هادئ وسريع

33 1 0
                                    


هادئ وسريع

-أفعلا تعتقد هذا؟

طرح هذا السؤال وكوب الشراب بين يديه يتلألأ أسفل الضوء الأبيض الذي ملأ الغرفة من الثريا الفخمة التي زينت سقف المكتب، عينيه ثبتتا على الهدف الذي جلس أمامه، شخص عادي، بل أكثر من عادي، رفع كوبه ليرشف منه فيما رفع مستمعه نظره نحوه بهدوء ليقول

-ولِم تظنني أمزح؟

-ليس هذا هو مقصدي، ولكن كيف لشاب مثلك أن يذهب بتفكيره نحو تلك النواحي؟، أليس هذا معقدا عليك؟

الكلمات بذاتها لم تحمل شيئا معينا ولكن من ينظر للمقعد ذو العجلات الذي استقر عليه محدثه سيدرك أنها لم تكن برئية كما يفترض بها أن تكون، حافظ المحدث على هدوئه الذي لم يتمكن الزمن من سلبه إياه بعد ليقول

-بل إن هذا بالذات هو ما دفع بي للاتجاه نحو هذه النواحي

رشف المستمع من كوب الشراب بهدوء برهة قبل أن يقول

-إن القتل خطأ ليس بحد ذاته

-لا يمكن اعتبار القتل فعليا خطأ ولكن الطريقة التي يتم بها هي الخاطئة، ففي النهاية الإنسان يموت وموته بيد خالقه، ولكن كيف يموت؟ هذا هو السؤال الأهم

عند هذا أجاب المستمع بنبرة ساخرة

-بمجرد أن شخصا ما يريد قتل آخر، هكذا يموت

-لا، هذا هو الأمر الذي يجب أن يتم التوقف عنده

ورفع نظره نحو مستمعه مباشرة مردفا

-من أين أحضرت الحق لفعل ذلك؟

رسم هذا السؤال ابتسامة ماكرة ملأت شفتيه، رفع كوب الشراب ليرشف منه دون أن يأتي بحركة واحدة، اعتدل في جلسته على الأريكة وعينيه مثبتتين على محدثه ليقول

-أنا من اتخذ القرار

وهنا عاد ليقول بهدوء

-ومن خولك الحق لاتخاذ هذا القرار؟

فأجاب بثقة

-أنا

-ومن خولك الصلاحية لذلك؟

-لا داعي لأن يخولني أحد، يكفي أنني أريد ذلك وفقط، لا ضرورة لأن أحصل على إذن أحد أو على قرار الموافقة من أحد، أنا أريد أن افعل ذلك لسببين

-وما هما؟

فرفع أصابعه ليقول رافعا الواحد تلو الآخر

-الأول لأنني أريد والثاني لأنني أستطيع

راقبه الشاب بصمت حتى أنهى شرب كوبه ليتركه على المنضدة الصغيرة أمامه ورفع عينيه نحو محدثه قائلا

-لِم تظن ولو لثانية واحدة أنك بهذا قد تغير رأيي؟

فأجابه بهدوء

هادئ وسريعWhere stories live. Discover now