا سأخبرهم كانت لدينا غرفة بها سماء وغابة ومدينة ولكن لا هوية لساكنيها! يا إلهي بماذا سأجيب؟ وارتأت أن تدّعي فقدان الذاكرة!
ومر شهر بالحجز والشرطة تحاول أن تستخلص أين كانت الفتاة كل هذه المدة؟ ومن ثم وخرج الجميع. العائلة كلها يا إلهي عينون تشعر بالرعب هل ستعود هل سيعود كل شيء كما كان؟ كيف ستتنصّل من الموقف؟ هل تطلب زيارة الرجل الغريب لقد علمت من خلال التحقيقات وبالصدفة أن اسمه صادون، كيف تتصرف؟ إن ذكرته فهذا يعني أنها تتذكر كل شيء!
وخرجوا من مركز الشرطة، إنه وقت العودة إلى البيت من المفترض أنه الطريق المسالم الوحيد والإتجاه الذي يؤدي إلى الطمأنينة والراحة، ولكن عينون تشعر في كل ثانية تمر وهم عائدون بعد أن أفرج عنهم: ياله من إنقاذ مفزع! إنه الفرج المرعب!
إنهم الآن في سيارة الأجرة عينون: هل هذه هي النهاية؟ علي أن أفعل شيئا؟ آه خطر في بالها أن تتظاهر بالمرض والإعياء فسقطت وأحدثت جلبة مما جعل السائق يوصلهم للمشفى ويتركهم هناك معتذرا فلا يستطيع انتظارهم، هنا بعيدا عن مركز الشرطة يمكنها أن تتحرك يمكنها ربما أن تهرب او تضيع، لتضيع هذه المرة كما تريد وترغب.. ستفكر في شكل الهروب وطريقته وأسلوب ضياعها هذه المرة لن تنسى اسمها لن تظل في صعودٍ خادع!
إنهاالآن في المشفى وعائلتها على امتعاض بجانبها وكأن اللقاء المنتظر بينهم قد وقعوأخيراً إنهم يبدون كالعقبان التي تأكل ضحيةً على وشك الموت تحت أشعة الشمسالملتهبة، وجوههم المستفزة التي تبتسم بشكل رهيب في نظرها ليست إلا وجوه أشخاص قدعقدوا عقدا لاستبدالها بالمال!
أنت تقرأ
وحُبست السماء في الغرفة
Ficción Generalإنها قصة روح تجهل أن هويتها قد غُسلت واستبدلت قصة فتاة تكافح بداخل غرفة مجهولة لا تستطيع الخروج منها قد حُبست عنوة ورغم أنه يوجد سماء ومدينة قد خصصت لها في غرفتها إلا أن هذا لا يعني شيئا إن كانت كالدمية بلا عقل وبلا اسم إنها الروح التي تتوق إلى ال...