مجهولٌ/قَصير.

312 33 25
                                    

-المشهدُ الأول.
شُعور الحزن ممزوجًا برغبة البكاء محاولةً إظهار أنني بخير قد تعمق ليصبح بقعة سوداء ترتسم في قلبي،بقعة جوفاء محاطة باللون الأسود كـ لون الدماء التي تنادي للخروج.
مرحبًا صديقي في غرفتي الملونة بالزهور الذابلة و بعض اللوحات المبعثرة في أنحاء الغرفة،لوحاتٌ قد تناثر عليها الغُبار بفِعل هواء ديسمبر البارد.
بيتٌ آثاثه ثمين قد رسم عليه الدهر ذكريات لم أعهد الكثير منها فعقلي الباطن كان يشغلني عن ما حولي.
زهور جدتي قد تعود لتحيا و تنبت ألوانًا قد مُحيت من ذاكرتي،أحضرتها لأترفّق في تنظيمها و لكن قد ذبُلت و أدركتُ كم أنا فاشلةٌ في كل شيء!
تلك العصافير ذات الصوت الرقيق المحبوسة داخل أغلال،تُشبهني! أشعر بصوتها،يصرخ طالبًا الحرية و التحرر،ذهبتُ بعد أن أدركت جعلها طليقة و لكن قد فان آوان ما وددتُ فعله،ماتت و تعفنت،لكن لما أسمع صوتها؟لما أستشعِر الكثير من الأحياء حولي و لكن لم أُدرك وحدتي؟أمسكت بالقفص لأسكن أرضًا و تقطر عيناي لتغمرَ ما تبقى من تلك الكائنات الصغيرة الخاضعة لحكمة الموت.

-المشهدُ الثاني.
أدونُ ديسمبر و أشعرُ أن عامي قد قرب انتهائه،أشعُر ببرودة الطقس تمتص روحي ببطءِ حكمةِ هدوءِ ما قبل العاصفة،أشعرُ به و كأنه يدٌ تمتد لتخنقني ،تجمدت أطرافي و لم أشعرُ بجسدي و كأنه قطعة من الثلج مجوفة من الداخل إن لمستها ستذوب و تُمحى.

-المشهدُ الثالثُ.
-أكرهُ نظرات الناس لي و أكرهُ تواصل الأعين،رغبتهم في معرفة محتوى عقلي أشبه بشخصٍ مُمسكًا آداة حادة،يطعن قلبي ببطء ليخرج السكين و يطعنه مجددًا حتى أفقد ماهية الحياة و من فيها.
أشعرُ و كأن عقولهم مريضة يخرجون من غُرفهم لينظروا لك بينما يرتسمون صف أسنانهم المخيف لتختفي تلك الابتسامة،تتحول لعبوس و يدخلوا لغرفِهم اللعينة ذات النوافذ الملطخةِ بالدماء.

-المشهدُ الرابعُ.
كتابٌ حرٌ طليق،أكتب لأُفرغ ما أشعرُ به بينما فشلتُ في جعل من حولي يستمعون لي،شعرتُ بالحزن حين ذهبتُ لأُمي محاولةً شرح ما يحدث داخلي لتسبق كلماتي بنظراتها الحادة لأبتعد تدريجيًا و أمكثُ بجانب سريري أتكلم مع صديقي،ليس له وجود؟
هو صديقٌ لي من صُنعي،هو ذاتي التي مُحيت بمرور عقارب الساعة و قد أصبحتُ جسدًا ساكن قابعٌ في سريري البارد.
رسمٌ بالقلم الرصاص،لوحات غير مكتملة و منها شبه المكتملة المطلخة بألوانٍ غامقة كالأزرق المتفحم و غيره،قد سخرَ منها الكثيرون،كنتٍ أتقبلُ سخريتهم و لكن داخلي يبكي دماءًا،أردتُ المدح و لم أجد غير إهتزاز أطرافي و كأني على وشك السقوط،جميعهم لم يصنعوا في حياتهم غير السخرية من الآخرين و لم ينظروا كم هم أُضحوكة و وجوهم تشعُ غباءً.

-المشهدُ الخامسُ
"مرحبًا جدتي،إشتقتُ لكِ،أعتذر على عدم إعتنائي بزهوركِ المفضلة لقد كنت دائمًا مهملة،أعلم أنكِ بخير."..وضعتُ الزهور المفضلةَ لجدتي و رحلتُ كما رحلت،كان هذا صوتي المسموع،صوت هادئ كما كان دائمًا،صوتٌ ستستشعرُ إرتجافه و أستشعرُ أنه من الأفضل إلتزام الصمت.
اتسائلُ إن رحلتُ من سيزور قبري و يبكي لرحيلي،رغبةُ الموت أشبه بتاج معلق فوق رأسي يحاول شعري المبعثر إسقاطة لكنه متمسك بعقلي.

مَجهولٌحيث تعيش القصص. اكتشف الآن