18-كذبة بيضاء

21.8K 1.3K 41
                                    

قبل ان اتمكن من قول اي شيء كان بيتر قد فتح الباب و أطل بوجهة الْخَالِ من الملامح - و الذي قد يساء فهمه بانه وجه شخص سيء- اتسعت عينا والدتي .كنت اعلم بما تفكر و بينما حاولت ان اجد طريقة اشرح لها ما يحدث كان الاوان قد فات .
انطلقت امي نحو بيتر المتفاجئ و المتوتر .
امي و قد وقفت أمامه بغضب " هل انت من تسبب بكل هذا لابنتي أيها المجرم الحقير ؟! سأدمرك .. لن تنجو بفعلتك"
قبل ان يستوعب مقصدها ليرد عليها كانت قد هجمت على بيتر تضربه بحقيبتها الكبيرة و القاسية على رأسه.
انطلقت مذعورة احاول تهدأة امي و حماية بيتر من ضرباتها الموجعة . هي توقفت بالفعل عندما وقفت امام بيتر احميه و اخذت تحملق فيّ بغضب." يا إلهي! انظري ما فعله بكِ ! من يكون! و لمَ لم تشتكي الى الشرطة جاين!؟؟؟"
انا " امي هو لم يتعمد ايذائي .." كنت اقصد عندما أنقذته و أذيت قدمي لكن امي فهمت الامر بأني أدافع عن بيتر الذي يعنفني و قاطعت حديثي قبل ان اكمل شرحي بعد ان إزالتني عن طريقها و عادت لتهجم عليه . عندها صرخ بيتر غاضباً" يكفي!" دوى صوته في الشقة عندها توقفت امي لتستمع له " لمَ لا تعرفين اولاً ما يجري انا بريء و ضرباتكِ مؤلمة .." توقف عن الكلام و قد استعاد نظرة الخوف من امي مجدداً . استدركت الامر بسرعة و جررت امي نحو الأريكة لتجلس بينما اشرح لها. ما يحدث .

بصعوبة أقنعتها بانه لم يعنفني او يسيء الي احد. و عندها نظرت نحوي بعينين مخيفتين و هي لا تزال غاضبة لكن مني تلك المرة " هل جننتي!؟كيف تبقين مع رجل بمفردكِ ؟ لا مزيد من التجوال بمفردك ِ. انتِ اتية معي لقد ظننت انك فتاة مسؤولة لكن.."
انا و قد أرعبني ما ستفعله قاطعتها " امي رجاء انتظري .. لمٓ لا تشربين بعض الماء بينما اخبركِ بالسبب ؟"

نظرت الى بيتر الذي جلس معنا و قد فهم اني اريد منه احضار بعض الماء فنهض مغادراً بينما همست لها " امي انا فتاة صالحة . يجب ان تعلمي هذا اكثر من اي شخص اخر ،فأنتِ من ربيتِني وعنيتِ بي.و السبب الوحيد الذي يجعلني أقيم مع هذا الشاب هو انه شاذ و ان تعرفتِ عليه ستعلمي انه من العادي بل و من الآمن البقاء معه كما لو كان اي فتاة اخرى تقيم معي..هو لا يحب ان يعرف الاخرين بسره لذا ادعي انكِ لا تعرفين " و ابتسمت لها بخوف ادعو الله ان تصدق قولي بينما هي قالت مشككة " هل هو شاذ؟" كانت تهمس و انا اومأت بنعم بينما اخبرها ان تخفض صوتها. قالت هامسة " هل هو حقاً...؟؟؟"

