إِطلاقة واحدة| روحٌ ضائِعة.

1.7K 226 728
                                    

في مكانٍ قد اختفى إِشراقهُ بِدامسِ الليلِ، كانت هُناكَ رُوحٌ تقفُ بعيدًا عَني وقد بدت ضائِعةً، لوحت بيدها لَي ثم اقتربت وتحدثت:

- يا رفيقي ألم تشتق لي؟

- من أنتَ؟

- ألا تذكرُ؟ أنا من كان معكَ حينما كان الموتُ يُعانقكَ، وحينما كانت الرُّوح تخنقكَ، وعندما تخلى عنكَ العالم وبعد كل هَذَا تنساني؟

ضحكتُ وقلتُ: آسفٌ يا صاحبي، قد طرقَ البَلاء بابي وصرتُ ضحيةً لَهُ، فأصبحتُ أقَصَّرُ كثيرًا، وأرجو العفو والغفران منكَ.

بادلني الضحكات ونطقَ: وما الصاحب إلا الكتفُ الأخرى لِصديقه، عذركَ معكَ وأنا سامحتكَ.

فرجتُ أسناني مُبتسمًا، فتحدثَ: الابتسامةُ تليقُ بكَ.

ثم أردفَ: إذن يا صاحبي ما رأيكَ بِأن نتسابقَ؟

فتحتُ فمي متفاجِئًا، أين سباق قد يقامُ في مكانٍ لا يحتوي على أي ضوءٍ؟

أشارَ بيده إلى نقطةٍ بعيدةٍ ثم أكملَ: إذا وصلتُ قبلكَ إلى تِلك النقطة فالموت سيذوقكَ، وإذا وصلتَ قبلي فالموت سيعانقني.

قطبتُ حاجبيّ واستنكرتُ قائِلًا: أولسنا صديقين؟ أهذهِ أفعال الأصدقاء؟ لمَ قد أقودُ صديقي إلى الهلاكِ؟

نظرَ لي وابتسمَ ثم أجابَ: كنتُ سأوافقُ لو لَمْ نكن محاصرين في مكانٍ غير مُؤهلٍ للعيشِ، انظر حولكَ، أترى طعامًا أو شرابًا؟ كل ما حولنا هو السواد! علينا أن نغادرَ هذَا المكان حتى نعيش، حتى نحقق أحلامنا، لكننا نواجهُ مشكلةً كبيرةً، سبيل الخروج متاحٌ لشخصٍ واحدٍ فقط، وإذا لم يتخلَ أحدنا عن الآخرِ فسنموت كلينا؛ ولذلك أُجري السباق لتحديدِ مصرينا.

ابتسمتُ لَهُ موضحًا له أننّي فهمتُ كلامه ثم أجبتُ:

- إذًا الموت سيكون رفيقًا لنا في الدرب؟

- أجل.

ضحكتُ ونطقتُ:

- حسنًا.

- فلنعد إِلى ثلاثةٍ ولننطلقَ.

جهرنا في وقتٍ واحدٍ قائِليَن: ثلاثة، اثنان، واحد، انطلقْ!

عشر دقائِق مضت ونحن نتسابق فأنهكنا التعب، توقفتُ قليلًا وصارحتُ نفسي قائلًا: أبدو كرُوحٍ ضائِعة؛ فمُنذ متى والصديق يرمي رفيق دربه إِلى الموتِ؟ لِمَ لا أُعطيه الفرصة وأموتُ وحدي هُنا؟ أليس هذا تعريف الصداقة؟

رُوحٌ ضائِعة.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن