☜ عظم المعاصي ☞

123 5 0
                                    

أخي المسلم : إن أقبح ما في المعاصي؛ أن فيها مبارزة لله تعالى بالقبيح من القول والفعل، والعاصي في ذلك متمرد على ربه تبارك وتعالى وقد نسي العاصي مع سكرة المعصية؛ أنه عاص لملك الملوك الذي لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض !

ولو علم هذا الغافل عظم المعصية لأدرك أنه على خطر جسيم. وقد مرت معك كلمة بلال بن سعيد : «لا تنظر في صغر الخطيئة ولكن انظر من عصيت !» .

وقدر لو أنك  عصيت ملكًا من ملوك الدنيا ماذا سيكون جزاؤك ؟

بل إن القلوب لتفرغ من بطش السلطان إذا كان قويًا .

فعجبًا لمن خاف بطش العبد الضعيف الذي لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولم يخش بأس الله تعالى وشديد عقابه !!

قال عوام بن حوشب رحمه الله: «أربع بعد الذنب شر من الذنب: الاستصغار والاغترار والاستبشار والإصرار» .

أخي المسلم : كثير من الناس استهانوا بالمعاصي التي يفعلونها؛ فكان سبب هلاكهم !

فإن اجتماع الذنب على الذنب شر عظيم، ومع التهاون يكون الشر أعظم .

وأعجب لرجل لا يحذر ولا يلتفت إلى تراكم الذنوب عليه، ولكنه إذا تراكم عليه شيء من ديون الخلق؛ جزع لذلك وتضايق؛ وتجده عالمًا وعارفًا بما عليه من الدين .

حقًا! ما أسوأ حال العبد إذا كان ضعيف البصيرة.. جاهلاً بما يصلحه في دنياه وآخرته! وإليك هذا المثل الذي ضربه لنا النبي صلى الله عليه وسلم في خطورة التهاون بالمعاصي .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه!» وضرب لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا «كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم؛ فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادًا وأججوا نارًا فأنضجوا ما جمعوا فيها» (رواه أحمد صحيح الجامع ) .

وإن أخطر ما في التهاون بالمعاصي أن ذلك يدفع إلى الاستكثار منها، وزيادتها حتى يجد العاصي نفسه غارقًا في بحور المعاصي..

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ! وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله» .

أخي المسلم : إن المؤمن الحريص على ما ينفعه هو الذي يتفقد نفسه في صباحها ومسائها ويحاسبها على هفواتها؛ حتى لا تزداد من الشر .

فإن الغفلة، وتسويف التوبة؛ من أسباب الخذلان والسخط. والذي يألف المعصية يشق عليه فراقها، لأنها تملكته، وأصبحت جزءًا منه؛ فهو دائمًا في طلب الزيادة منها، وإن لم تتداركه رحمة الله تعالى؛ أخذه الموت بغتة قبل أن يتوب !

وقيل لبعض الحكماء : من أشد الناس اغترارًا ؟! فقال : أشدهم تهاونًا بالذنب ! فقيل له : علام تبكي ؟! فقال : على ساعات الذنوب ! قيل: علام تأسف ؟! قال : على ساعات الغفلة ! ولقد كان صلحاء هذه الأمة يحذرون المعاصي، ويخافون على أنفسهم من شرورها ويستعظمونها؛ وإن صغرت في أعين الناس..

قال أنس بن مالك رضي الله عنه : «إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الموبقات !» (رواه البخاري)  .

وسئل حذيفة رضي الله عنه : في يوم واحد تركت بنو إسرائيل دينهم ؟ قال : «لا، ولكنهم كانوا إذا أُمروا بشيء تركوه، وإذا نُهوا عن شيء ركبوه، حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه!»

نيران المعاصيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن