عَقَر

1.2K 113 25
                                    



"إنِّي هنا راحل. لا تودّعني لكني سأفعل. سأخبرك ما أودّ قولهُ برسالة تملئها الدموع و الدماء التي تنزف من أصابعي النحيلة الصغيرة الشاحبة.. نعم، أنا من آذيت نفسي ، لكني لا آبه لشيء آخر غير موتي .. لا أستطيع التوقف عن التفكير بشأنه ؛ كيف سيكون ؟ أو حتى كيف سيحصل ؟ هل سأستمتع بالهرب من هذا العالم القاتل وهل سيُعجبني شعور ذلك الحبل الذي يتقلص شيئًا فشيئًا حول رقبتي البيضاء ، المليئة بآثار الجروح والندوب ؟ أم سيكون الأمر أسهل من ذلك و سأغرز أحد السكاكين في عنقي مع عدد هائل لا متناهٍ من الشفرات الحادة - اللعينة - في يداي و عروق القلب التي تتواجد في فخذاي ؟ ألا تعلم.. إن الأمر برمّته غريب ، كيف يكون المرء ميتًا وهو على قيد الحياة ! أنّى لهُ ذلك ؟ أكان كل هذا الجهد الذي قام بعمله خاطئًا أم أن الصواب هُنا يُردّ (لأنه صواب) فحسب ! لا استطيع القول بأني لم أفكر يومًا بطريقة موتي،أنا بالفعل لا أنفكّ عن ذلك. إن ما حولي هو أحد الأسباب التي تدفعني لفعل ذلك، والصوت الضئيل القابع في رأسي هو ما كان سيجرّني لهلاكي في السنوات الماضية. لكنه لم يعُد ضئيلًا على أية حال.. لقد اعتلى و اعتلى، إغتالني ودفعني للزاوية ؛ أو إن صح القول، لجرفٍ سحيق رغم ثباتي في سريري وغرقي به بشدة، العالم الخارجي يُخيفني وأهابه جدًا. دومًا ما أفكر أن من سيختطف روحي سيأخذها وهو يضحك، بسخرية أيضًا، إني لا أعتقد أن الموت سيهتم على أي حال.. أنا ضعيف، وحيد، شبه ميت، مكتئب، يصارع أفكاره والأصوات التي تسكن رأسه، من سيأبه بي؟ بالطبع لا أحد. وأنا أيضًا لا أود ذلك. هذه الثواني من الوعي تقتلني بشدة، تزمجر بصمت علي وترهبني، تخبرني أنه "ميؤوس مني". إني أتمنى من هذه الحياة العديمة الفائدة أن تنتهي. لـ تتوقف، لتتوقف عن ممارسة طغيانها عليّ. ولكنني أكابر، أدعها تهاجمني وترميني أرضًا وتكمل ضربها وصفعاتها وأقابلها بوجهٍ بارد متجهم، حتى أنني لم أصرخ لمرة، لقد تنهّدت فحسب. وربما هذه التنهيدة هي الأخيرة، لم أعُد أرى شيئًا سوى هذا الظلام الذي بدأ بأن يكون حالكًا.. لقد ابتلعت عدة حبوبٍ بينما كنت أكتب، لا أعلم ماهيّتها ولا بأس بذلك، الأمر لا يهم أحدًا بكل المواضع والأحوال. ولهذا فلتكتبوا على شاهدة قبري أنني مِتُّ بهدوء، وأزهقت روحي وارتفعت للسماء ببساطة ؛ مع هذا الكم الهائل من الحقد الدفين لمن جعلني أصل لهذا الحد من الهلاك."

لقد كنت أبتسم يا أصدقائي لأُخفي صِدق مشاعري فقط. فأنا خائِف جِدًّا، خائِف ومَليء بِما لا أستطيع إخباره أيّ شَخص في هذا العالم.

🎉 لقد انتهيت من قراءة جَذَم. 🎉
جَذَم.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن