( الفصل الأول )
ما أجمل البدايات دائماً تكون أجمل وأروع , وما أبشع النهايات دائماً تكون مصحوبه بالآلم ... وبين البدايات والنهايات توجد حياه كامله نعيشها بتفاصيلها بحلوها ومرها نعتاد عليها وتعتاد علينا ..نحياها ونتأقلم مع آلمها وننتظرها تهدينا لحظات من السعاده نقتنصها منها لترجع تأخذها منا وتعطينا مقابلها دفعات كثيره من الآلم ... ولكن برغم قسوة هذه الحياه لا نملك ألا ان .... نعيشها ........................
وقفت خلود تنظر إلى الصيدليه بعدما رتبتها لا تعلم للمره الكام , فهى كلما وجدت وقت فراغ تعيد ترتيب الأدويه وتسجل النواقص وتضع الأدويه التى أوشكت على ألانتهاء فى رف قريب ليتم ارجاعها للشركه ... تقوم بهذا العمل وهى أكثر من سعيده لا تشعر بأى ألم أو أرهاق ولكن ببساطه تشعر بالسعاده ..تشعر بأنها وجدت نفسها التى أضاعتها فى سنين عملها بالمشقى الحكومى ثم السجن ثم العمل كخادمه ...تنهدت هى لا تريد أن تتذكر هذه الأيام فهى ذهبت بلا رجعه وتدعو اللله فقط أن يكمل فضله عليها و يجعلها تصمد حتى تطمئن على شقيقاتها وتوصلهم كل واحده إلى بيت زوجها
تنهيده أخرى أتبعتها أبتسامه جميله وهى تتذكر أختها داليا اليوم صباحاً عندما أخبرتها أن هناك شاب يريد أن يتقدم لخطبتها ورغم أنها كانت دوماً تخشى هذا اليوم إلا أنها اليوم لا تخشاه فهى الآن ليست خلود خريجة السجون والخادمه بل هى الآن الدكتوره الصيدلانيه خلود ...نعم فمنذ شهر واحد فقط ظهرت برائتها وحكمت المحكمه بأسقاط سبقتها من سجلها والآن هى تتحدى أى أحد يقول لها أى لقب سوا الدكتوره خلود .... صحيح أنها مازالت هناك أجراءات التظلم التى قدمتها للنقابه لأعادة أسمها مره أخرى بعدما تم حذفه ولكن بسيطه ...صبرت الكثير و ما بقى ليس سوا قليل .... هو ليس بقليل وهى أكثر من يعلم بطول الأجراءات فى بلدنا فقد أستغرق حصولها على برائتها أكثر من سنه رغم أعتراف الذين ورطوها ...... وعندما وصلت بتفكيرها لهنا تذكرت حسام ..هى لا تنكر أنه السبب فى ظهور برائتها ولولاه ولولا سعيه وراء قضيتها ماكانت برائتها لتظهر ولا حتى كانت أن تحلم أن تصل إلى ما وصلت له الآن بل لا تستبعد أنها كانت حتى الآن تخدم فى البيوت سعياً وراء لقمة العيش ...هى تدين له بهذه الحياه الجديده ..تدين له بأنه جعل رأسها مرفوعه واليوم هى مستعده لمقابلة عريس أختها دون قلق سوا القلق العادى من تكاليف الفرح والأثاث أما القلق من أن يعايرها زوج شقيقتهاا المنتظر بها فلاااا.... ورغم أمتنانها الشديد له ألا أن قلبها مجروح منه فبمقدار أمتنانها له مقدار مضاعف من الألم .. لا يمكنها أن تنسى عرضه المغزى بالزواج منها سراً وكأنها لا ترقى أن تكون زوجته بالنور ...هى تعلم مقدار نفسها ولم تحلم فى يوم أن تكون له زوجه ، ولكنه هو دائماً الذى كان يشعرها بأنها لا تقل عنه ... هو من جعلها تتطلع إلى حلم تعلم أنه مستحيل ...هو من أخذ بيديها وأثبت برائتها وكأنه يمحى خطوط الماضى ليبدأ معها المستقبل ... وف لحظه سرق منها حتى حق الحلم ....تنهدت تحاول طرد هذه الذكرى السيئه فهى بعدما تجاوزت صدمتها لا تعلم ولا تتذكر ما قالته ولكن كل ما تذكره أنها وبكل وضوح أعلنت عن نيتها بعدم رؤيته , حتى وهى تعلم أنه على علم بكل تحركات قضيتها وأن له اليد الخفيه فى تحريك سير القضيه ومع ذلك هى تستغرب أحترامه لرغبتها وأبتعاده الكامل وهى بالمقابل أعلنت أستقلالها وأخبرت المحامى أن أى تكاليف خاصه بالقضيه هى ستدفعها وأن لم يوافق ستسحب القضيه وتحولها لمحامى آخر , وكانت تدعو اللله فى سرها أن يذعن لطلبها لأنه من أفضل محامين البلد وبالفعل وافق حتى أنه عرض عليها ان تعمل داليا أختها التى تخرجت حديثاً من كلية ألحقوق معه ويخصم أتعابه على أقساط من راتبها .. بالفعل عملت داليا معه وهناك تعرفت على أشرف زميلها بالعمل الذى لم ينكر أعجابه بها منذ اللحظه الأولى واليوم أخذ الخطوه وقرر أن يتقدم لخطبتها وأكثر ما يريحها أنه على علم بقضيتها ولم يفرق معه شئ بل أنه أخبر أختها أنه فخور بنسبهم .....
أنقذها من أفكارها دخول أحدهم إلى الصيدلية فالتفتت لترى الداخل وعلى وجهها أبتسامه دائماً أصبحت ترسمها على وجهها كلما دخل مريض إلى الصيدليه فكما يقول أسامه يكفى المرضى مرضهم وأرتفاع أسعار الدواء فلا نزيدها عليهم ....فدوماً واجبنا أن نبتسم لهم فهم لا ذنب لهم فى مانمر به فما فيهم كافيهم .... سرعان ما اختفت أبتسامتها وهى تتعرف على الفتاه التى دخلت ..." بنان " ... لا تعرف سر أصرارها على التواجد بشكل شبه يومى والسؤال فى كل مره على الدكتور أسامه الذى كان واضحاً معها عندما قابلها صدفه فى أحدى المرات التى كانت تأتى فيها وحدث بينهم مشاده كلاميه لاتعرف فحواها ولكن ماسمعته فى النهايه وهو يصرخ فى وجهها بألا تأتى ألى هنا مره أخرى وبعدما خرجت تبكى منهاره ألتفت إلى خلود محذراً أياها أن تعطيها رقم هاتفه أو توصل لها أى معلومه عن أوقات تواجده وهو بدوره أنقطع عن تواجده بالصيدليه وترسل له أيراد الصيدليه مع أخته الصغيره .... ورغم ماحدث إلى أنها تأتى ولا تمل وكل مره تسأل عن أسامه والرد واحد ..لا أعلم أين هو ..لا أعلم مواعيده ... لا أعلم رقم هاتفه ..ومع ذلك تأتى مره ثانيه وكأنها لا تعلم أنه يعلن صراحةً أنه لا يريد أن يراها
نظرت له مستغربه من حال هذه الفتاه الغريب جميله هى بشكل مبهر ..عيون زرقاء وشعر بنى يميل إلى الأصفر ووجه أبيض وأن كان دائماً شاحب شفاه ورديه ولا تعلم ذلك بفعل ملمع الشفاه أما بفعل أسنانها التى تضغط عليها بتوتر دائماً ... هى فى الحقيقه كتله من التوتر فهى تاره تقضم شفاها وتاره تقضم أصابعها وتاره أخرى تهز رجلها بعصبيه شديده ...تصرفاتها كلها تجعلها ترتاب فيها ..فهى رغم بساطة ملابسها ألا أنها تعلم أنها غالية الثمن حتى سيارتها الفارهه التى تعد شاذه فى منطقه متوسطة الحال كالمنطقه التى توجد بها الصيدليه ..حقيبتها ..هاتفها ...كله يدل على أنها فتاه ذات ثراء فاحش فما علاقتها بالدكتور أسامه وماهى سر مثابرتها على لقائه ..والأهم لماذا يرفض هو أن يقابلها
عندما لم تبادر بالحديث بادارتها خلود بأبتسامه صغيره : أزيك يا انسه بنان
تلفتت بنان حولها وقالت بنظرات مشتته : الحمد لله ..هو أسامه فين ؟
رفعت خلود عيونها لأعلى نفس السؤال يتكرر كل مره ورغم أنها تحصل على نفس الأجوبه إلا أنها تصر على أن تسأله بل تصر على الحضور رغم أنه واضح جداً أن أسامه يرفض مقابلتها ... تحسدها على مثابرتها فهى لو كانت منها ما كانت أعادة طلبها مرتين فلا أحد يستحق أن تذل نفسها من أجله حتى لو كان شخص ممتاز كدكتور أسامه
أجابتها الأجابه المعتاده التى تعلم أنها تنتظرها : أنسه بنان دكتور أسامه مش موجود ومش منتظر يجيى هو أصلاً بطل يجى الصيدليه وبيبعت أخته الصغيره تاخد الأيراد
وكأنه حوار متكرر : طب هاتى رقم تليفونه
سكتت ثم قالت : أنا مش معايه رقم تليفونه
مسدت بنان صدغها بقوه وقالت بغضب : أنا عارفه أنك بتكدبى وعارفه أن هو إلى قايلك تقولى كده بس أنا عايزاه ضرورى
وكأنها لم تقل هذه الجمله سابقاً : صدقينى هو مش..
وهنا تملك بنان الغضب فصاحت بصوت عالى : أنتى أيه مابتفهميش ...حماره ..بقولك عايزه ضرورى ..... وأعادتها مره أخرى بصوت أعلى : عايزاه ضرور......وقبل أن تكمل قاطعها صوت غاضب قائلاً : ما أفتكرش فى بينى وبينك أى مواضيع ضرورى
ألتفتت بنان لتجد أسامه واقفاً على باب الصيدليه ينظر لها بغضب شديد ..نظره أصبحت تراه على وجهه مؤخراً كلما تلاقت دروبهم ... نظرة غضب وأحتقار وكره بعدما كانت نظراته ... نفضت أفكارها بعيداً هى لا تريد أن تتذكر ..تقدمت بخطوات مرتبكه وقالت بخفوت وهى تمسد جانبى رأسها : أسامه أنا ...
فقاطعها غاضباً : أنتى حالاً هتعتذرى للدكتوره خلود على إلى أنتى قلتيه وتتفضلى تحرجى من غير مطرود وياريت ماتعتبيش المنطقه هنا تانى .... وأكمل بتهكم : أظن المكان هنا مش مناسب خالص لمكانتك الأجتماعيه يامدام بنان ولا أيه ؟
نظرت له نظره تحمل لوم وعتاب ... وآهه من نظرات عينيها الزرقاوين ...دائماً مايشعر نفسه ضعيف أمامهم ...ولكن أن كان يضعف فى الماضى فالآن لا فهو وحده من يعلم ما وراء منظرها الذى يحوطه البراءه
( أنت عايزين أعتذرلها يا أسامه وكمان بتطردنى !!)
فأجاب مؤكداً : طبعاً ...مش معنى أنك شايفه نفسك فى مكانه والناس كلها فى مكانه ...وشايفه نفسك أعلى من البشر أنك تيجى لغاية هنا وتهينى الدكتوره فى مكانها ... ده تجاوز ما أسمحش بيه ...... ومن فضلك تعتذرى عشان تلحقى تمشى عشان عندنا شغل
وهنا تدخلت خلود فى محاوله لتلطيف الجو : مفيش لزوم للأعتذار يا دكتور أنااااا
فقاطعها بأشاره من يده معناها أن تصمت ونظر بأتجاه بنان يعطيها نظره معناها ..الآن وألا لن تكون العواقب سليمه فنظرت بنان إلى خلود التى كانت تنظر لها بأشفاق فهى لا تتمنى أن تكون مكانها حتى ورغم أنها أهانتها
( أنا ..آاااسفه ......
أمسك أسامه باب الصيدليه وقال : كده تقدرى تمشى وياريت الزياره ماتتكررش
أتسعت عيناها فمن أمامها لا يمكن أن يكون أسامه لذلك قررت أن تتصرف بسرعه فسحبت حقيبتها وقلت وهى تتوجه للباب : دكتور أسامه أنا أفتكرت حاجه مهمه .. هروح أجيبها 10 دقايق مش هتأخر
وقبل أن يعترض كانت تفر من أمامه فيكفبها ما رأته ..فهى أشفقت على الفتاه المسكينه التى من الواضح أن غضب أسامه منها يجعله يهنيها مره تلو الأخرى دون أن يشعر
أقتربت بنان من أسامه وقالت بخفوت : أسامه ..أسمعنى
والجواب كان من كلمه واحده : لأ
( أسامه ..أرجوك )
فأبتسم بسخريه : مفروض أنى أفتخر أن بنان هانم الحسينى نفسها بترجونى ...بس أنا كمان برجوكى أنك تخرجى من حياتى وماتورنيش وشك تانى
فأقتربت أكثر وقالت : طب أسمعنى لآخر مره .....
وهنا لم يحتمل فأمسكها من ذراعيها وقال بغضب : أسمعك ..أسمع أيه ..وأسمعك ليه ..ها قولى لى سبب يخلينى أسمعك ولا حتى أرد عليكى ...ها ..قولى لى أنتى هنا ليه ..سايبه بيتك وجوزك وجايه هنا ليه ..عايزه منى أيه ..ها
كان يتحدث ويهزها وعندما توقف شعرت بألارض كادت أن تميد بها فأغمضت عيونها لثوانى لتستعيد توازنها وبذراعها الحر رفعت يديها تمسد جانب رأسها وقالت بوهن : أسامه أنا عايزه......
فقاطعها بسخريه تشوبها غضب : أيه عايزين أجبلك القرف إلى بتبلعيه عشان تتوازنى ....
أتسعت عيونها بدهشه ....هو يعلم ...يعلم بأدمانها ..... يعلم بعارها ... لا يمكن أن تشعر بالخزى أكثر من ما تشعر به الآن
جاء صوته مكملاً ينتزعها من خزيها : أيه مستغربه ...أنتى مش واخده بالك أنك بتتكلمى مع دكتور ولا أيه ..يعنى فاهم كل الأعراض وهى باينه عليكى زى الشمس
فالحقيقه هو كان مجرد شك ..شك كان يزداد يقين كلما قابلها ... والآن شحوب وجهها كان أبلغ تأكيد لظنونه
بللت شفتيها وقالت بضعف : ساعدنى يا أسامه
سكتت قليلاً لمظهرها وعيونها التى تتوسله أن ينقذها وكان للحظه سيضعف ولكنه وجد نفسه يقول بكل برود : آسف ما بساعدش مدمنين .................................................. .................................................. .................................
أنت تقرأ
(فداويني بترياقك) الجزء الثالت من سلسلة داء العشق
Romanceتجذبنى إليك تاره ..... وتبعدنى عنك تاره وبين البعد واللقاء تتوقف الأزمنه .... لا أعلم من أنا ..لا أجد نفسى سوا معك .... وتضيع نفسى معك لا تفهمنى ..أعذرك ..فأنا أيضاً لا افهم نفسى .... تقيدنى بقيدوك وأن حللت قيدى تمسكت أنا به . أنظر أليك أجدك الداء و...