اومأت رأسي مؤكدة. كان ماقلته لها كافياً بان يجعلني أفر من المزيد من المسائلة.
عاد بيتر مع كأس الماء و جلس بجواري بينما امي تشرب الماء و همس لي " لا تقلقي سأتحمل المسؤولية جاين " لقد كان كلامه لطيفاً وجعلني اندم انني كذبت ووصفته بالشاذ عند امي لكن ما كان قد كان .
انا " لا بأس لقد تدبرت الامر " ابتسمت نحوه بتوتر بينما نظر نحوي و هو حائر .
عندما أنهت امي شرب الماء تحدثت " اعتذر منك يا بني . لقد اسأت فهم الامر لم اكن اعلم شيئا عن ..خياراتك في الحياة .. احم" شعرت بالحرج والدتي وهي تحاول ان لا تنطق بكلمة شاذ امامه بينما بقيت اردد دعوة الى الله ان لا يصيب بيتر الغضب ويدمر كل شيء.
اجاب بيتر بعد لحظات من الذهول الواضح في عينيه و بأدب " لا بأس ، انا بخير "
واصلت حديثها موجهة خطابها لي هذه المرة " اه لقد كان متعباً حقاً ان أقوم بهذه الرحلة لمفاجئتكِ انتِ تعلمين كم انا دائماً مشغولة "
انا " اشكركِ امي لقد افتقدتكِ كثيراً منذ اخر لقاء لنا " ذهبت اليها فضمتني نحوها و كم كنت بحاجة الى حنان حضنها الدافئ.
امي " يجب ان نذهب الان لقد حضّرتُ لكي نستمتع بالمنتجع الصحي .." توقفت امي و نظرت نحو بيتر ثم ابتسمت ابتسامة عريضة و وجهت خطابها لبيتر " يجب ان تأتي انت أيضاً معنا يا .."
بيتر " بيتر اسمي هو بيتر " مد يده ليصافحها و قد جاء التعريف متأخراً . صافحته امي و هي تعتذر عن سوء الفهم مجددا. ثم سحبت يده تتحسسها بشكل محرج لي و هي تقول " لماذا لا تأتِ معنا الى المنتجع لا داعي للشعور بالخجل بامكانك مرافقتنا بما انك ششش..."ادركت غلطتها متأخرة فتوقفت عند حرف الشين مشددة وهي تبتسم باحراج لا تعلم كيف تخرج من ذلك الوضع
انا متوترة و قد عرفت ان امي عالقة " امي بيتر لا يستطيع لديه خطط مسبقة لليلة "
بيتر " نعم .. اعتذر على ذلك . جاين هل بأمكانك ان تأتي للحظة ؟"
كان وجهه ممتقعاً احمرا من شدة كبته لغيظه ومستاء بشكل واضح. لم اعرف ما الامر بينما تبعته بصمت الى المطبخ .
أمسك بيدي ليسحبني الى نقطة غير مرئيّة لامي و هو يقول و قد اقترب مني كثيرا حتى لم يعد بيننا سوى بضع سنتيمترات و اخذت اشعر بقلبي يضطرب رغم انني اعلم ان ذلك لم يكن الوقت المناسب ،لكن من كان سيشرح ذلك لقلبي المشوش وقتها!
. قال غاضباً و انا خائفة " اعترفي بماذا اخبرتِ امكِ عندما ذهبت لإحضار الماء؟"
تلعثمت قبل ان اعترف " اا.. انا .. لقد أخبرتها ... انك لا تحب النساء " قلت المقطع الاخير بصوت منخفض ثم نظرت نحوه و هو كمن لو يريد قتلي كان يحاول جاهدا التحكم بحنقه علي . شعرت بالذعر لكنه ابتعد بعد لحظات لقد كان ذاهباً لاخبار امي الحقيقة .
جريت و أمسكت بذراعيه بقوة و انا مستميتة" ارجوك بيتر سأفعل ما تريد فقط دع الامر هكذا امي ستأخذني معها اذا أخبرتها و لن اتمكن من البحث عن كايل ابدا مجددا. ارجوك .." توقف و نظر نحوي مستاء لكنه بدى انه يفكر متردداً بينما اخذت اتوسل اليه بعينيّ متمسكة به بقوة كما لو انه الحياة بذاتها.
همست متوسلة و أكاد ابكي " ارجوووك!"
تنفس زافراً و هو مغمض عينيه ثم قال " بشرط ان تعديني ان لا تقولي شيء كهذا عني ابداً مجدداً!"
انا فرحة " اعدك .. اعدك!"
خرجنا عائدين الى امي .بعدها أخبرتني ان علينا الذهاب و اخذت متعلقاتي . قبل ان نغادر الشقة احتضنت امي بيتر بقوة و هي تقول " اتمنى ان تجد الطريق الصحيح يوما ما، بني !" نظر نحوي بيتر بنظرات مجرم على وشك ذبحي و هو لا يزال غارقاً في حضنها القاتل بينما هز رأسه موافقاً لما قالته عندها حررته من عناقها و هممنا بالمغادرة عندما اقترح بيتر " لمَ لا تدعوني اوصلكم؟ "
ابتسمت امي و هي تقرص خده " موافقة .انت لطيف حقاً بيتر بوركت يا ولدي "
طوال الطريق اخذت اتكلم مع امي التي كانت قد عادت الى طبيعتها المسالمة .
نزلنا في الفندق الذي كانت امي قد حجزت فيه .فودعنا بيتر و ما ان مشيت بضع خطوات حتى رن هاتفي بصوت رسالة فتحتها لأقرأ:
- بيتر -
" اعلمي انكِ مدينة لي بحياتكِ "
ألتفت اليه و هو في السيارة لا يزال واقفاً ابتسمت و لوحت له . لقد كنت بالفعل مدينة له بالكثير.
***
استمتعت كثيراً مع والدتي خلال اليومين التي بقت فيهما معي . كنت قد اشتقت لحديثنا معاً و مشاهدتنا للأفلام الكوميدية - التي كانت تستهوي امي - طوال الليل.
في اليوم التالي ذهبنا للتسوق ورؤية معالم المدينة.
غادرت ليلتها والدتي واستماعاً الى أوامرها بقيت في نفس الفندق بعد رحيلها لانها أخبرتني بأنها لا تريد للناس ان تتحدث عني بشأن بقائي مع بيتر حتى و ان كان شاذاً فالناس كانت بكل الاحوال ستدعوني بألفاظ سيئة لانهم لا يعلمون بالامر . هززت رأسي موافقة وانا اعتزم ان لا استمع اليها على اية حال. لكنها في الاخير جعلتني اقسم بعدم عودتي للسكن مع بيتر ،كما لو كانت تعلم بمخططي.

في اليوم التالي لرحيل امي كنت قد اشتقت لبيتر الذي اعتدت على رؤيته في كل وقت طوال الفترة الماضية، لكني قررت ان اعوّد نفسي على هذا الوضع فنحن في الاخير كنّا ستفترق على اية حال .
خرجت أجوب المدينة كالمعتاد في اي مدينة ادخلها: ابحث عن كايل .كان أسلوبي في البحث يعتمد على الصدفة و رغبة القدر في جمعنا لاني لم امتلك اي معلومات تمكنني من اجراء بحث عملي. كنت وقتها واثقة دون أدنى شك و لسبب غامض انني سأجد كايل في النهاية .
في المساء وصلتني رسالة من بيتر يخبرني ان احضر الى احد المقاهى .
سعدت لرؤية رسالته و أسرعت بالذهاب إليه . عندما وصلت وجدت بيتر و هو يجلس وحيداً على احدى الطاولات يشرب و قد بدى حزيناً للغاية. احسست بالالم في قلبي لرؤيته على ذلك الحال و شعرت بالمسؤولية .
جلست الى جواره حيث ادرك حضوري بتفاعل بارد منه.
بيتر " تبدين مشعة اكثر من اللازم!"
ابتسمت و اخبرته بمدى سعادتي بقضاء وقتي مع امي التي كنت قد اشتقت اليها كثيرا.
ثم سألني بملل "هل لا زالت والدتكِ هنا؟" .
انا " لقد سافرت بالامس .. اعتذر لك بشأن ما حدث فأمي تصبح عنيفة جداً عندما يتعلق الامر بي"
بيتر ساخراً" لم أعد اتساءل كيف لفتاة ان تكون قوية هكذا بعد رؤية والدتك"
نظرت اليه بسخط كان ذلك شيئاً سيئاً ليقوله.
نظرت الى عيني بيتر شيء ما كان يثقله و كان يهرب مجدداً من مشاكله . علمت ان امامي ليلة طويلة لأعرف ما يحدث مع ذلك الانتحاري الحزين.

©ManarMohammed

مــن  انـت ؟ ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن