الفصل السابع والاربعون

8.7K 241 1
                                    


لم تعير غاده كلامه اهتماما واكملت حياتها كأن كل شئ طبيعي .. وفي يوم عادت للمنزل متأخره .. دخلت ومعها اطفالها الثلاث.. وجدت شريف يقف في منتصف البهو .. ركض اليه الاطفال احتضنوه بشده .. أمرهم بالصعود لأعلى
أقبلت عليه بخوف من رد فعله قالت : حمد لله على السلامه
قال بصرامه : عملتي اللي قلتلك عليه
تنهدت وقالت : انت لسه فاكر؟
شريف مكررا : عملتي اللي قلتلك عليه؟
اتجهت غاده للسلم وقالت باستهتار : بكره نتكلم ياشريف بكره نتكلم انا تعبانه دلوقتي
قال بصوت هادر : غـــــــاده ..
اهتزت مفاصلها وشعرت بالقلق من صوته
اتى الاطفال من الاعلى ونزلوا على درجات السلم ووقفوا ..
قال شريف في قوه : انتي طــــالق ..
قال كلمته التي أنهت الحياه بينهم في لحظه .. استدار وغادر المنزل وصفق الباب خلفه بقوه .. ظلت واقفه مكانها متجمده وصدى الكلمتان يترددوا في أذنها .. لمدة ثواني .. ثم أظلمت الدنيا في عينها .. ولم ترى غير السواد .. وقعت على الأرض أمام أطفالها .. وسكنت حركاتها .. نظر الأطفال الثلاث إلى بعضهما ..
إقتربا ببطء الى جسد غاده النائم على االأرض .. نظرت ريم الى علي وعبد الرحمن ثم ضحكت وقالت : ماما ماتت زي ماريو
ضحك علي وعبد الرحمن وقال عبد الرحمن : ماليو !!
ضحكت ريم له واندمج الاطفال الثلاث في الضحك والركض حول جسد أمهم
مر حوالي عشر دقائق على هذا الوضع .. رن هاتف غاده وهو في حقيبتها .. تسارع الاطفال من الذي سيرد على الهاتف .. وأخيرا ظفرت ريم بالهاتف .. ركض خلفها الطفلان وهم يضحكون .. وقع الهاتف من يدها بشده وصمت صوته .. وانغلق .. أخذه علي وهلل لأنه من فاز بالهاتف ..
وبعد دقيقه .. رن هاتف المنزل .. ركضت ريم وقالت : انا هلد انا اللي هلد
ردت ..
ريم : الو
لمياء : ألو ياريم ازيك انا طنط لميا
ريم : اسيييك
لمياء : ماما فين
ريم : ماما هنا
لمياء : طيب ممكن تندهيها ياريم؟
ريم : لا هي نامت
لمياء : نامت ؟؟؟ ازاي دي لسه خارجه من المستشفى قبلي
ضحكت ريم وقالت : إحنا جينا وبعدين .. وبعدين .. بابا زعقلها ووقعت على الارض
انتبهت لميا وقالت: ايه ياحبيبتي ؟ ماما فين ؟
ريم : نايمه على الارض
لميا : ياريم ركزي معايا ياحبيبتي .. مامتك فين دلوقتي؟
ريم : نايمه .. على الارض .. قدام السلم
لمياء : وبابا فين
ريم : مشي
لمياء : اومال ايه بيزعقلها دي؟
ريم : قالها .. قالها .. انتي تالق وبعدين هي ماتت
لمياء : ياخبر أسووووووود ومنيل
ثم قالت : علي وعبد الرحمن فين؟
ريم : قاعدين هناك
لمياء : طيب بصي ياحبيبتي اقعدي مع اخواتك وانا هاجي دلوقتي ماتفتحيش الباب لحد .. هه؟ انا جايه
انهت المكالمه واتصلت بالمستشفى سريعا وطلبت يجهزوا لها سيارة اسعاف مجهزة تنتظرها على الباب .. ثم اتصلت برامي
لمياء : الحقني يارامي ..
رامي بقلق : في ايه؟
لمياء : كنت لسه خارجه من المستشفى من شويه .. واتصلت بغاده ريم ردت عليا وقالتلي ان ماما واقعه نايمه على الارض ..
ثم زادت انفعالها .. وقالت بصوت قلق : وبعدين بقولها طيب فين بابا قالتلي قال لماما انتي طالق ومشي وبعدين ماما وقعت على الارض ..
رامي : ايه ده مش ممكن!! يمكن ريم بتهزر
لمياء : معرفش معرفش .. انا كنت اتصلت على تليفونها الاول وبعدين فجأه اتقفل وبعدين اتصلت على البيت لقيت ريم بتقولي كده .. بص انا عموما كلمت المستشفى وقلتلهم يجهزوا عربيه .. معلش بس هرجع المستشفى تاني وهجيب العربيه واطلع على البيت .. انت اتصل شوف صاحبك ده واللي هببه وانا هكلمك لما اوصل ..
رامي : ماشي ماشي سلام ..
وصلت لمياء المستشفى وشاورت للسياره .. ثم اتخذت طريق بيت غاده وسيارة الاسعاف تتبعها وهي تطلق سارينتها المعروفه ..
اتصل عليها رامي مره اخرى ..
رامي : ها يالميا عملتي ايه؟
لميا : انا رايحلها البيت اهو وراياي الاسعاف
رامي : طيب اجيلك على هناك ولا على المستشفى ؟ انا لسه في الشركه أصلا
لمياء : لا ماتجيش على البيت مش هتلحقنا .. انا خايفه اوي مش عارفه ايه اللي حصل .. قلقانه على الولاد وعلى غاده نفسها .. انت كلمت شريف ؟
رامي بعصبيه : تليفونه رن مره وفصل وبعدين جيت اتصل تاني لقيته قفله .. واضح ان في مشكله فعلا..
لمياء : انا قربت خلاص .. هكلمك لما نتحرك
رامي : خدي بالك من نفسك ..
لمياء: ماتخافش.. سلام
**************************
قرعت الجرس مرارا ..
جاءها صوت ريم تقول : مين ؟
لمياء : انا طنط لميا ياريم .. تعرفي تفتحي الباب؟
بعد قليل وجتدت "خرفشه" وصوت صادر من الباب من الاتجاه الاخر .. ثم فتح الباب .. أطلت لمياء برأسها من الباب وجدت ريم واقفه على كرسي صغير وممسكه بالمقبض .. ابتسمت لها لمياء وقالت : ازيك ياريم ماما فين بقى؟
شاورت لها ريم الى مكانها ..
نظرت لمياء لغاده في فزع .. وقالت : انزلي ياريم ووسعي الكرسي ده شويه عشان ادخل
التفتت لمياء الى الدكتور المرافق لسيارة الاسعاف وشاورت له أن يأتي .. دخلت لمياء وبعدها المسعفين .. حملوا غاده الى السياره .. وأخذت لمياء الاطفال الى سيارتها وانطلقوا الى المستشفى .. اتصلت لمياء على رامي
لمياء : احنا رايحين اهو
رامي : فعلا لقيتيها واقعه على الارض ؟
لمياء : أيوه يارامي .. حسبي الله ونعم الوكيل .. انت عارف من رحمة ربنا انها وقعت في المكان ده بالتحديد لانها لو كانت اتحركت قبل ورا شويه كانت راسها جت على اول درجة من السلم واتخبطت فيها .. والله اعلم كان ممكن يحصل ايه
رامي : الحمد لله
لمياء : كلمته تاني؟
رامي بعصبيه : أيوه مقفول بردو .. انا بقفل المكتب اهو وجاي .. سلام
*******************
دخلت السياره المستشفى .. نقلوا غاده الى الداخل ومعها الطبيب .. دخلت لمياء وهي ممسكه بالاطفال في يدها .. كان الدكتور شوقي خارجا من المصعد ..
شوقي مبتسما : ازيك يادكتور لميا ؟ ولادك دول؟
لمياء والقلق ملئ وجهها : لا دول ولاد الدكتوره غاده
شوقي مستفسرا : طيب جايين هنا ليه دي مشيت من ساعه
لمياء : لا ماهي تعبت وانا جبتها هنا في الطوارئ .. ومحدش في البيت فجبت الولاد معايا هنا ..
قفز قلب شوقي من مكانه وقال : مالها في اييه؟
لمياء : هه؟ لا اصل .. اصلها تعبت فجأه ووقعت من طولها ..
