وقفت ميرا مذهولة أمام هذا المشهد لم تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله ، كان صمتها هو الأمثل في هذه اللحظة فحتى سؤالها عما يحدث سيبدو سخيفا ، ساذجا و بلا معنى..
###
" ماذا تريد يا فرحات ؟ هل أصبحت هواياتك أن تقتحم بيوت الناس صباحا و مساء ؟ " قال نجاد بغضب و هو مازال يقف أمام ميرا و يحارب ألم جروحه
" والله يا أخي ليست هواياتي و لا أي شئ و لكن علمنا أن زوجتك ذهبت فقلنا نحضر لنأنسك و لكن يبدو أنك وجدت بديلا بالفعل " قال فرحات ببرود في محاولة لاستفزازهم و لو كان صادقا أكثر لكان اعترف بأنه يحاول أن يعرفها أكثر فقط ليس إلا . كان يريد أن يعلم إن كانت حبيبته ، إن كانت تلك الفتاة التي تنظر له كما لم ينظر أحد آخر من قبل ملك لرجل آخر أم لا
" ماذا تقول أيها الحقير " انفعل نجاد و همّ على فرحات كي يضربه و لكن في هذه الحالة كان فرحات أقوى بكثير فرغم كل محاولات نجاد دفعه فرحات إلى الخلف بسهولة و من ثم اقترب و أمسكه مجددا " أنت أوصلتنا إلى هذه النقطة ، كنّا قد قلنا لا تلعب بالنيران و أنت لم تسمع . ماذا كنت تريدنا أن نفعل هاه ؟ أنت جعلت صبرنا ينفذ كثيرا يا أخي . نحن جئنا نستلم أمانتنا فقط و نذهب.." همس فرحات في أذنه بشكل مخيف ، كان يخرج الكلام منه رويدا رويدا و كأنما كانت كلماته تتعذب و هي تخرج منه و في ذلك الوقت لم يحرك عينه من على تلك الطبيبة التي وقفت واضعة يدها أمام صدرها هناك في وضعية دفاعية تنتظر انتهاء هذا الشجار لتفهم . كان يتساءل كثيرا عن سبب صمتها حتى بعد ما قاله هل لثقتها بنجاد أنه سينهي هذا الأمر أم ماذا ؟
###
في لحظة تغير كل شئ عندما دفع فرحات نجاد بعيدا و لكن بقت تلك السكين التي وضعها نجاد في بطنه عالقة به ، عالقة بفرحات الذي لم يصرخ و لم يتأوه رغم عمق الجرح ، فرحات الذي لم ينهر ، فرحات الذي ظل واقفا على قدميه بينما كان الألم يفنيه..
نظرت ميرا للحظات غير مصدقة ما حدث فجأة نجاد طعن فرحات ، الجميع رفع الأسلحة في وجوههم ، نجاد ينزف و فرحات مصاب ، فرحات الذي يظهر وجهه كل معاني الألم رغم أنه لا يتحدث . و في تلك اللحظة التي قرر فرحات أن يضع يده على تلك السكين ليسحبها عندها استطاعت أن تستفيق من تلك الصدمة و من ذلك الشرود " لا تفعل ! إنها الشئ الوحيد الذي يمنع النزيف الآن ، تنزعها يدخل جسدك في صدمة نتيجة فقدان الدم و تموت و حينها لا تحصل على ما تريد أليس كذلك ؟ " قالت في محاولة لمنعه في وسط ذهول الجميع كيف أنها تحاول أن تنقذه رغم كل ذلك
" أخي.." نادى عابدين في تردد آملا أن يسمع فرحات كلام الطبيبة
أما نجاد الذي كان مصدوما جدا منها و ينظر إليها كمن ارتكبت أكبر الجرائم في هذه الحياة لأنها تحاول إنقاذ قاتلهم لم يستطع أن يتكلم عندما نظرت إليه تلك النظرة التي تلومه فيها على ذلك ففي كل الأحوال لم تكن تنتظر منه أن يصبح قاتلا
" دقيقة واحدة .." قالت و هي تذهب إلى المطبخ فأشار فرحات برأسه للأخرس ليتبعها و في الدقيقة التي ذهب وراءها الأخرس كانت خرجت بالفعل و تحمل الكثير في يديها و ذهبت لتقف أمام فرحات " عليك أن تجلس . علينا على الأقل إيقاف النزيف و القيام بالإسعافات الأولية قبل أن تنقل إلى المشفى "
" أيتها الطبيبة.." أخيرا استجمع نجاد شجاعته في محاولة لنهرها عن ذلك
" عليك أن تسمعِ نداء السيد نجاد فأنت لا تعلمين ما تفعلين " قالها فرحات بحزن و غضب و ألم فجزء منه كان يرى ما تفعله أنه شفقة و تصنع أو طبع بحكم مهنتها و هو كره ذلك كثيرا لأنه ظن أن مغزاها الوحيد أن تظهر له كم أنه سئ و كم أنها جيدة - رغم أن نيتها لم تكن كذلك إطلاقا - و لكن سواء نجاد أو فرحات لم يستطع أحد منهم أن يفهم ما كان يدور في قلبها بالفعل
" أنا أعلم جيدا ما أفعل ! أنا سأعالج جراحك و بعد ذلك سأعالج جراح السيد نجاد و عندما يتم الأمر ستجلسون مع بعض كالبشر و تتفاهمون فمن الواضح أنكم تعرفون بعضكم البعض جيدا كما أن لديكم لغة مشتركة في الحديث لذلك تجدون حلا " قالت و هي تشير له بأن يجلس فتبعا و هو ينظر إلى نجاد " حسنا أيتها الطبيبة فأنت تبدين عاقلة أكثر من صاحب عملك " قالها في محاولة لاستفزاز نجاد هذه المرة
( إنها معجزة أن تظل واقفا على قدميك طوال هذه الفترة بعد أصابتك ! أن تتكلم و كأن ذلك الألم لا يقطعك إربا إربا ، أن تستسلم لي رغم أنك لا تثق بأحد. ترى ماذا عايشت حتى تصل إلى هذه النقطة ؟ حتى تصبح هذا الرجل ) قالت في نفسها و هي تجهز الحقنة و الأدوية التي ستعطيها له أولا ( يا الله ما الذي أفكر به هل سأشفق على قاتل ؟ كما أنه عدو السيد نجاد أيضا ! هل هكذا سأرد دين كل هذه السنوات للسيد نجاد ؟ يا الله أنقذني من هذا العذاب )
خلع فرحات معطفه في هذه اللحظات و عندما كان ينتظرها أن تبدأ " هل تسمح لي " لم تقل ذلك في تلك اللحظة لأنه أساس من أسس وظيفتها بل لأنها كانت تشعر بتلك الحرمات التي انتهكها الناس في حياته و لم ترد انتهاك حرمة جسده أيضا
" والله أيتها الطبيبة لا أسمح و لكن كما قلت لا يوجد حل آخر لنحصل على ما نريد " قالها ثم أشاح بوجهه عنها و هو يحاول أن يعدل وضعية جسده مقاومة لكل هذا الألم
" حسنا تقاضيني عندما تخرج أو تقتلني و تكون قد أخذت بحقك " تنهدت ثم قالتها كانت تهاجمه فقط لأنها حزينة أنها ستؤلمه هي أيضا فرغم بروده نظراته إلا أنها كانت تشعر به فهذا الذي كان يميزها عن الجميع و لكن نادرا ما كان يعلم أحد كم هي مختلفة
" ايه حسنا تمام نفعل والله أيتها الطبيبة لا تقلقي " عندما أجابها كانت قد حقنته بالفعل بالمضاد الحيوي و الألم بدأ يتملكه ، كان عليها أن تسحب السكين أولا و لكن كانت يدها ترتعش جزء من ذلك كان أنها بدأت أخيرا تدرك أنها تنقذ قاتلها و بدأت تدرك و طأة ذلك الموقف الذي لم تكن قادرة على استيعابه و الجزء الآخر منها كان يتأمل ملامح فرحات و ألمه ، يتأمل ذلك العذاب الامنتاهي الذي يشعر به كان يقتلها أنها ستجعله يتألم أيضا ، يقتلها ذلك الشعور بأنه مجبر على أن يتابع ذلك الهراء - الذي تشعر هي بأنه يكرهه - مباشرة بعد اغلاقها لهذا الجرح ، و أسوأ ما في الأمر أنها كانت ترى كم أنه عشق ايذاء نفسه معاقبة لها
" سأسحب السكين" قالتها محاولة ألا تظهر تنهديتها ، توترها و أنفاسها المتقطعة و فعلت كما قالت و نظرت بعد ذلك لوجهه لترى كيف أن عروقه أصبحت بارزة و كيف أنه ضغط على أسنانه للنهاية ( كم تحب أنت وضع الملح على جروحك الطازجة ؟ كم تحب تركها مفتوحة ؟ إلى أي مدى عذبت و تستمر في تعذيب نفسك أنت ؟ ) قالت في نفسها و هي تتفحص الجرح " الجرح عميق و لكن حمدا لله لم يَصْب أي مكان حيوي إنه في فراغ البطن نغلقه و نعلق محلولا و يكون كل شئ على ما يرام " قالت في محاولة لتشتيت انتباهه ليس أكثر " تمام..حسنا فقط لتفعلِ ما ستفعلين "
انتهت ميرا أخيرا من تقطيب جرحه و علقت له المحاليل " حمدا لله على سلامتك " قالت بعد تنهيدة طويلة لم تنتبه أنها خرجت منها " لا ترتاحِ كثيرا أيتها الطبيبة فربما تندمين على ذلك " بدأ الارتياح يظهر في صوته قيلا و ذلك برد قلبها أكثر مِم كانت متصورة " حسنا أنا أندم لا دخل لك ! أنا و الندم أصدقاء منذ فترة طويلة حتى أنك لا تستطيع أن تفرقنا عن بَعضُنَا البعض . ندمنا و انتهى الأمر" تمتت بتلك الجملة الأخيرة مما جعله يفتح عينيه المغلقتين ليتأملها فقد كانت تثير فضوله أكثر و أكثر..

أنت تقرأ
حب ابيض اسود...(الحب القرمزي)
أدب الهواةالقصة دي زي ما أتمنى ان شاء الله يعني هتكون fanfiction لمسلسل حب ابيض أسود..هتكون ٣ أشكال الشكل الأول ( الحب القرمزي ) هتكون البطلة من اختراعي ( مش أصلي يعني ) و هتكون في احداث شبه الي اتعرض من المسلسل و بعدين هتمشي الحكاية بطريقتي انا الجزء التان...