نظر شوقي لأطفال بحنان وقال : طيب هاتيهم هدخلهم مكتبي وانتي روحيلها .. وانا هجيلكوا كمان شويه
لمياء : هو حضرتك كنت مروح مش كده؟
شوقي : لا مش هروح .. يلا هاتي واتفضلي انتي
سلمت له الاطفال وذهبت مسرعه الى غرفة غاده ..
أدخلهم غرفته و ابتسم لهم وقال : انا اسمي عمو شوقي وانتوا اسمكوا ايه؟
ريم : ليم
شوقي : اسمك ليم؟
ريم : أه لييم
شوقي وانت اسمك ايه؟
علي : ألي
عبد الرحمن : لحمان
ضحك شوقي وقال : لا انا مش هعرف افهمكوا كده .. اتغديتوا يا ليم؟
ريم : كلنا عند تيته فوسيه
شوقي : ماشي انا هروح اجيبلك حاجه حلوه وعصير ليكي ولاخواتك .. اقعدوا هنا وماتلعبوش في حاجه لحد ما اجي ومش هتأخر
ريم : هي ماما فين؟
التفت لها شوقي : ماما جايه ياحبيبتي ماتخافيش ..
تركهم وأغلق الباب عليهم .. قابل الساعي اعطاه نقود وامره ان يحضر بعض الحلويات والعصائر للاطفال في الحجره .. ذهب الى حيث حجرتها .. لمياء تجلس في الطرقه .. جلس في الكرسي جوارها وقال : في ايه يادكتوره ؟ مالها الدكتوره غاده؟
لمياء : زي ماقلت لحضرتك .. رحت لقيتها كده واقعه على الارض .. و..
سمعت من خلفها : لميا ..
اتفتت لتجد رامي قد حضر ..
عرفت لمياء رامي لشوقي والعكس
رامي : ايه الاخبار ؟
لمياء : لسه الدكتور جوه مخرجش
شوقي : وحضرتك عرفتي ازاي انها تعبانه ؟
لمياء : اتصلت بيها بعد ما مشيت .. حضرتك عارف النهارده كان عندنا وفد اجنبي وطولنا اوي وانا ماشفتهاش طول اليوم .. قلت اكلمها اطمن عليها وانا ماشيه .. لقيت ريم بترد عليا وبتقولي ماما واقعه على الارض .. اتصلت بالمستشفى يجهزوا عربيه وجيت خدتهم ورحت على البيت بسرعه وفعلا لقيتها زي ما ريم قالت ..
رامي : اومال فين الولاد ؟
شوقي : في مكتبي ..
رامي : احنا هناخدهم نروحهم ولا ايه؟
نظرت لمياء لرامي نظره لها معنى وقالت : ماهو مفيش حد في البيت يارامي
رامي : آه آه .. طيب انا هكلم محمود يجي ياخدهم
لمياء : أو ممكن احنا نوصلهم ليه احسن
رامي : بس هو لازم يعرف اللي حصلها بردو
تدخل شوقي : محمود مين؟
لمياء مستغربه من فضوله : ابن عمها ..
كان شوقي على وشك ان يكمل أسئلته ولكن شعر انه لا يجوز ان يتدخل اكثر من ذلك ..
قال : انا هروح اشوف الولاد .. وهما في مكتبي عموما لو هتاخدوهم في اي وقت
وعندما غادر .. قال رامي : مين ده؟
قالت : ده الدكتور شوقي رئيس قسم علاج وجراحة العظام ..رئيس غاده يعني
رامي وقد فهم ما كان يعنيه صديقه من قبل : هو ده ؟؟؟؟؟؟
ثم قال في سره : كان عندك حق ياشريف .. بس ايه سبب المشكله اللي خلتك تعمل كده ؟ ياترى شوقي ده ليه يد فيها ؟
لمياء : سرحان في ايه يارامي؟
رامي : هه؟ ولا حاجه .. بفكر بس شريف ممكن يكون فين ..
أخرج هاتفه واتصل على محمود واخبره بالوضع ..
دخل شوقي مره اخرى على الاطفال وجدهم أكلوا بعض الحلويات والباقي على المنضده .. ثم استسلموا للنوم على الاريكه .. نظر لهم في شفقه .. هؤلاء اذن أولادها .. اقترب منهم في صمت وهم نائمين مثل الملائكه .. تنهد في صمت ثم جلس الى مكتبه وهو يفكر بها .. لم يستطع توقع ما حدث .. ظل في مكانه قليلا .. بعدها وجد رامي يدخل عليه الحجره
وقف شوقي فورا وقال بصوت خافت وبلهفه : فاقت ؟؟؟؟
تأكد رامي من كلام صديقه مره أخرى وقال بغيظ مكتوم : لا لسه .. انا بس عاوز الاولاد عشان البشمهندس محمود قرب يجي وهياخدهم
شاور له شوقي على مكانهم وقال : بس هما نايمين ..
نظر لهم رامي في حيره .. ماذا يفعل .. سبقه شوقي وقال : انا ممكن أنقلهم في أوضه بسريرين جنب أوضة غـ.. الدكتوره غاده .. او ممكن في أوضتها نفسها ننقل سرير تاني و..
قاطعه رامي وقال : لا معتقدش اهلها هيوافقوا يسيبوهم هنا .. لما محمود يمشي يبقى ياخد الاولاد وهما نايمين .. وعموما شكرا يادكتور تعبناك معانا
شوقي بحزن : لا مفيش تعب
غادر رامي وفي أعماقه غضب شديد من تصرفات شريف الطائشه
اتصل عليه مره اخرى وهاتفه مغلق .. قال في سره : يخربيت غبائك ياشريف انت بني ادم متخلف اصلا اهو هيضيع مراته منه ويسيبها لسي شوقي ده .. غبي ياشريف غبي
*******************
الدكتور : صدمه عصبيه .. خفيفه وان شاء الله تفوق بعد كام ساعه
محمود : يعني هي لسه في الغيبوبه دي؟
الدكتور : ايوه والحقنه اللي اديتهالها هتخليها نايمه مرتاحه كمان كام ساعه
لمياء : شكرا يادكتور ..
انصرف الدكتور .. التفت رامي لمحمود ..
رامي : محمود عايز اقولك حاجه قبل ما نمشي ..
محمود : اتفضل يارامي
نظر رامي الى لمياء نظرة متوتره وقال رامي اخير : اللي حصل زي ما هقولك بالظبط دلوقتي
روى رامي على مسامع محمود ماحدث ..
محمود بغضب : وهو فين دلوقتي ؟
رامي : منعرفش .. قافل تليفونه من ساعتها ..
نظر محمود على باب الحجره بحزن وقال : يعني طلقها ومشي ؟؟؟؟ اختفى!!!
لمياء : والله انا عماله اكذب نفسي واقول اكيد ريم بتألف بس انا مش لاقيه اي تفسير منطقي للي بيحصل ..
محمود بغضب اكبر : بس ده اسمه هزار .. ازاي يعمل حاجه زي كده من غير ما يرجع لأهلها .. ويسيبها مرميه على الارض ويمشي ..
رامي محاولا ان يجد له عذرا : ماهو احنا مانعرفش اذا كانت وقعت من طولها قبل ما يمشي ولا قدام عينه .. ولو انه لو حصل كده قدامه اكيد اكيد مكنش سابها ومشي .. انا متأكد
زفر محمود في ضيق وقال : المهم تفوق الاول وبعدين نشوف اللي هيحصل .. الأولاد فين ؟
لمياء : في أوضة الدكتور شوقي ..
رامي : بس نايمين على الكنبه
محمود : ماشاء الله .. يعني الاولاد هما اللي بيدفعوا التمن .. مترميين على الكنب في اوض الدكاتره ..
لمياء : معلش انا اضطريت اجيبهم هنا عشان مكنش في حد في البيت
محمود : اسف يادكتوره انا مبجبش اللوم عليكي .. انا بلومهم هما الاتنين .. يعني لو فعلا طلقها .. كان استنى لما انا اجي او جه وبلغني باي حاجه مزعلاه منها .. مش يقولها الكلمه ويجري
رامي : طيب انا بقول نستنى لما هي تفوق وتحكي اللي حصل ..
محمود : هاخد الاولاد لماما في البيت .. انا مقلتش لحد اصلا انها في النمستشفى . لما رامي كلمني جيت على طول من الشركه على هنا .. ربنا يستر
لمياء : انا بقول احنا كمان نمشي .. هي مش هتفوق قبل الصبح .. ان شاء الله .. ولما نتأكد من الموضوع وحقيقته نبقى نقول لطنط فوزيه .. وهما هنا صاحيين طول الليل وهياخدوا بالهم منها كويس
محمود : الله المستعان
**************
أخذ محمود الاولاد وغادر .. وبعد حوالي ساعه غادرت لمياء ورامي الى بيتهم .. وبقي شوقي في المستشفى تلك الليله ..
وصل محمود بالاطفال الى البيت وقال لهم ان غاده لديها عمل مهم في المستشفى وشريف مسافر .. صدقوه .. ونام الاطفال مع فوزيه .. وكل في فراشه .. في سكون ..
هناك .. وقبل ذلك بساعات قليله .. بعد أن غادر المنزل وقد ألقى على مسامعها أقسى كلمات تلقى على أذن أي إمرأه .. كان يشعر بغضب شديد .. وبرغم اهمالها له السنين التي مضت .. الا ان موقفه من دكتورها ومن رفضها المتكرر لترك العمل آثار في نفسه الغضب الشديد منها .. الغضب الذي أنساه عشرة وحب السنين أنساه اطفاله ..
كانوا واقفين يستمعون الى حوارهم على الدرج .. لم يفكر في رد فعلهم او في غاده نفسها .. اعمى الغضب عيناه وقلبه عن اي شئ .. قاد سيارته بسرعه كبيره .. وانطلق بها الى مكان ما على كورنيش النيل .. أسفل أحد الكباري .. فارغ من الماره والباعه .. فقط هو الظلام والمياه ..
ركن الى سيارته .. وقف يتذكر شكلها وهو تتهاون في طلباته بترك العمل وبتهاونها فيما سبق .. ربط كل الاحداث ببعضها وهيأ له الشيطان انها لا تحبه او بالكاد تحبه .. وان عملها هو رقم واحد في حياتها حتى قبل أولادها .. والدليل ما حدث لابنتها .. وان غاده أنانيه طماعه لا تسعى جاهده الا فيما يخصها وحدها .. لم تسأله يوما ما عن أكله محببه الى قلبه وتتعلمها خصيصا له لكي تسعده .. لم تأخذ قرار مصيريا في حياتها حتى لو على غير رضاها كي ترضيه .. بل كانت تحاول دائما ان ترضيه وفي نفس الوقت ان ترضي نفسها وتستمر في المذاكره .. لم يجد لها اي موقف يدل على انها تحبه وتفضله على نفسها ..
هنا رن هاتفه .. نظر الى الشاشه .. انه رامي .. شرد في رامي وفي حاله .. شعر بالغيره منه لان زوجته لمياء -ورغم اعاقته- فضلت ان تبقى معه ولم تفضل ان تتركه وتتزوج وتنعم بالاطفال .. ولم تنشغل بمذاكره او دارسات عليا .. رغم انها أولى ان تنشغل في مثل هذه الاشياء فهي لا يشغلها شئ .. حتى رامي يقضي اوقات أطول منه في العمل .. ومع ذلك تنهي عملها وتركض للنمزل تنتظره وتقضي باقي اليوم معه في سلام .. لماذا غاده ليست كلمياء ..
عندما أنهى رامي اتصاله .. أغلق شريف هاتفه ووضعه في جيبه .. ظل واقفا مكانه وبعد ان هدأ قليلا في انفعاله – ولكن قلبه مازال يشتعل غضبا – انطلق بعدها الى احد الفنادق وقضى ليلته هناك .. بمفرده .. بات ليلته يشعر بأنه أخذ القرار السليم وكان لابد لغاده من موقف حاد يفيقها من ارض الاوهام التي تقف عليها ..
******************
واقفه ترتدي البالطو الأبيض .. يحيط رقبتها السماعات الخاصه بالاطباء .. الابتسامه تعلو شفتيها .. تتنقل بين حجرات المرضى كالنحله بين الزهرات .. رائحة المستشفى لها كرائحة المسك والعنبر والياسمين .. وعلى جانبها يقف شوقي يدعمها ويشجعها ولكنها تراه مكمم الفم وبعينه نظرة غريبه .. لم تهتم كثيرا بل وشعرت بشئ من النفور .. وعلى الجانب الاخر شريف .. ينظر لها بغضب وعدم رضا عن سعادتها .. تأثرت قليلا وتمنت ان يرضى ولكن لم تهتم ونظرت امامها لتكمل عملها .. شعرت بشئ يشدها للأسفل .. نظرت .. وجدت أحب الاشخاص اليها .. اطفالها ..يبتسمون لها ببراءه .. شعرت بسعاده فالكل حولها في مكانها المفضل .. سارت تجاه غرفة عمليات .. ثم خرجت بعدها بوقت وجدت الجميع يصفق لها ويهنئها بنجاحها الباهر المنقطع النظير .. ولكن !!! اين الاحباء ؟؟ اين الاقربون ؟؟ أين زوجها واطفالها ؟؟ لماذا غير موجودون مع المشجعين لها؟ شعرت بالغضب من شريف لعدم اهتمامه .. وقالت في نفسها لابد أنه أخذ الاطفال بعيدا عنها لكي لا تشعر بهم وهي في أوج نجاحها .. انتهى التصفيق وانفض الجمع .. وجدت نفسها بمفردها .. لحظات وكانت المستشفى فارغه من البشر .. شعرت بوحشه غريبه .. رمت السماعه وخلعت البالطو .. ظلت تجري بين طرقات المكان .. لا يوجد احد .. بل يوجد البعض ولكن كلهم نيام .. فتحت غرفه وجدت شوقي يمد يده لها .. فزعت .. أغلقت الغرفه على الفور .. ظلت تنده باسمه شريييف شرييييف .. لا يرد .. وجدته أخيرا يسير في طريق خارج المستشفى .. نظرت له من النافذه وندهت عليه .. التفت اليها ..
قالت : اطلع ياشريف - قال : انزلي انتي - قالت : لا مش هنزل
دار بجسده مره اخرى واكمل سيره الى ان اختفى ..
حاولت ان تنادي باسمه مره اخرى ولكن شعرت بان صوتها مكتوم .. لا تستطيع ان تتكلم او تنادي .. هناك من يطبق على نفسها .. تراه يبعد ولا يجد لديها القوه لمنعه.. ثم فجأه .. صرخت بشده .. صرخت وصرخت .. اختلف المكان .. اختلف الزمان .. ولكن في الحقيقه الان تجد نفسها على فراش المرضى .. وفي يدها يحقن لها محلول ما .. دخلت عليها الممرضه : حمد لله على سلامتك يادكتوره
نظرت اليها والى المكان ثم الى الممرضه مجددا .. والتي كانت تزيل المحلول والابره من يدها .. ثم خرجت .. حاولت ان تتذكر ما حدث .. تعود لها الذكريات تدريجيا .. المنزل .. شريف .. الاولاد .. تصعد السلم .. ثم .. ثم .. وضعت كفيها على اذنيها عندما تذكرت ما سمعته من شريف وصرخت لكي تمنع عن أذنيها تردد الكلمه : انتي طالق انتي طالق انتي طالق
دخلت عليها الممرضه مجددا .. وبعدها جاء الدكتور مره اخرى ولحقه الدكتور شوقي الذي علم بأمر افاقتها .. اعطاها الدكتور حقنه مهدئه نامت بعدها وهي تهذي باسم شريف ..
شوقي في سره : شريف ؟؟؟ ممكن تكون متخانقه معاه؟؟؟
هدأت واستكانت .. ثم نامت .. خرج الدكتور مع شوقي من الحجره
شوقي : هي بتصرخ ليه؟
الدكتور : واضح ان الصدمه اللي اتعرضتلها مطلعتش رد فعل ليها وفضل مكبوت جواها .. وحست بيه دلوقتي ..
شوقي : وهتفوق امتى ؟
الدكتور : وهو ينظر الى ساعته التي اشارت الى الرابعه والنصف فجرا : ممكن على الساعه عشره الصبح ان شاء الله
شوقي : وهتصرخ بردو لما تصحى ؟
الدكتور : على حسب .. على حسب شدة الموقف اللي تعرضتله بس معتقدش طالما طلعت اللي جواها مره يبقى هتفوق احسن المره الجايه ان شاء الله
غادر الطبيب ووقف شوقي امام حجرتها ..تنهد بحزن ثم اتجه الى المسجد الملحق بالمستشفى ... ادى الفريضه ودعى لها بالشفاء كثيرا .. ثم اتجه الى مكتبه ونام على الاريكه ... تذكر ابناءها وحوارهم معه .. ابتسم عند هذه النقطه .. ثم ذهب في سبات عمييييق
************************

ذات الوجهه الدميمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن